بل لا يستحق عليه في نصف النصيب لأنه أولي من الشريك الآخر ولا بعد في استحقاق الانسان على نفسه لأجل تعلق حق الغرماء كالعبد المرهون إذا جنى على عبد آخر لسيده فإنه يثبت للسيد على العبد أرش الجناية لأجل تعلق حق الغير به ولو لم يكن مرهونا ما تعلق به فعلى هذا يكون الثالث بالخيار بين أن يترك جميع المبيع أو يأخذ الجميع وعلى الأول يتخير بين أن يأخذ نصف المبيع أو يترك فإن قال المشترى خذ الكل أو اترك الكل وقد تركت أنا حقي لم يلزمه الإجابة ولم يصح إسقاط المشترى الشفعة لان ملكه مستقر على النصف بالشراء فأشبه ما إذا كان للشقص شفيعان حاضر وغائب فأخذ الحاضر الجميع ثم عاد الغائب له إن أخذ نصفه وليس للحاضر أن يقول اترك الكل أو خذ الكل وأنا تركت حقي ولا نظر إلى تبعض الصفقة عليه فإنه لزمن دخوله في هذا العقد وعن بعض الشافعية وجه إنه إذا ترك فيه المشترى حقه وجب على الآخر أخذ الكل أو ترك الكل كما إذا باع من أجنبي وله شفيعان فترك أحدهما حقه يأخذ الآخر الكل أو يترك الكل إلا أن هذا الترك سابق على اختيار التملك هناك وفيما نحن فيه اختار التملك بالشراء فلم يؤثر الاعراض بعده ولو كان بين اثنين دار فباع أحدهما نصف نصيبه من ثالث ثم باع النصف الثاني من ذلك الثالث فعلى أحد قولي الشافعية حكمه حكم ما لو باع النصف الثاني من أجنبي وعلى الاخر لا شفعة للمشترى وللشفيع الخيار بين أن يأخذ الكل أو يأخذ أحد النصفين دون الاخر. مسألة. تبرعات المريض عندنا من الثلث فلو باع المريض شقصا من دار وله شفيع فإما أن يبيع بثمن المثل أو بدونه فإن باع بثمن المثل لزم البيع ويثبت فيه الشفعة سواء كان المشترى والشفيع وارثين أو أحدهما أو غير وارثين وبه قال الشافعي لان البيع بثمن المثل لا اعتراض فيه وإنما يعترض على المريض في التبرع وبه قال أبو يوسف ومحمد أيضا وقال أبو حنيفة لا يصح بيعه من وارثه لأنه محجور عليه في حقه فصار كبيع الصبى وهو غلط لأنه محجور عليه في التبرع في حقه كما يحجر عليه في حق الأجنبي في الثلث ويصح أن يبيع منه بثمن مثله مطلقا كذا هنا وإن باع بدون ثمن المثل فلا يخلو إما أن يكون المشترى والشفيع أجنبيين أو وارثين أو المشترى وارثا والشفيع أجنبيا أو بالعكس فإن كانا أجنبيين فإن احتمل الثلث المحاباة صح البيع وأخذ الشقص بالشفعة فلا إشكال لان المحاباة وقعت في البيع فإذا وقع البيع مسترخصا لم يسقط حق الشفعة ولم يجز أن يأخذه بأكثره من الثمن وإن لم يحتمله كما لو باع شقصا مستوعبا يساوى ألفين بألف فإن رده والورثة بطل البيع في بعض المحاباة وهو ما زاد على الثلث وفي صحة البيع في الباقي للشافعية طريقان أحدهما التخريج على الخلاف في تفريق الصفقة عليه فإن اختار الشفيع أن يأخذه لم يكن للمشترى الرد وإن لم يرض الشفيع بالأخذ فللمشتري الخيار بين أخذ الباقي وبين الرد وعلى الصحة ففيما يصح البيع للشافعية قولان أحدهما إنه يصح في قدر الثلث والقدر الذي يوازى الثمن بجميع الثمن والثاني إنه لا يسقط من المبيع شئ إلا ويسقط ما يقابله من الثمن وهذا الأخير هو الأقوى عندي وقد تقدم بيانه فإن قلنا بالأول صح البيع في الصورة المفروضة في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن وإن قلنا بالثاني دارت المسألة وطريقة أن نقول البيع في شئ من الشقص بنصف شئ يبقى مع الورثة الفان يعادل شيئا ونصفا والشئ من شئ ونصف ثلثاه فعلمنا صحة البيع في ثلثي الشقص وقيمته ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث بثلثي الثمن وهو نصف هذا فيكون المحاباة بستة مائه وستة وستين وثلثين يبقى للورثة ثلث الشقص وثلث الثمن وهما ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث وذلك ضعف المحاباة وعلى التفريق للمشترى الخيار حيث لم يسلم له جميع الثمن فإن اختار أخذ الشفيع خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن على الأول وثلثيه بثلثي الثمن على الثاني ولو فسخ المشترى قبل طلب الشفيع لم يبطل الشفعة عندنا وللشافعي قولان ولو أجاز الورثة صح البيع في الجميع ثم إن قلنا إن اجازتهم تنفيذ لما فعله المورث أخذ الشفيع الكل