الدليل على سقوط الشفعة بالوكالة وقال بعض الشافعية إن كان وكيلا للبايع فلا شفعة له وإن كان وكيلا للمشترى ثبتت له الشفعة والفرق إنه إذا كان وكيلا في البيع لحقته التهمة وفي الشراء لا تهمة وقال أهل العراق إذا كان وكيلا للمشترى سقطت شفعته بناء على أصلهم إن الوكيل يملك ولا يستحق على نفسه الشفعة ويحتمل.
عندي قويا بطلان الشفعة لان التوكيل يدل على الرضاء بالبيع. مسألة. لو أذن الشفيع في البيع فقال بع نصيبك وقد عفوت عن الشفعة أو أبرء عن الشفعة قبل تمام البيع أو أسقط حقه أو عفى قبل العقد لم تسقط شفعته وبه قال الشافعي وحكى عن عثمان البتي إنه قال تسقط الشفعة لرواية جابر عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الشفعة في كل شرك بأرض أو ربع أو حايط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع فأجاز تركه والمراد العرض على الشريك ليبتاع ذلك إن أراد فيخف بذلك مؤنة عليه في أخذ المشترى من الشقص لان قوله (ع) فيأخذ ليس بالشفعة لان العرض متقدم على البيع والاخذ متعقب للعرض فقوله أو يدع أي يدع الشراء لا أنه يسقط حقه بتسليمه والأصل فيه إن ذلك إسقاط حق قبل وجوبه فلا يصح كما لو أبرأه مما يدينه إياه وكذا لو قال للمشترى اشتر فلا أطالبك بالشفعة وقد عفوت عنها لم يسقط حقه بذلك فروع - آ - إذا شهد الشفيع على البيع لم تبطل شفعته بذلك لأنه قد يريد البيع ليأخذه بالشفعة وكذا في الاذن بالبيع على ما تقدم - ب - لو بارك للبايع فيما باع أو للمشترى فيما اشترى لم تسقط شفعته وقد سلف - ج - لو قال الشفيع للمشترى بعني أو قاسمني بطلت شفعته لأنه يتضمن الرضا بالبيع واجازته له - د - لو شرط الخيار للشفيع فاختار الامضاء سقطت شفعته ان ترتبت على اللزوم. مسألة. لو باع أحد الشركين نصيبه ولم يعلم شريكه حتى باع نصيبه ثم علم بيع شريكه فالأقرب عدم الشفعة لأنها إنما ثبتت لزوال الضرر بها عن نصيبه فإذا باع نصيبه فلا معنى لاثباتها كما لو وجد بالمبيع عيبا ثم زال قبل علم المشترى وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه تثبت له الشفعة في النصيب الأول لأنه استحق فيه الشفعة بوجود ملكه حين التبايع فلم يؤثر زوال ملكه بعد ذلك وكذا البحث لو وهب نصيبه قبل علمه بالبيع ثم علم وكذا لو تقايلا في هذا بالبيع الثاني إذا عرفت هذا فان قلنا لا شفعة له فللمشتري منه الاخذ بالشفعة لوجود المقتضى وهو الشركة وإن قلنا له الشفعة فالأقرب عدم استحقاق المشترى منه للشفعة إن قلنا بانتفاء الشفعة مع الكثرة وإلا فإشكال أقربه ذلك أيضا لان الشفعة استحقها البايع الجاهل لسبق عقد الشفعة على عقده فلا يستحقها الاخر لامتناع استحقاق المستحقين شيئا واحدا ولو كان الجاهل قد باع نصف نصيبه وقلنا بالشفعة مع الكثرة فوجهان أحدهما إنه تسقط الشفعة وهو أحد قولي الشافعي كما إذا عفى عن بعض الشفعة والثاني لا يسقط لأنه قد بقى من نصيبه ما يستحق به الشفعة في جميع المبيع لو انفرد كذا إذا بقى و لأنه معذور بجهله وقد بقيت الحاجة الموجبة للشفعة للمشاركة ولو باع الشفيع نصيبه عالما أو وهبه عالما بثبوت الشفعة بطلت شفعته سواء قلنا إن الشفعة على الفور أو على التراخي لزوال ضرر المشاركة ولو باع بعض نصيبه عالما فإن قلنا ببطلان الشفعة مع الكثرة فكذلك لتكثر الشركاء وإن قلنا بثبوتها معها فالأقرب البطلان أيضا لثبوت التضرر بالشركة فلا أثر للشفعة في زوالها ويحتمل عدم البطلان لان تضرر الشركة قد يحصل مع شخص دون آخر ولهذا قلنا إنه إذا بلغه ان المشترى زيد فترك الشفعة ثم بان إنه عمرو لم تبطل شفعته كذا هنا أما لو طلب بالشفعة فامتنع عليه المشترى من الدفع بعد ان بذل له المال لم تسقط شفعته فإن باع نصيبه حالة المنع منها ثم تمكن من الطلب ففي ثبوته إشكال ينشأ من استحقاقه للطلب أولا وقد طلب فلا تبطل شفعته بالبيع والبيع معذور فيه لامكان حاجته ومن بطلان العلة الموجبة للشفعة وهي الشركة وهو أقرب ولو تملك بالشفعة فقال تملكت بالشفعة حالة منع