وقال الشافعي إن كان مع الاقرار بالألف صح الصلح وكان للشفيع أخذه بالألف وإن كان الصلح مع الانكار لم يصح الصلح ولم تجب الشفعة. مسألة. لو اشترى شقصا فعفا الشريك عن الشفعة ثم تقايلا لم تثبت الشفعة بالإقالة عندنا على ما تقدم من أن الشفعة تتبع البيع وإن الإقالة ليست بيعا وقال الشافعي إن قلنا إن الإقالة فسخ لا بيع فلا شفعة كما لا يأخذ بالرد بالعيب لان المفسوخ وإن اشتملت على تراد العوضين فلا يعطى أحكام المعاوضات ألا ترى إنه يتعين فيها العوض الأول وإن قلنا أنها بيع فله الشفعة وأخذه من البايع وقال أبو حنيفة تثبت الشفعة بالإقالة وبالرد بالعيب وبالتراضي لأنه نقل الملك بالتراضي فأشبه البيع ولو تقايلا قبل علم الشريك بالبيع كان له الاخذ بالشفعة وفسخ الإقالة لسبق حقه على الإقالة وقال الشافعي إن قلنا إن الإقالة بيع فالشفيع بالخيار أن يأخذ بها وبين ان يبطلها حتى يعود الشقص إلى المشترى فيأخذ منه وإن جعلناها فسخا فهو كطلب الشفعة بعد الرد بالعيب أما لو باع المشترى فللشريك هنا الخيار بين الاخذ من الأول وفسخ البيع الثاني وبين الاخذ من الثاني. مسألة لو جعل الشقص اجرة في إجارة أو جعلا في جعالة أو أصدقها شقصا أو متعها به أو خالعها على شقص أو صالح عليه من مال أو دم أو جراحة عن إقرار أو إنكار أو جعله المكاتب عوض نجومه لم تثبت الشفعة في شئ من ذلك عندنا بل إنما تثبت الشفعة في الشراء لا غير وبه قال أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد وقد تقدم بيانه ولو أقرضه شقصا صح القرض وبه قال الشافعي وليس للشفيع أخذه بالشفعة عندنا وقال الشافعي له الاخذ والجعالة لا تثبت بها الشفعة كما قلنا وعند الشافعي تثبت بعد العمل لان الملك حينئذ يحصل للعامل أما لو اشترى بالشقص شيئا أو جعله رأس مال السلم فالأقرب ثبوت الشفعة لصدق البايع على المشترى ولو بذل المكاتب شقصا عوضا عن بعض النجوم ثم عجز ورق فلا شفعة عندنا وأما عند الشافعي ففي بطلان الشفعة وجهان ينظر في أحدهما إلى أنه كان عوضا أو لا وفي الثاني إلى خروجه أخيرا عن العوضية وهذا أظهر عندهم ويشبه هذا الخلاف خلافهم فيما إذا كان الثمن عينا وتلف قبل القبض ولو قال لمستولدته إن خدمت أولادي شهرا فلك هذا الشقص فخدمتهم استحقت الشقص عند الشافعي وفي ثبوت الشافعية وجهان أحدهما تثبت لأنها ملكته بالخدمة فكان كالمملوك بالإجارة وساير المعاوضات وأظهرهما المنع لأنه وصية معتبرة من الثلث كساير الوصايا وذكر الخدمة شرط داخل على الوصية. مسألة. لولى الصبى والمجنون أن يأخذ لهما بالشفعة ما بيع في شركتهما مع الغبطة لهما عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه خيار جعل لإزالة الضرر عن المالك فملكه الولي في حق الصبى والمجنون كخيار الرد بالعيب وللعمومات الدالة على ثبوت الشفعة للشريك فيدخلان فيه وكل حق هو لهما فإنما يتولاه الولي ولما رواه الخاصة عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) وصى اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان رغبة فيه وقال ابن أبي ليلى لا شفعة فيه لان الولي لا يثبت له الاخذ بالشفعة لأنه لا يملك العفو ومن لا يملك العفو لا يملك الاخذ ولا يمكن الانتظار بها لان في ذلك إضرار بالمشترى فبطلت وقال الأوزاعي تثبت الشفعة وليس للولي أن يأخذ بها ويتأخر ذلك إلى زوال الحجر عن مستحقها لان خيار القصاص ثبت للصبي ولا يستوفيه الولي كذلك الشفعة والجواب لا نمع إنه ليس له العفو بل له ذلك مع المصلحة سلمنا لكن العفو إسقاط حقه والاخذ استيفاء حقه وهذا فرق كما يملك اسقاط شئ منها وخيار القصاص ثابت للمولى مع المصلحة سلمنا لكن القصد التشفي وذلك لا يدخله النيابة والغرض بالشفعة إزالة الضرر عن المال وهو مما يدخل النيابة. مسألة. إنما يأخذ الولي لهما إذا كان الاخذ مصلحة بأن يكون قد بيع بأقل من ثمن مثله أو تزيد قيمة الملك بأخذه أو يكون له مال يحتاج أن يشترى به العقار فيأخذ بثمن المثل وإن كان الحظ في الاخذ فترك لم يصح الترك ولم يسقط (الشفعة وكان للصبي والمجنون بعد الكمال أخذ الشقص وبه قال محمد وزفر لأنه إسقاط للمولى عليه لاحظ له في إسقاطه فلم يسقط صح) كالابراء وإسقاط خيار الرد بالعيب وقال أبو حنيفة إذا عفى سقطت لان من ملك الاخذ ملك العفو كالمالك