للكافر على الكافر وإن اختلفا في الدين لعموم الاخبار السالمة عن معارضة تسلط الكافر على المسلم وكالرد بالعيب فإن كان الثمن حلالا يثبت الشفعة وإن كان خمرا أو خنزيرا فإن لم يتقابضاه وترافعا إلى الحاكم أبطل البيع وسقطت الشفعة وإن وقع بعد التقابض والاخذ بالشفعة لم يرده ولا الشفعة وصح البيع والاخذ وإن كان بعد التقابض وقبل الاخذ بالشفعة لم يرد البيع لأنهما تقابضا الثمن ولم تثبت الشفعة وبه قال الشافعي لان البيع وقع بثمن حرام فلم يثبت فيه الشفعة كما لو كان ثمنه مغصوبا وقال أبو حنيفة تجب الشفعة بناء على أصله في أن الخمر مال لأهل الذمة وهو غلط ولو بيع شقص فارتد الشريك فهو على شفعته إن كانت ردته عن غير فطرة وكان المأخوذ منه كافرا و إن كان عن فطرة أو كان المأخوذ منه مسلما فلا شفعة قال الشافعي إن قلنا إن الردة لا تزيل الملك فهو على شفعته وإن قلنا تزيله فلا شفعة له فإن عاد إلى الاسلام وعاد ملكه ففي عود الشفعة خلاف والظاهر المنع وإن قلنا بالوقف فمات أو قتل على الردة فللامام أخذه لبيت المال كما لو اشترى معيبا أو بشرط الخيار وارتد ومات للامام رده ولو ارتد المشترى فالشفيع على شفعته. تذنيب ولو اشترى المرتد عن الفطرة فلا شفعة لبطلان البيع وعن غير فطرة تثبت الشفعة. مسألة. هل يثبت الشفعة للوقف على المساجد الربط المدارس مثلا كذا ويستحق رجل نصفها والنصف الآخر ملك المسجد اشتراه متولى المسجد له أو وهب منه لتصرفه في عمارته فباع الرجل نصيبه ففي جواز أخذ المتولي بالشفعة نظر قال الشافعي له ذلك مع المصلحة كما لو كان لبيت المال شريك في دار فباع الشريك نصيبه للامام الاخذ بالشفعة وعندي فيه نظر ولو كان نصف الدار وقفا والآخر طلقا فباع صاحب الطلق نصيبه فإن أثبتنا للموقوف عليه الملك وكان واحدا يثبت له الشفعة على رأى لرفع ضرر القسمة وضرر مداخلة الشريك وإن قلنا بعدم ملك الموقوف عليه أو كان متعددا وقلنا لا شفعة مع التعدد فلا شفعة وقال الشافعي إن قلنا لا يملك الوقف فلا شفعة وإن قلنا يملك فيبنى على أن الملك هل يفرز عن الوقف إن قلنا نعم ففي ثبوت الشفعة (وجهان أحدهما يثبت لدفع ضرر القسمة وعلى هذا فلو كان الوقف على غير معين أخذه المتولي إن رأى المصلحة وأظهرهما المنع لان الوقف لا يستحق بالشفعة صح) فينبغي أن لا يستحق به الشفعة ولنقص الملك فيه فإنه لا ينفذ تصرفه فيه فلا يتسلط على الاخذ وإن قلنا لا يفرز الملك عن الوقف فان منعنا من شفعة ما لا ينقسم فلا شفعة وإن أثبتناه فوجهان. مسألة. لا يستحق الشريك بالمنفعة شفعة فلو كان الشريك لا ملك له في الرقبة بل كان يستحق المنافع أو مؤقتة بالإجارة أو مؤيدة بالوصية لم يكن له الاخذ بالشفعة وكذا ليس للمتواجرين إذا آجر أحدهم أخذه بالشفعة ويثبت الشفعة للمكاتب وإن كان من سيده فلو كان السيد والمكاتب شريكين في الدار فلكل منهما الشفعة على الآخر والمأذون له في التجارة إذا اشترى شقصا ثم باع الشريك نصيبه كان له الاخذ بالشفعة إلا أن يمنعه السيد أو يعفو عن الشفعة وله العفو وإن كان مديونا معسرا وكان في الاخذ غبطة كما أن له منعه من جميع الاعتياضات في المستقبل ولو أراد السيد أخذه بنفسه كان له ذلك لان أخذ العبد أخذ له في الحقيقة وللشفيع الاخذ بنفسه وبوكيله فلا تعتبر الشركة في مباشر الاخذ بل فيمن له الاخذ البحث الثالث. في المأخوذ منه. مسألة. إنما يؤخذ الشفعة من المشترى الذي تجدد ملكه بعد ملك الآخذ فلو اشترى اثنان دفعة واحدة لم يكن لأحدهما على الآخر شفعة لعدم الأولوية وعدم إمكان الشركة وهل يشترط لزوم البيع نظر أقربه عدم الاشتراط فلو باع الشقص بخيار لهما أو للبايع يثبت الشفعة ولا يسقط خيار البايع وقال الشافعي يشترط اللزوم من طرف البايع فلا تثبت مع بقاء مدة الخيار له إما على قول ان الملك لا ينتقل إلى المشترى في مدة الخيار فظاهر وإما على قول الانتقال فلان في أخذه إبطال خيار البايع ولا سبيل للشفيع إلى الاضرار بالبايع وإبطال حقه وعن بعض الشافعية احتمال ثبوت الشفعة وعلى ما قلناه لا يتأتى المنع لأنا لا نسقط حق البايع من الخيار بل يأخذ الشفيع على حد أخذ المشترى وأما إن كان الخيار للمشترى وحده