نعم لو خاف ضررا على ما قلناه أولا فأخر التوكيل لم تبطل شفعته ولو لم يمكنه التوكيل ولا الطلب وأمكنه الاشهاد على الطلب وجب عليه الاشهاد فإن أهمل الاشهاد لغير عذر بطلت شفعته عند بعض الشافعية لأنه قد يترك الطلب للعذر وقد يتركه لغير عذر فإذا لم يشهد لم يعلم أنه لعذر فسقطت شفعته والثاني وهو الأقوى عندي إنه لا يحتاج إلى الاشهاد لأنه إذا ثبت عذره كان الظاهر إنه تركت الشفعة لأجل ذلك فقبل قوله في ذلك وأما المحبوس فإن كان حبسه ظلما بغير حق أو بحق هو عاجز عنه فحكمه كالمريض إن لم يمكنه التوكيل لم تسقط شفعته وإن أمكنه ولم يفعل سقطت وللشافعية الوجهان السابقان ولو كان محبوسا بحق يقدر على أدائه ويجب عليه دفعه وهو مماطل به فإن وكل جاز وإن لم يوكل بطلت شفعته لأنه تركها مع القدرة عليها وبه قال الشافعي وأما الغائب فإذا بلغته الشفعة فإن أمكنه السير فسار أو وكل في الطلب لم تسقط (شفعة صح) وإن تعذر عليه المسير والتوكيل فحقه باق وإن أمكنه التوكيل فلم يوكل كان على الوجهين في المريض إذا ثبت هذا فكل موضع اخر لعذر فهل يجب عليه أن يشهد على نفسه أنه على الطلب وجهان تقدما والخوف من العدو كالمريض وكذا خوف الطريق أو عدم الرفيق مع الحاجة إليه والخوف على ضياع شئ من ماله أعذار والمسافر إذا بلغه الخبر (والا انتظر من يعتمد عليه ويثق بالسفر معه فيسافر أو يبعث معه الوكيل صح)؟ يخرج طالبا عند بلوغ الخبر أو يبعث وكيلا مع أمن الطريق والحر والبرد المفرطان اللذان بتعذر السفر معهما كالخوف وإذا لم يشهد على الطلب مع إمكانه ففي بطلان الشفعة ما تقدم من الوجهين ولو سافر المسافر في الحال طالبا للشفعة لم تسقط شفعته بترك الاشهاد ولا يكون الاشهاد واجبا وكذا لو بعث وكيله في الحال ولم يشهد وللشافعي قولان وكذا لو كان حاضرا في البلد فخرج في الحال إلى المشترى أو إلى الحاكم ولم يشهد. مسألة. إذا علم بالشفعة مضى إلى المشترى ولا يحتاج أن يرفع إلى الحاكم لان الشفعة تثبت بالنص والاجماع فلا يفتقر إلى الحاكم كمدة الايلاء والرد بالعيب وبه قال الشافعي فإذا لقى المشترى بدأه بالسلام لأنه سنة قال رسول الله صلى الله عليه وآله من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه فيقول السلام عليكم أو سلام عليكم ولا يبطل بذلك شفعته قال الجويني ومن عذر في اشتراط قطع ما هو مشغول به من الطعام وقضاء الحاجة لم يبعد أن يشترط فيه ترك الابتداء بالسلام وكذا لا تبطل لو قال عقيب السلام حديثا آخر يتصل بالسلام كقوله بارك الله لك في صفقة يمينك قال الشافعي لا تبطل الشفعة لان ذلك يتصل بالسلام ويكون دعاء لنفسه لان الشقص يرجع إليه وله قول آخر البطلان ولو قال غير ذلك فقد أخر الشفعة لغير عذر ولو قال عند لقائه بكم اشتريته لم تبطل شفعته وهو أحد قولي الشافعية لافتقاره إلى تحقق ما أخذ به وقال الباقون تبطل لأنه تأخير لان من حقه أن يظهر الطلب ثم يبحث ولو قال اشتريت رخيصا وما أشبهه بطلت شفعته لأنه فضول. مسألة. ولو لم يمض الشفيع إلى المشترى ومشى إلى الحاكم وطلب الشفعة لم يكن مقصرا في الطلب سواء ترك مطالبة المشترى مع حضوره أو غيبته أما لو اقتصر على الاشهاد بالطلب ولو لم يمض إلى المشترى ولا إلى القاضي مع إمكانه قال الشيخ (ره) لا تبطل شفعته لعدم الدليل عليه وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يكون مقصرا وبطلت شفعته ولو جهل البطلان كان عذرا ولم يكن مقصرا كما لو جهل أصل الشفعة ولو كان المشترى غايبا رفع أمره إلى القاضي وأخذه ولم يكف الاشهاد ولو لم يتمكن من الرفع إلى المشترى ولا إلى القاضي كفاه الاشهاد على الطلب فإن تمكن بعد ذلك من المضي إلى المشترى أو القاضي فالأقرب عدم الاكتفاء بالاشهاد السابق فيكون مقصرا لو لم يمض إلى أحدهما لان الالتجاء إلى الاشهاد كان لعذر وقد زال ولو لم يتمكن من المضي إلى أحدهما ولا من الاشهاد فهل يؤمر أن يقول تملكت الشقص أو أخذته الأقرب ذلك لان الواجب الطلب عند القاضي أو المشترى فإذا فات القيد لم يسقط الآخر وللشافعية وجهان. مسألة. لا