غيابا أو بعضهم وعلى كلا؟ التقديرين لا يسقط شفعة الغائب بغيبته مع التأخر لمكان العذر فإن قدموا بأجمعهم فحكمهم حكم الحاضرين وإن حضر بعضهم فحكمه حكم ما إذا غاب البعض خاصة إذا ثبت هذا فإن كان الحاضر واحدا أو قدم بعد غيبة الجميع فليس له أخذ حصته فقط لما فيه من التبعيض والشفعة وضعت لإزالته فلا يكون سببا فيه ولما فيه من تضرر المشترى ولا يكلف الصبر إلى حضور الغياب لأنه إضرار به والمشترى بل يأخذ الجميع لان الحاضر هو المستحق للجميع بطلبه والغياب لم يوجد منهم مطالبة بالشفعة فحينئذ إما أن يأخذ الحاضر الجميع أو يترك ولو كان الحاضر اثنين أو قدم اثنان تساويا في أخذ الجميع أو الترك الثالث أن يطلب بعض الشركاء ويعفو بعضهم فالطالبون (بالخيار صح) بين أخذ الكل أو تركه ولو كان الباقي واحدا لان الشفعة إنما تثبت بسوء المشاركة ومؤنة القسمة فإذا أراد أن يأخذ من المشترى بعض الشقص لم يزل الضرر الذي لأجله تثبت الشفعة لان الشفعة إنما يثبت لإزالة الضرر عنه وفي تبعيض الشقص إضرار بالمشترى فلا يزال الضرر بإلحاق ضرر. مسألة. ليس للشفيع تشقيص الشفعة بل أمان يأخذ بالجميع أو يترك الجميع لما في التشقيص من الاضرار بالمشترى إذا ثبت هذا فلو عفى عن بعض الشفعة سقطت شفعته كالقصاص وهو أحد وجوه الشافعية والثاني لا يسقط شئ كعفوه عن حد بعض القذف والثالث يسقط ما عفى عنه ويبقى الباقي قال الصيد لانى؟ منهم موضع هذا الوجه ما إذا رضي المشترى بتبعيض الصفقة فإن أبى وقال خذ الكل أو دعه فله ذلك وقال الجويني هذه الأوجه إذا لم يحكم بأن الشفعة على الفور فإن حكمنا به فطريقان منهم من قطع بأن العفو عن البعض تأخير لطلب الباقي ومنهم من احتمل ذلك إذا بادر إلى طلب الباقي وطرد الوجه إذا تقرر هذا فنقول إذا استحق اثنان شفعة فعفى أحدهما عن حقه سقط نصيب العافي ويثبت جميع الشفعة للآخر فإن شاء أخذ الجميع وإن شاء تركه وليس له الاقتصار على قدر حصته لئلا تتبعض الصفقة على المشترى وهو أحد وجوه الشافعية والثاني إنه يسقط حقهما وهو اختيار ابن شريح كالقصاص والثالث لا يسقط حق واحد منهما تغليبا للثبوت والرابع يسقط حق العافي وليس لصاحبه أن يأخذ إلا قسطه وليس للمشترى إلزامه بأخذ الجميع هذا إذا ثبت الشفعة لعدد ابتداء ولو ثبت لواحد فمات عن اثنين فعفى أحدهما فهل له كما لو ثبت لواحد فعفى عن بعضها أم كثبوتها لاثنين عفى أحدهما للشافعية وجهان تذنيب لو كان للشقص شفيعان فمات كل عن اثنين فعفى أحدهم عن حقه فللشافعية وجوه - آ - إنه تسقط جميع الشفعة - ب - يبقى جميع الشفعة للأربعة لبطلان العفو - ج - يسقط حق العافي وأخيه خاصه لاتحادهما في سبب الملك ويأخذان الآخران - د - ينتقل حق العافي إلى الثلاثة فيأخذون الشقص أثلاثا - ه - يستحق حق العافي للمشترى ويأخذ الثلاثة ثلاثة أرباع الشقص - و - ينتقل حق العافي إلى أخيه فقط وعلى ما اخترناه نحن قبل ذلك فالوجه المعتمد هو الخامس من هذه الوجوه. مسألة لو مات عن اثنين وله دار فهي بينهما بالسوية فلو مات أحدهما وورثه إبنان له فباع أحدهما نصيبه فإن الشفعة تثبت لأخيه وعمه وبه قال الشافعي في الاملاء قال وهو القياس وبه قال أبو حنيفة واحمد والمزني لأنهما شريكان حال ثبوت الشفعة فكانت الشفعة بينهما كما لو ملك الثلاثة بسبب واحد وقال في القديم إن أخاه أحق بالشفعة وبه قال مالك لان الأخ أخص بشركته من العم لاشتراكهما في سبب الملك ولهذا لو قسمت الدار كانا حزبا والعم حزبا آخر فلا معنى للاختصاص لأن الاعتبار بالشركة لا بسببها وأما القسمة فإن القاسم يجعل الدار أربعة أجزاء اثنان للعم ولكل واحد جزء كما يفعل ذلك في الفرايض فروع - آ - لو قلنا يختص بالأخ كما هو أحد قولي الشافعي لو عفى عن الشفعة ففي ثبوتها للعم عند الشافعية وجهان أحدهما إنها لا تثبت لأنه لو كان مستحقا لما تقدم عليه غيره والثاني تثبت له لأنه شريك وإنما يقدم الأخ لزيادة قربه كما إن المرتهن يقدم في المرهون على باقي الغرماء فلو أسقط حقه أمسكه الباقون - ب - هذا الحكم لا يختص بالأخ والعم بل في كل صورة ملك شريكان عقارا بسبب واحد وغيرهما من الشركاء بسبب آخر فلو اشترى نصف دار واشترى آخران النصف الآخر ثم باع أحد الآخرين نصيبه فهل الشفعة للآخر الذي يشاركه في الشراء خاصة أو له وللأول صاحب النصف للشافعي قولان لاختلاف سبب الملك وكذا لو ورث ثلاثة دارا فباع أحدهم نصيبه من اثنين وعفى الآخر ثم باع أحد المشتريين نصيبه فهل تثبت الشفعة للمشترى الآخر لذلك على القولين - ج - لو مات صاحب عقار وخلف ابنتين وأختين فالمال بأجمعه عندنا للبنتين وعند العامة للبنتين الثلثان وللأختين الثلث فلو باعت إحدى الأختين نصيبها فهل تثبت الشفعة فالمال لأختها أو لها وللبنتين للشافعية وجهان أحدهما إن ذلك مبنى على القولين الذين ذكرناهما لاختلاف سبب الملك والثاني إنهم يشتركون في الشفعة قولا واحدا لان السبب واحد وهو الميراث وإن اختلف قدر الاستحقاق - د - لو مات الرجل عن ثلاث بنين وخلف دارا ثم مات أحدهم وخلف ابنين فباع أحد العمين نصيبه فهل يكون العم الآخر أحق بالشفعة أو يشترك هو وابنى أخيه للشافعية وجهان أحدهما ان ذلك على القولين والثاني إنهم يشتركون والفصل بين هذه وما تقدم من مسألة الأخ والعم إن هنا يقوم أبناء الميت منهم مقام أبيهم ويخلفونه في الملك ولو كان أبوهم باقيا شارك أخاه في الشفعة فلهذا شاركوه وفي مسألة الأخ والعم البايع ابن أخيهم وهم لا يقومون مقام أخيهم وإنما يقومون مقام أبيهم - ه - إذا قلنا إن الشفعة للجماعة قسم بينهم إما على قدر النصيب أو على عدد الرؤس فإن قلنا إن الشفعة لشريكه في النصيب دون غيره فلو عفى عن الشفعة فهل تثبت للشريك الآخر للشافعية وجهان أحدهما (انه لا يثبت لأنه شريكه وإنما يقدم عليه من كان أخص بالبايع فإذا عفى ثبت للشريك الآخر كما لو قتل واحد جماعة واحدا بعد واحد) ثبت القصاص للأول فإذا عفى الأول ثبت القصاص للثاني كذا هنا. مسألة. قد ذكرنا إنه إذا قدم واحد من الأربعة وتخلف اثنان وكان الرابع قد باع نصيبه أو كان واحد من الثلاثة حاضرا فإنه إما أن يأخذ الجميع أو يترك الجميع وليس له أخذ نصيبه لما فيه من تضرر المشترى فإن أخذ الجميع ثم قدم ثان أخذ منه النصف لأنه لا شفيع الان غيرهما ووجدت المطالبة منهما دون الثالث وكانت الشفعة بينهما فإن قدم الثالث أخذ منهما الثلث ليكونوا سواء فإن عفى الثاني استقر على الأول وإن عفى الثالث استقر عليهما ولو كان للشقص غلة حصلت في يد الأول لم يشاركه الثاني فيها لأنه ملك الجميع بالأخذ وقد حصل النماء في ملكه فكانت كما لو انفصلت في يد المشترى قبل الاخذ بالشفعة وكذا إن أخذ الثاني وحصلت الغلة في يده لم يشاركه الثالث فيها ولو خرج الشقص مستحقا قال أكثر الشافعية إن العهدة على المشترى يرجع الثلاثة عليه ولا يرجع أحدهم على الآخر لان الشفعة مستحقة عليهم وقال بعض الشافعية يرجع الثاني على الأول والثالث يرجع عليهما والأول يرجع على المشترى لان الثاني أخذ من الأول ودفع الثمن إليه وقال بعض الشافعية هذا الخلاف في الرجوع بالمغروم من أجرة ونقص قيمة الشقص فأما الثمن فكل يسترد ما يسلمه ممن سلمه إليه بلا خلاف وهو المعتمد مسألة. لو قال الأول لا آخذ الجميع وإنما انتظر مجئ الشركاء ليأخذوا أو يعفوا فالأقرب عدم سقوط شفعته بذلك لان له غرضا في الترك وهو أن لا يأخذ ما يؤخذ منه ويحتاج إلى ثمن كثير ربما لا يقدر عليه في تلك الحال ومع ذلك يؤدى حاله إلى عدم التمكن من العمارة على ما يريده وربما انتزع منه فيضيع تعبه وهو أحد قولي الشافعية والثاني إنه تسقط شفعته لأنه يمكنه الاخذ فلم يفعل فبطلت وليس بجيد لعدم تمكنه من أخذ حق لا ينازعه فيه غيره ولو قال الثاني لا آخذ النصف بل الثلث خاصة لئلا يحضر الثالث فيأخذ منى فله ذ لك لأنه يأخذ دون حقه بخلاف الأول لان آخذه لبعض الشقص تبعيض للشقص على المشترى وهو أصح وجهي الشافعية ويشكل بأنه يريد أن يأخذ بعض ما يخصه وليس لاحد الشفيعين أن يأخذ من الأول نصف ما يخصه فإن أخذ الثلث
(٦٠٧)