يبنى عندهم على الأقوال في انتقال الملك فإن قلنا إن الملك لا ينتقل إلا بانقطاع الخيار أو قلنا هو مراعى تثبت الشفعة لعدم العلم بانتقال الملك إلى المشترى فيستحق فيه الشفعة عليه وإن قلنا إنه ينتقل بنفس العقد نقل المزني عن الشافعي إنها تثبت وهو مذهبنا وبه قال أبو حنيفة لأنه قد انتقل الملك إلى المشترى ولا حق فيه إلا له والشفيع مسلط عليه بعد لزوم الملك واستقراره فقبله أولي وإنما ثبت له خيار الفسخ وذلك لا يمنع من الاخذ بالشفعة كما لو وجد به عيبا يثبت له الخيار وكان للشفيع أخذه ونقل الربيع عن الشافعي أيضا انه لا شفعة وبه قال مالك واحمد لان المشترى لم يرض بالتزام العقد وفي أخذ الشفيع الشقص التزام له وايجاب للعهدة عليه فلم يكن له ذلك كما لو كان الخيار للبايع بخلاف الرد بالعيب لأنه إنما يثبت له الرد لأجل الظلامة وذلك يزول بأخذ الشفيع ونقل الجويني في المسألة طريقين إحديهما ثبوت القولين هكذا لكن كلاهما مخرجان من أن المشترى إذا اطلع على عيب بالشقص وأراد رده وأراد الشفيع أخذه بالشفعة فعلى قول للشفيع قطع خيار المشترى في الصورتين وعلى قول لا يمكن منه والثاني القطع بأنه لا يأخذه إلى أن يلزم العقد والفرق بين الرد بالعيب وبينه إن الاخذ بالشفعة (لو أخذه من المشترى ولم يكن للمشتري رده لو لم يكن الشفيع أخذه بل يثبت للمشترى ولو لم يعلما معا بالعيب كان للشفيع رده صح) إلى استقرار العقد وتمامه ونقل بعض الشافعية فيما إذا قلنا إنه بعد للبايع أو موقوف وجهان للشفيع أخذ الشقص لانقطاع سلطنة البايع بلزوم العقد من جهته وإلا صح عندهم المنع لان ملك البايع غير زايل على تقدير إن الملك للبايع غير معلوم الزوال على تقدير الوقف وعلى الأول إذا أخذه الشفيع تبينا ان المشترى ملك قبل أخذه وانقطع الخيار. مسألة. لو باع أحد الشريكين حصة بشرط الخيار ثم باع الثاني نصيبه بغير خيار في زمن خيار الأول وقلنا إن الشفعة لا تثبت مع الخيار كما هو مذهب الشافعي فلا شفعة في المبيع له؟ لا للبايع والثاني سواء علم به أو لا لزوال ملكه ولا للمشترى منه وإن تقدم ملكه على ملك المشتري الأول إذا قلنا إنه لا يملك في زمن الخيار لان سبب الشفعة البيع وهو سابق على ملكه وأما الشفعة في المبيع ثانيا فموقوفة إن توقفنا في الملك على الإجازة أو الفسخ وللبايع الأول إن ابقينا الملك له وللمشتري منه إن أثبتنا الملك له ولو فسخ البيع قبل العلم بالشفعة بطلت شفعته إن قلنا إن خيار الفسخ يرفع العقد من أصله وإن قلنا يرفعه من حين وقوع الفسخ فهو كما باع ملكه قبل العلم بالشفعة وإن أخذه بالشفعة ثم فسخ البيع فالحكم في الشفعة كالحكم في الزوايد الحادثة في زمن الخيار. مسألة. إذا اشترى شقصا فوجد به عيبا فإن كان المشترى والشفيع معا عالمين به لم يكن للشفيع رده على المشترى وللمشتري رده على البايع وإن علم به المشترى خاصة دون الشفيع كان للشفيع رده بالعيب على المشترى ولم يكن للمشترى رده على البايع وإن كان الشفيع عالما به دون المشترى لم يكن للشفيع رده على المشترى ويثبت للمشترى الأرش وقال بعض الشافعية إنه استدرك ظلامته فلم يكن له الرجوع بالأرش وقال بعضهم إنه لم ييأس من الرد فإن رجع إلى المشترى ببيع أو إرث أو غير ذلك فهل له رده مبنى على التعليلين إن قلنا إنه لا يرجع لأنه استدرك ظلامته لم يكن له رده وإن قلنا بالآخر فله رده وإذا لم يكن المشترى عالما بالعيب وأراد رده وأراد الشفيع أخذه ورضى بكونه معيبا فللشافعي قولان أحدهما إن الشفيع أولي بالإجابة لأنه حق سابق على حق المشترى فإنه ثابت بالبيع ولان الغرض للمشترى استدراك الظلامة والوصول إلى الثمن وهذا الغرض يحصل بأخذ الشفيع ولانا لو قدمنا المشترى بطل حق الشفيع بالكلية ولو قدمنا الشفيع حصل للمشترى مثل الثمن أو قيمته وهذا أقوى عندي وهو قول أكثرهم والثاني إن المشترى أولي لان الشفيع إنما يأخذ إذا استقر العقد وسلم عن الرد ولأنه قد يريد استرداد عين ماله ودفع عهدة الشقص عنه مسألة. لو رده المشترى بالعيب قبل علم الشفيع ومطالبته ثم علم وجاء بطل بالشفعة فإن قلنا إن المشترى أولي عند اجتماعهما كما هو أحد قولي الشافعي فلا يجاب الشفيع
(٥٩١)