والفرق إن المالك يملك الابراء والتبرع بخلاف الولي فبطل القياس وإن كان الحظ في الترك بان يكون قد اشترى بأكثر من ثمن المثل أو لم يكن للصبي مال يشترى به فاستقرض له ورهن ماله وأخذ الشقص لم يصح (أخذه فان أخذه لم يصح صح) ولم يملكه الصبى بهذا الاخذ بل يكون باقيا على ملك المشتري ولا يقع للولي وكذا لو اشترى بأكثر من ثمن المثل لم يصح ولا يقع له إن سمى الشراء للطفل ولو أطلق وقع له بخلاف الاخذ بالشفعة لان الشفعة تؤخذ بحق الشركة وذلك مختص بالصبى ولهذا لو أراد الولي الاخذ لنفسه لم يصح بخلاف الشراء وفي النكاح لو تزوج لغيره بغير إذنه لم يقع للعاقد لأنه يفتقر إلى ذكر الزوجين بخلاف البيع لان عقد النكاح اختص بالمعقود له والشراء لا يحتاج إلى ذكر المشترى له. مسألة. العفو كالترك ليس للولي العفو عن الشفعة مع الحظ بالأخذ ولا تركها كما بينا ولو كان الحظ في الترك فترك سقطت الشفعة وإذا زال الحجر عن المحجور عليه لم يكن له المطالبة بها وبه قال الشافعي لان الولي يتبع الحظ والمصلحة للمولى عليه فله الاخذ إذا كان فيه حظ فإذا كان الحظ في العفو وجب أن يصح كما يصح الاخذ ولهذا يصح من الولي الرد بالعيب وإذا بلغ لم يكن له الاعتراض كذا هنا وقال بعض الشافعية ليس للولي أن يعفو وإنما يترك الاخذ إذا لم يكن حظا فإذا زال الحجر كان المحجور عليه بالخيار وجعله قولا ثانيا للشافعي وبه قال زفر ومحمد بن الحسن الشيباني لان المستحق للشفعة له أخذها سواء كان له فيها حظا أو لم يكن وإنما يعتبر الحظ في حق المولى وإذا زال عنه الحجر كان له الاخذ. مسألة. لو باع الوصي أو الولي شقصا للطفل وطفل آخر هو وليه أيضا شريك كان له الاخذ بالشفعة للاخر لان الأول قد يحتاج إلى البيع والثاني إلى الاخذ ولو كان الولي هو الشريك فالأقرب إن له الاخذ لأنه حق ثبت له على المشترى بعد تمام العقد وانقطاع ملك الطفل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الأصح عندهم إنه ليس له أخذه بالشفعة لأنه لو مكن منه لم يؤمن أن يترك النظر والاستقصاء للصبي ويسامح في البيع ليأخذ بالشفعة بالثمن النجس كما إنه لا يمكن من بيع ماله من نفسه ولو رفع ذلك إلى الحاكم فباع أخذه الوصي لزوال التهمة ولو كان البايع الأب أو الجد له جاز له الاخذ وبه قال الشافعي لأنه يجوز أن يبيع من نفسه ولان ولايتهما أقوى وكذا ستفقتهما؟ ولو اشترى شقصا للطفل وهو شريك في العقار فله الاخذ بالشفعة لثبوت سبب السالم عن معارضة التهمة إذ لا يزيد في الثمن ليأخذ به وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني إنه ليس له الاخذ لأنه يلزم الصبى العهدة ولا منفعة له فيه وليس بجيد لان له ان يشترى للصبي وأن يشترى منه ولو وكل الشريك شريكه في البيع فباع فله الاخذ بالشفعة وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم إنه قول الأكثر لان الموكل ناظر لنفسه يعترض (لنفسه صح) و يستدرك إن وقف على تقصير الوكيل والصبي عاجز عن ذلك فيصان حقه عن الضياع وقال بعضهم ليس له الاخذ للتهمة ولو وكل إنسان أحد الشريكين ليشترى الشقص من الآخر فاشتراه فله الاخذ وهنا إشكال وهو إن رضي الشريك بالبيع يبطل شفعته وفي هذه الصور كيف يتحقق الشفعة مع قصد البيع ورضاه حيث كان وكيلا باختياره وقال أبو حنيفة في الوكيل والوصي مما تثبت الشفعة في الشراء ولا تثبت في البيع ولو وكل الشريك شريكه يبيع نصف نصيبه أو أذن له في بيع نصيبه أو بعض نصيبه مع نصيب الموكل (إن شاء فباع نصف نصيب الوكيل صح) مع نصف نصيبه صفقة واحدة فللموكل أخذ نصيب الوكيل بالشفعة وهل للوكيل أخذ نصيب الموكل للشافعي الوجهان السابقان. مسألة. إنه سيأتي الخلاف في أن الشفعة هل يثبت مع الكثرة أم لا فإن قلنا به لو كان ملك بين ثلاثة فباع أحدهم نصيبه من أحد الآخرين فالشفعة بين المشترى والشريك الاخر يشتركان في المبيع وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزني والشافعي في أصح الوجهين لاستوائهما في الشركة وسبب الشفعة كما لو كان المشترى غيره وقال بعض الشافعية إن الشريك الثالث منفرد بالشفعة ولا حق فيه للمشترى وهو محكى عن الحسن البصري وعثمان البتي لان الشفعة تستحق على المشترى فلا يجوز أن يستحقها المشتري على نفسه وليس بصحيح لأنا لا نقول تجب له الشفعة
(٥٩٣)