البيع في قدر الزكاة دون غيره إن الواجب جميع الثمن أو حصته فإن قلنا الواجب جميع الثمن فلا خيار للبايع إذا ظفر بما ابتعناه وإن قلنا الواجب القسط فوجهان أحدهما إن له الخيار إذا لم يسلم له جميع الثمن وأصحهما عندهم إنه لا خيار له لان التفريط منه حيث باع ما لا يملكه وطمع في ثمنه وإن كان المشترى عالما بالحال فلا خيار له كما لو اشترى معيبا يعلم بعيبه ولم يلزمه من الثمن الوجه عندي إنه يلزمه القسط كالجاهل لأنه قابل جميع الثمن بجملة المبيع وهو يقتضى توزيع الأجزاء على الأجزاء وهو إحدى وجهي الشافعية و قطع جماعة منهم بوجوب الجميع لأنه التزم بالثمن عالما بأن بعض المذكور لا يقبل العقد ولو باع عبدا وحرا أو خلا وخمرا أو شاة وخنزيرا أو مذكاة وميتة صح العقد فيما يقبله وكان المشترى جاهلا بالحال فأجازوا عالما قسط الثمن ولزمه بالنسبة والتقسيط بأن ينظر إلى قيمة هذه المحرمات عند مستحليها وهو قول بعض الشافعية ولهم في قدر ما يلزمه من الثمن طريقان أحدهما القطع بوجوب الجميع لان ما لا قيمة له لا يمكن التوزيع على قيمته وأصحهما طرد القولين فإن قلنا الواجب قسط من الثمن فكيف يعتبر هذه الأشياء وجهان أحدهما كما قلناه من النظر إلى القيمة عند مستحليه والثاني إنه يقدر الخمر (خلا ويوزع عليها باعتبار الأجزاء ويقدر الميتة مزكاة والخنزير شاة ويوزع عليها باعتبار القيمة وقال بعضهم يقدر الخمر صح) عصيرا والخنزير بقرة ولو نكح مسلمة ومجوسية في عقد واحد وصححنا العقد في المسلمة لم يلزمه جميع المسمى للمسلمة إجماعا لأنا إذا أثبتنا الجميع في البيع كما قاله الشافعي أثبتنا الخيار أيضا وهنا لا خيار فايجاب الجميع إجحاف وقال بعض الشافعية يلزم لها جميع المسمى لكن له الخيار في رد المسمى والرجوع إلى مهر المثل وهذا لا يدفع الضرر لان مهر المثل قد يساوى المسمى أو يزيد عليه إذا ثبت هذا فما الذي يلزمه الأقوى عندي القسط من المسمى إذا وزع على مهر المثل المسلمة ومهر مثل المجوسية وهو أحد قولي الشافعي وأظهرهما إنه يلزمه مهر المثل ولو اشترى عبدين وتلف قبل القبض أحدهما انفسخ العقد فيه ويثبت له الخيار في الباقي فإن أجاز فالواجب قسطه من الثمن لان الثمن وجب في مقابلتهما في الابتداء فلا ينصرف إلى أحدهما في الدوام وقال بعض الشافعية يطرد القولين ولو باع شيئا من مال الربا بجنسه ثم خرج بعض أحد العوضين مستحقا وصححنا العقد في الباقي وأجاز فالواجب حصته إجماعا لان الفضل بينهما حرام ولو باع معلوما ومجهولا لم يصح البيع في المجهول وأما في المعلوم فيصح لعدم المانع وعند الشافعي يبنى على ما كانا معلومين واحدهما لغيره إن قلنا لا يصح في ماله لم يصح هنا في المعلوم وإن قلنا يصح فقولان مبنيان على إنه كم يلزمه في الثمن فإن قلنا الجميع كما هو قول بعض الشافعية صح ولزم (هنا صح) جميع الثمن وإن قلنا حصته من الثمن كما اخترناه وذهب إليه بعض الشافعية لم يصح لتعذر التوزيع وحكى بعضهم قولا إنه يصح وله الخيار فإن أجاز لزمه جميع الثمن وليس شيئا. مسألة. لو كان الثمن يتوزع على الأجزاء كقفيزي حنطة أحدهما له والآخر لغيره وباعهما من شخص فإنه يصح في المملوك دون غيره وهو قول الشافعي وكذا إذا رهن ما يجوز رهنه وما لا يجوز وإذا وهب ما لا يجوز هبته وما لا يجوز أو تزوج أخته وأجنبية أو مسلمة ومجوسية صح فيما يجوز قولا واحدا عندنا وعند الشافعي لان الرهن والهبة لا عوض لهما والنكاح لا يفسد بفاسد العوض و يتخير المشترى إذا صح البيع في المملوك كما قلناه وإذا أجاز بجميع الثمن فلا خيار للبايع قطعا وإن أخذه بقسطه ففي خيار البايع للشافعي وجهان أحدهما له الخيار لتبعض الثمن عليه و الثاني لا خيار له لان التبعض من فعله حيث باع ما يجوز وما لا يجوز وهنا مسائل دورية لابد من التعرض لها. مسألة. لو باع مريض قفيز حنطة يساوى عشرين بقفيز حنطة يساوى عشرة ومات ولا مال سواه جاز البيع في ثلثي قفيز بثلثي قفيز وبطل في الثلث وهو أحد قولي الشافعي والثاني إنه يبطل البيع والأصل فيه إن محاباة مرض الموت كالهبة وساير التبرعات في اعتبار الثلث فإن زادت عليه ولم يخبر