المشترى منها فالأقرب إنه يملك الشقص بذلك فإذا باع نصيبه بعد ذلك لم تسقط شفعته على هذا التقدير قطعا وكذا له النماء من المشترى والأجرة. مسألة. إذا وجبت الشفعة واصطلح الشفيع والمشترى على تركها بعوض صح عندنا وسقطت الشفعة وبه قال مالك لعموم جواز الصلح ولأنه عوض على إزالة ملك في ملك فجاز كأخذ العوض على تمليك امرأته امرها في الخلع وقال أبو حنيفة والشافعي لا تصح المعاوضة إنه خيار لا يسقط إلى مال فلا يجوز أخذ العوض عنه كخيار المجلس وهل تبطل الشفعة للشافعي وجهان أحدهما البطلان لأنه تركها بعوض لا يسلم له فكان كما لو تركها والثاني لا تسقط لأنه لم يرض بإسقاطها مجانا وإنما رضي بالمعاوضة عنها فإذا لم يثبت له المعاوضة كانت الشفعة باقية وهذان الوجهان جاريان في الرد بالعيب إذا عاوض عنه وقلنا لا يصح المعاوضة وعندنا إنه يصح المعاوضة أيضا. مسألة. إذا وجبت الشفعة في شقص فقال صاحب الشفعة أخذت نصف الشقص لم يكن له ذلك وهل تسقط شفعته قال محمد بن الحسن وبعض الشافعية نعم لأنه إذا طلب بعضها فقد أخر بعضها فقد ترك شفعته في بعضها وإذا ترك بعضها سقطت كلها لأنها لا تتبعض وقال أبو يوسف لا تسقط لان اختياره لبعضها طلب للشفعة ولا يجوز أن يكون هو بعينه تركا لها لعدم دلالة الشئ على نقيضه وإنه لما لم يجز له أن يأخذ بعضها دون بعض كان طلب بعضها كطلب جميعها واعترض بأن طلب البعض لا يكون طلبا للجميع ولا معنى لطلب الجميع بطلب البعض ولا غرض فسقط. البحث السابع. في تفاريع القول بالشفعة مع الكثرة. مسألة. اختلف القائلون بثبوت الشفعة مع الكثرة من أصحابنا ومن العامة هل هي على عدد الرؤس أو على قدر الانصباء فذهب بعض علمائنا إلى أنها تثبت على عدد الرجال فلو كان لاحد الشركاء النصف وللباقين النصف الآخر بالسوية فباع صاحب الربع نصيبه كانت الشفعة بين صاحب النصف وصاحب الربع بالسوية وبه قال الشعبي والنخعي وابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو حنيفة وأصحابه والمزني والشافعي في أحد القولين واحمد في أحد الروايتين لقول أمير المؤمنين (ع) الشفعة على عدد الرجال ولان كل واحد منهم لو انفرد كان له أخذ الكل فإذا اجتمعوا اشتركوا كالبنين في الميراث وكما لو كان لواحد من الثلاثة نصف عبد وللثاني ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب الثلث والسدس حصتهما معا دفعة وهما موسران فإن النصف يقوم عليهما بالسوية وإن اختلف استحقاقهما وقال بعض علمائنا إنه تثبت على قدر النصيب وبه قال عطا ومالك وإسحاق واحمد في الرواية الأخرى والشافعي في القول الآخر وهو مذهب سوار القاضي وعبيد الله بن الحسن العنبري لأنه حتى يستفاد بسبب الملك فكان على قدر الاملاك كالغلة ثم نقضوا الأول بالفرسان والرجال له القيمة من انفرد منهم استحق الكل وإذا اجتمعوا تفاضلوا وكذا أصحاب الديون إذا كان من عليه الدين ماله مثل أقل الديون والمعتقان استويا لان العتق إتلاف النصيب الباقي وسبب الاتلاف يستوى فيه القليل والكثير كالنجاسة تقع في المايع وهنا يستحق بسبب الملك فافترقا والفرق ظاهر فإن الفرس كالفارس فلا تفاضل في الحقيقة والدين كالكسب الحاصل لأرباب الديون فكانوا فيه على قدر رؤوس أموالهم إذا ثبت هذا فإن قلنا الشفعة على عدد الرؤس فلا بحث فإن قلنا على قدر الانصباء فلو كان لأحدهما النصف وللآخر الربع والمبيع الربع استحق صاحب النصف ثلثي المبيع وصاحب الربع ثلثه فيقسم الجملة من اثني عشر لصاحب النصف ثمانية ولصاحب الربع أربعة فقد صار لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث. مسألة. إذا تزاحم الشركاء فالأقسام ثلاثة الأول ان يتفقوا على الطلب فإن كانوا حاضرين بأجمعهم حالة البيع فتثبت بينهم الشفعة على عدد الانصباء أو على عدد الرؤس فلو كانت الدار بين أربعة بالسوية باع أحدهم نصيبه كان للثلاثة الباقية اخذها بالشفعة فتصير الدار أثلاثا بعد إن كانت أرباعا الثاني أن لا يكونوا بأجمعهم حاضرين فأما إن يكونوا بأجمعهم