في حكم التحالف مسألة. إذا حلف كل من المتبايعين يمين النفي سقطت الدعويان عندنا كما لو ادعى على الغير بيع شئ أو شراه فأنكر وحلف سقطت الدعوى وكان الملك باقيا على حاله ولم يحكم بثبوت عقد حتى يحكم بانفساخه وأما الشافعي القايل بالتحالف فقال إذا تحالف المتعاقدان ففي العقد وجهان أحدهما إنه لا ينفسخ بنفس التحالف وفيه وجه آخر إنه ينفسخ بالتحالف كما ينفسخ النكاح بتحالف المتلاعنين ولان التحالف يحقق ما قالاه ولو قال البايع بعت بألف فقال المشترى اشتريت بخمس مائه لم ينعقد فكذا هنا قال القاضي أبو الطيب الأول هو المنصوص للشافعي في كتبه القديمة والجديدة لا أعرف له غير ذلك لان البينة أقوى من اليمين ولو أقام كل منهما بينة على ما يقوله لا ينفسخ العقد فاليمين أولي بعدم الفسخ ولا يشبه اللعان لان قول الزوج يقطع النكاح فقامت يمينه مقام طلاقه بخلاف المتنازع. مسألة لو رجع أحدهما إلى قول الآخر فإن كان قبل التحالف حكم بمقتضى عقده وإن كان بعد التحالف فكذلك فلو حلف إنه لم يبع الجارية وحلف المشترى إنه لم يشتر العبد ثم إعترف المشترى بصدق البايع كان حكمه حكم ما لو حلف المنكر ثم كذب بيمينه قال علماؤنا اليمين قاطعة للدعوى فإن جاء الحالف تائبا إلى الله تعالى ودفع ما حلف عليه كان لصاحبه أخذه فكذا ينافي هنا وأما الشافعي فله قولان أحدهما فسخ العقد بمجرد التحالف من غير حاجة إلى حكم الحاكم بالفسخ والثاني إنه لا ينفسخ إلا بحكم الحاكم فعلى الأول فإنهما يترادان ولو تقارا على أحد اليمينين لم يعد نافذا بل لابد من تجديد عقد وهل ينفسخ في الحال أو يتبين ارتفاعه من أصله للشافعية وجهان أظهرهما الأول لنفوذ تصرفات المشترى قبل الاختلاف وعلى هذا فالحاكم يدعوهما بعد التحالف إلى الموافقة فينظر هل يعطى المشترى ما يقوله البايع من الثمن فإن فعل أجبر البايع عليه وإلا نظر هل يقنع البايع بما يقوله المشترى فإن فعل فذاك وإلا فحينئذ يحتاج إلى فسخ العقد ومن الذي يفسخه وجهان أحدهما الحاكم لتعذر إمضائه في الحكم وكالفسخ في العنة لأنه فسخ مجتهد فيه وأظهرهما عندهم إن للمتعاقدين أيضا أن يفسخا واحدهما أن ينفرد به كالفسخ بالعيب قال الجويني إذا قلنا الحاكم هو الذي يفسخ فذلك إذا استمرا على النزاع ولم يفسخا أو التمسا الفسخ وأما إذا اعرضا من الخصومة ولم يتوافقا على شئ ولا فسخا ففيه نظر وإذا فسخ العقد إما بفسخهما أو بفسخ الحاكم وقع الفسخ ظاهرا وهل يقع باطنا فيه للشافعي ثلثة أوجه أحدها لا لان سبب الفسخ تعذر إمضائه لعدم الوقوف على الثمن وإنه أمر يتعلق بالظاهر والعقد وقع صحيحا في نفسه وإنما تعذر إمضائه في الظاهر فكان الفسخ في الظاهر دون الباطن والثاني إنه يقع ظاهرا وباطنا لأنه فسخ لاستدراك الظلامة فأشبه الرد بالعيب والثالث إن البايع إن كان ظالما فالفسخ يقع ظاهرا لا باطنا لأنه يمكنه استيفاء الثمن وتسليم المبيع فإذا امتنع كان عاصيا فلا يقع الفسخ بذلك وإن كان المشترى ظالما وقع الفسخ ظاهرا وباطنا لان البايع لا يصل إلى حقه من الثمن فاستحق الفسخ كما لو أفلس المشترى وهل يجرى مثل هذا الخلاف إذا فرعنا على انفساخ العقد بنفس التحالف أم يحرم بالارتفاع باطنا أيضا اختلفوا فيه وإذا قلنا بالارتفاع باطنا ترادا وتصرف كل منهما فيما أعاد إليه وإن منعناه لم يجز لهما التصرف لكن لو كان البايع صادقا فهو ظافر بمال من ظلمه لما أسترد المبيع فله بيعه بالحاكم في أحد الوجهين أو بنفسه في أصحهما عندهم واستيفاء حقه من ثمنه إذا تقرر هذا فكل موضع قلنا إن الفسخ يقع ظاهرا (وباطنا فإن للبايع التصرف في المبيع بجميع أنواع التصرف حتى بالوطي وإن قلنا يقع ظاهرا صح) دون الباطن فإن كان البايع ظالما لم يجز له التصرف في المبيع بوجه ووجب عليه رده على المشترى بالثمن المسمى لأنه لا يجوز له أن يستبيح ملك غيره بظلمه وإن كان المشترى ظالما فإن البايع قد حصل في يده ملك المشتري وله عليه الثمن وهو من غير جنسه فله أن يبيع جميعه أو مقدار حقه وهل يبيعه بنفسه أو يتولاه الحاكم وجهان أحدهما إنه يرفعه إلى الحاكم ليبيعه لان الولاية للحاكم على صاحبه دون هذا البايع والثاني يبيعه بنفسه وهو منصوص الشافعي لأنه يتعذر عليه دفعه