الورثة ما زاد كما لو باع عبدا يساوى ثلثين بعشرة ولا شئ له سواه رد البيع في بعض العبد وفي الباقي للشافعية طريقان أحدهما القطع بصحة البيع فيه لأنه نفذ في الكل ظاهرا والرد في البعض تدارك حادث لان المحاباة في المرض وصية والوصية تقبل من الغرر ما لا يقبله غيرها وأظهرهما عند أكثر الشافعية إنه على قولي تفريق الصفقة وإذا قلنا يصح البيع في الباقي ففي كيفيته قولان أحدهما أن البيع يصح في القدر الذي تحتمله الثلث والقدر الذي يوازى الثمن بجميع الثمن ويبطل في الباقي لأنه اجتمع للمشترى معاوضة ومحاباة فوجب أن يجمع بينهما فعلى هذا يصح العقد في ثلثي العبد بالعشرة ويبقى مع الورثة ثلث العبد وقيمته عشرة والثمن وهو عشرة وذلك مثلا المحاباة وهي عشرة وهذا اختيار الشيخ (ره) وجماعة من الشافعية وغيرهم ولا دور على هذا القول والثاني إنه إذا إرتد البيع في بعض المبيع وجب أن يرتد إلى المشترى ما قابله من الثمن وهو الذي يختاره نحن فحينئذ يلزم الدور لان ما ينفذ فيه البيع يخرج من التركة وما يقابله من الثمن يدخل فيها وما ينفذ فيه البيع يزيد بزيادة التركة وينقص بنقصانها فيزيد بحسب زيادة التركة وتزيد التركة بحسب زيادة المقابل الداخل ويزيد المقابل بحسب زيادة المبيع وهذا دور ويتوصل إلى معرفة المقصود بطرق: منها أن ينظر إلى ثلث المال وينسبه إلى قدر المحاباة ويجبر البيع في المبيع بمثل نسبة الثلث من المحاباة فنقول ثلث المال عشرة والمحاباة عشرون والعشرة نصفها فيصح البيع في نصف العبد وقيمة خمسة عشرة بنصف الثمن وهو خمسة كأنه اشترى سدسه بخمسه وثلثه وصية له يبقى مع الورثة نصف العبد وهو خمسة عشر والثمن خمسة يبلغ عشرين وهو مثلا المحاباة. ومنها طريقة الجبر فيقول صح البيع في شئ من العبد وقابله من الثمن مثل (ثلث صح) ذلك الشئ لان الثمن مثل ثلث العبد وبقى في يد الورثة عبد الأشياء لكن بعض النقصان انجبر بثلث الشئ العايد فالباقي عندهم عبد إلا ثلثي شئ فثلثا شئ قدر قدر المحاباة وعبد إلا ثلثي شئ مثلاه وإذا كان عبد إلا ثلثي شئ مثلي ثلثي شئ كان عديلا لشئ وثلث شئ فإذا اجبرنا العبد بثلثي شئ وزدنا على عديله مثل ذلك كان العبد عديلا لشيئين فعرفنا إن الشئ الذي نفذ فيه البيع نصف العبد إذا عرفت هذا فإن قلنا بقول الشيخ بطل البيع في صورة الربويين بلا خلاف لان مقتضاه صحة البيع في قدر الثلث وهو ستة وثلثان وفي القدر الذي يقابل من قفيزه قفيزا بصحيح وهو نصفه فيكون خمسة أسداس قفيز في مقابلة قفيز وذلك ربا وعلى ما اخترناه نحن يصح البيع في ثلثي قفيز المريض بثلثي قفيز الصحيح ويبطل في الباقي وقطع بعض الشافعية بهذا القول الذي اخترناه في الربوي لئلا يبطل غرض الميت في الوصية فعلى طريقة النسبة ثلث مال المريض ستة وثلثان والمحاباة عشرة وستة وثلثان ثلثا عشرة فينفذ البيع في ثلثي القفيز وعلى طريقة الجبر نفذ البيع في شئ وقابله من الثمن مثل نصفه فإن قفيز الصحيح نصف قفيز المريض وبقى في يد الورثة قفيز إلا شئ لكن حصل لهم نصف شئ فالباقي عندهم قفيز إلا نصف شئ هو المحاباة وما في يدهم وهو قفيز ناقص بنصف شئ مثلاه وإذا كان قفيز ناقص بنصف شئ مثل نصف شئ كان عديلا للشئ الكامل فإذا جبرنا وقابلنا صار قفيز كامل عديل شئ ونصف شئ فعرف إن الشئ ثلثا قفيز إذا عرفت هذا فنقول لا خيار هنا للورثة لأنا لو أثبتنا لهم الخيار لأبطلنا المحاباة أصلا ورأسا بفسخ البيع ولا سبيل إليه لان الشرع سلطه على ثلث ماله ولو كانت المسألة بحالها لكن قفيز المريض يساوى ثلثين وقلنا بتقسيط الثمن صح البيع في نصف قفيز بنصف القفيز ولو كان قفيز المريض يساوى أربعين صح البيع في أربعة إتساع القفيز بأربعة إتساع القفيز ولو كان المريض قد أكل القفيز الذي أخذ استوت المسائل كلها فيجوز بيع ثلث قفيز بثلث قفيز ولو أتلف المريض المحابى القفيز الذي أخذه ثم مات وفرعنا على الدور صح البيع في ثلثه بثلث قفيز صاحبه سواء كانت قيمة قفيز المريض عشرين أو ثلاثين أو أكثر لان ما أتلفه قد نقص من ماله إماما صح فيه البيع فهو ملكه وقد أتلفه وأما ما بطل فيه البيع فعليه ضمانه فينتقص
(٥٦٧)