بكل الثمن وإن قلنا إنها ابتداء عطيته منهم لم يأخذ الشفيع القدر النافذ بإجازتهم وأخذ القدر و المستثنى عن إجازتهم وفيه القولان لان المذكور إن عند الرد وإن كان وارثين أو كان المشترى وارثا فهي محاباة للوارث وهي عندنا صحيحة فالحكم فيه كما في الأجنبي أما الجمهور فإنهم منعوا من المحاباة للوارث فتكون المحاباة مردودة ثم للشافعي قولان فإن لم يفرق الصفقة بطل البيع في الجميع وإن قال بالتفريق فإن قال في القسم الأول على ما سبق من التصوير إن البيع يصح في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن فهنا في مثل تلك الصورة يصح البيع في نصفه بجميع الثمن وإن قلنا هناك يصح في ثلثيه بثلثي الثمن فهنا يبطل البيع في الكل لان البيع لا يبطل في شئ إلا ويسقط بقدره من الثمن فما من جزء يصح فيه البيع إلا ويكون بعضه محاباة وهي مردودة وفيه كلامان أحدهما إن المفهوم من هذا التوجيه شيوع المعاوضة والمحاباة في جميع الشقص وذلك لا يمنع تخصيص قدر المحاباة بالابطال كما إنه لم يمنع في القسم الأول تخصيص ما وراء القدر المحتمل من المحاباة بالابطال والثاني إن الوصية للوارث عندهم موقوفه على إجازة باقي الورثة على رأى كما أن الوصية بما زاد على الثلث موقوفة على إجازة الورثة على رأى فلنفرق هنا أيضا بين الإجازة والرد كما في الأول إذا عرفت هذا وقلنا بالأول تخير المشترى بين أن يأخذ النصف بكل وبين أن يفسخ لان الصفقة تفرقت عليه ويكون للشفيع أن يأخذ ذلك وإن كان وارثا لأنه لا محاباة فيه وإن أراد المشترى الرد وأراد الشفيع الاخذ كان حق الشفيع مقدما لأنه لا ضرر على المشترى وجرى مجرى المبيع المعيب إذا رضيه الشفيع لم يكن للمشترى رده وإن كان الشفيع وارثا دون المشترى فعندنا يصح البيع فيما يحتمل الثلث ويكون للشفيع أخذه بالشفعة وقالت الشافعية إن احتمل الثلث المحاباة أو لم يحتمل وصححنا البيع في بعض المحاباة في القسم الأول ومكنا الشفيع من أخذه ففيه وجوه - آ - إنه يصح البيع في الجميع ولا يأخذه الوارث بالشفعة وهو مذهب أصحاب أبي حنيفة أما صحة البيع فلان المشترى أجنبي وأما بطلان الشفعة فلانها لو ثبتت لكان المريض قد نفع وارثه بالمحاباة لان الشفعة تستحق بالبيع فقد تعذرت الشفعة (فلم تعد ذلك بابطال البيع لأنها فرع عليه وإذا بطل بطلت فلم تبطل لأجلها وهو أصح الوجوه عندهم لأنا إذا أثبتنا الشفعة صح) فقد جعلنا للوارث سبيلا في إثبات حق له في المحاباة ويفارق الوصية ممن له عليه دين لان استحقاقه للاخر إنما هو بدينه لا من جهة الوصية وهذا استحقاقه حصل بالبيع فافترقا - ب - إنه يصح البيع ويأخذه الوارث بالشفعة لان محاباة البايع مع المشترى وهو أجنبي عنه والشفيع يتملك مع المشترى ولا محاباة معه من المريض - ج - إنه لا يصح البيع أصلا لأنه لو صح لتقابلت فيه أحكام متناقضة لأنا لم نثبت الشفعة أضررنا بالشفيع وإن أثبتناها أوصلنا إليه المحاباة - د - يصح البيع في الجميع ويأخذ الشفيع ما يقابل الثمن منه ويبقى الباقي للمشترى مجانا لان المحاباة تصح مع الأجنبي دون الوارث ويجعل كأنه باع بعض الشقص منه ووهب بعضه فيأخذ المبيع دون الموهوب - ه - إنه لا يصح البيع إلا في القدر الموازى للثمن لأنه لو صح في الكل فإن أخذه الشفيع وصلت إليه المحاباة وإن أخذ ما وراء قدر المحاباة كان إلزاما بجميع الثمن ببعض المبيع وهو على خلاف وضع الشفعة ويضعف بأن صحة البيع لا تقف على اختيار الشفيع للشفعة وقد يقال في العبارة عن هذا الوجه إن ترك الشفيع الشفعة صحت المحاباة مع المشترى وإلا فهو كما لو كان المشترى وارثا فلا تصح المحاباة ووجه ترتيب هذه الأقوال أن يقال في صحة البيع وجهان إن صح فيصح في الجميع أو فيما وراء قدر المحاباة وجهان إن صح في الجميع فيأخذ الجميع بالشفعة أو ما وراء قدر المحاباة أو لا يأخذ شيئا ثلاثة أوجه وهذا عندنا كله ساقط. مسألة. من شرط الشفعة تقدم ملك الآخذ على ملك المأخوذ منه على ما سبق فلو كان في يد اثنين ملك اشترياه بعقدين وادعى كل منهما سبق عقده على عقد صاحبه وإنه يستحق الشفعة عليه فمن أقام البينة منهما على دعواه حكم له
(٥٩٤)