إلى الحاكم وإثبات حقه عنده فجوز ذلك للضرورة كما جوز إمساك ملك المشتري للحاجة وعندنا لن تمكن من الحاكم وجب وإلا تولاه بنفسه فإذا باعه فإن كان الثمن وفق حقه فقد استوفاه وإن نقص فالباقي في ذمة المشتري وإن فضل فللمشتري وإن تلف هذا في يده كان من ضمانه وإن تحالفا بعد تلف السلعة وجب رد قيمة المبيع ومتى تعتبر قيمة على وجهين أحدهما أكثر ما كانت من حين القبض والثاني حال التلف كالمقبوض على وجه السوم وهذه الفروع مبنية على ما إذا اختلفا في قدر الثمن وذكر الجويني عبارة يجرى هذه الصورة وغيرها وهي إن الفسخ لن صدر من المحق فالوجه تنفيذه باطنا وإن صدر (من المبطل فالوجه منعه وإن صدر صح) منهما جميعا قال لا شك في الانفساخ وليس ذلك موضع الخلاف وكان كما لو تقايلا وإذا صدر من المبطل لم ينفذ باطنا وطريق الصادق إن شاء الفسخ إن أراد الملك فيما عاد إليه وإن صدر الفسخ من الحاكم فالظاهر الانفساخ باطنا لينتفع به الحق واعلم أن هذا لا يتأتى على مذهبنا فيما إذا كان الاختلاف في كمية الثمن وإنما يقع فيما إذا اختلف في تعيين المبيع كالعبد أو الجارية أو في تعيين (الثمن صح) كالذهب أو الفضة وهنا نقول إن المبطل لا يباح له التصرف فيما صار إليه والمحق له التصرف. مسألة. إذا فسخ البيع كان على المشترى رد المبيع إن كان قائما بحاله لقوله (ع) إذا اختلف المتبايعان تحالفا وترادا رواه العامة وهذا عندنا صحيح فيما إذا كان الاختلاف في الأعيان المتعددة لا في قدر الثمن فإذا كان المشترى قد أخذ ما أدعاه وسقطت دعواه بيمين البايع وجب عليه رد ما أخذه لظهور بطلان الاخذ بيمين البايع وإن تلف في يد المشترى فعليه قيمته سواء كانت أكثر من الثمن أو أقل وهل يعتبر وقت التلف لان مورد الفسخ العين لو بقيت والقيمة خلف عنها فإذا فات الأصل فحينئذ ينظر إليها أو يوم القبض لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه أو الأقل لأنها إن كانت يوم العقد فالزيادة حدثت في ملك المشتري وإن كان يوم القبض أقل فهو يوم دخوله في ضمانه أو بأعلى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف لان يده يد ضمان فتعين أعلى القيم وللشافعية هذه الاحتمالات الأربعة أقوالا فيما نقلنا وفيما إذا اختلفا في قدر الثمن أو الاجل أو الضمين أو غير ذلك على ما تقدم. مسألة. لو زادت العين في يد المشتري فإما زيادة متصلة أو منفصلة فإن كانت متصلة فهي للبايع يردها المشترى مع العين وإن كانت منفصلة كالولد والثمرة والكسب والمهر فإن قلنا العقد يرتفع من أصله وهو الطاهر عندنا إذا وقع التنازع في تعيين المبيع أو تعيين الثمن أي العينين هو فالنماء للبايع ويجب أقصى القيم لو تلف المبيع وإن.
قلنا من حينه فالنماء للمشترى وعليه القيمة يوم التلف وعند الشافعي يتأتى ذلك في هذه الصورة وفيما إذا اختلفا في قدر الثمن وغيره على ما سلف وقال بعض الشافعية هذا الخلاف السابق في القيمة متى يعتبر نظر إلى أن العقد يرتفع من أصله أو من حينه إن قلنا بالأول فالواجب أقصى القيم وإن قلنا بالثاني اعتبرنا قيمته يوم التلف مسألة. لو اشترى عبدين وتلف أحدهما ثم اختلفا في قدر الثمن قدم قول المشترى مع يمينه كما ذهبنا إليه وقال الشافعي يتحالفان بناء على أصله وهل يرد الباقي فيه الخلاف المذكور في مثله إذا وجد الباقي معيبا وإن قلنا يرد فيضم قيمة التالف إليه وفي القيمة المعتبرة الوجوه الأربعة اعترض بأنه لم كان الأصح هنا غير الأصح في القيمة المعتبرة لمعرفه الأرش أجيب يجوز أن يكون السبب فيه إن النظر إلى القيمة ثم ليس ليغرمه ولكن ليعرف منها الأرش الذي هو جزء من الثمن وكذلك الفرض فيما إذا تلف أحد العبدين ووجدنا عيبا بالباقي وجوزنا افراده بالرد توزيع الثمن على قيمة التالف والباقي وههنا المغروم القيمة فكان النظر إلى حالة الاتلاف أليق ولو كان المبيع قايما إلا أنه قد تعيب رده مع الأرش وهو قدر ما نقص من القيمة لان الكل مضمون على المشترى بالقيمة فيكون البعض مضمونا ببعض القيمة أما المبيع لو تعيب في يد البايع وأفضى الامر إلى الأرش وجب جزء من الثمن لان الكل مضمون على البايع بالثمن فكذا البعض وهذا أصل مطرد في المسائل إن كل موضع لو تلف الكل كان