يجب الطلب في بلد المبايعة فلو باع الشقص بمصر ثم وجد الشفيع المشترى بمصر آخر فأخر الطلب فلما رجعا إلى مصره طالبه بالشفعة لم يكن له ذلك وسقطت شفعته فإن اعتذر الشفيع عن التأخير بأني إنما تركت الطلب لا آخذ في موضع الشفعة لم يكن ذلك عذرا وقلنا له ليس تقف المطالبة على تسليم الشقص فكان ينبغي أن تطلبها حال علمك بها فبطل حقك لاستغناء الاخذ عن الحضور عند الشقص مسألة. لو أظهر المتبايعان إنهما تبايعا بألف فترك الشفيع الشفعة فعفى أو توافي في الطلب ثم بان أنهما تبايعاه بأقل من ذلك لم تسقط الشفعة وكان للشفيع المطالبة بها لاحتمال أن يكون الترك لأجل كثرة الثمن فإذا كان أقل منه رغب فيه فلم يسقط بذلك الترك شفعته وكذا لو بلغه إنه باعه بالثمن المسمى سهاما قليلة ثم ظهر إنها كثيرة وكذا إذا كانا قد أظهر إنهما تبايعا ذلك بالدنانير فترك ثم بان أنهما تبايعا ذلك بالدراهم تثبت الشفعة سواء كانت بقيمة الدراهم أو أكثر أو أقل وبه قال الشافعي وزفر لأنه قد يكون له غرض في ذلك بأن يكون مالكا لاحد النقدين دون الذي وقع التبايع به وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إذا كانت قيمتها سواء سقطت شفعته وبه قال بعض الشافعية لأنهما يجريان مجرى الجنس الواحد وكذا إن أظهر له إن زيدا اشتراها فترك الشفعة فبأن أن المشترى عمرو وإن زيدا كان وكيلا لعمرو لم تبطل الشفعة وكان له المطالبة بها لاحتمال أن يكون يرضى بشركة زيد ولا يرضى بشركة عمرو ولو ظهر كذب نوع الثمن فقال اشتريته بدراهم راضية فترك الشفعة فظهر انه اشترى بدراهم رضوية لم تبطل شفعته وكان له الطلب وكذا لو أخبر بأن المشترى اشترى النصف بمائة فترك الشفيع ثم ظهر إنه اشترى الربع بخمسين أو بالعكس تثبت الشفعة لأنه قد يكون له غرض في القليل وقد يكون له أيضا غرض في الكثير وكذا لو قيل له باع كل نصيبه فترك ثم ظهر بعضه أو بالعكس أو أنه باعه بثمن حال فترك ثم ظهر إنه مؤجل أو إنه باعه إلى شهر فترك فظهر انه إلى شهرين أو بالعكس أو أنه باع رجلين فبأن رجلا أو بالعكس فترك الشفعة قبل ظهور (الحال لم تبطل صح) الشفعة لاختلاف الغرض بذلك ولو ظهر بأن الثمن عشرة فترك الشفعة ثم ظهر أن الثمن عشرين أو أخبر بأن الثمن مؤجلا فترك فبأن حالا أو إن المبيع الجميع بألف فبأن إن البعض بألف بطل حقه من الشفعة قطعا ولو أخبر انه اشترى النصف بمائة فترك الشفعة ثم ظهر إنه اشترى الربع بخمسين أو بالعكس يثبت الشفعة لأنه قد يكون له غرض في القليل أو الكثير ولو بلغه إن المشترى واحد فترك الشفعة ثم ظهر إنه ذلك الواحد وآخر فله الشفعة من كل منهما ومن أحدهما إن قلنا بثبوت الشفعة مع الكثرة لأنه ترك الذي ترك له على أنه اشترى الجميع فإذا كان اشترى البعض يثبت له وأما الآخر فلم يتركه له. مسألة لو أخر الطلب واعتذر بحصول مرض أو حبس أو غيبة وأنكر المشترى قدم قول الشفيع إن علم حصول العارض الذي أدعاه له وإن لم يعلم له هذه الحال قدم قول المشترى لأصالة العدم وأصالة عدم الشفعة ولو قال لم اعلم ثبوت حق الشفعة فإن كان قريب العهد بالاسلام أو قال أخرت لانى لم أعلم أن الشفعة على الفور أو نشاء في برية لا يعرفون الاحكام قبل قوله وله الاخذ بالشفعة وإلا فلا. مسألة. لو ضمن الشفيع العهدة للمشترى أو ضمن الدرك للبايع عن المشترى قال الشيخ (ره) لا تسقط شفعته وبه قال الشافعي وكذا إذا شرطا الخيار للشفيع إذا قلنا بصحة اشتراط الخيار للأجنبي لان هذا سبب سبق وجوب الشفعة فلا تسقط به كما إذا أذن له في البيع أو عفى عن الشفعة قبل تمام البيع وقال أهل العراق إنه تسقط الشفعة لأن العقد تم به فأشبه البايع إذا باع بعض نصيبه لولا شفعة له قالت الشافعية هذا ليس بصحيح لان البيع لا يقف على الضمان ويبطل به إذا كان المشترى شريكا فإنه يثبت له الشفعة بقدر نصيبه والقول ببطلان الشفعة لا بأس به عندي لدلالة ذلك على الرضا بالبيع قال الشيخ (ره) ولو كان الشفيع وكيلا في البيع لم يسقط شفعته سواء كان وكيلا للبايع في البيع أو للمشترى الشراء وبه قال الشافعي لعدم
(٦٠٥)