بمعنى من حقيقة لأنها للحد حقيقة (فلا يكون حقيقة صح) في غيرها دفعا للاشتراك والاستعمال لا يدل عليه والمجاز أولي من الاشتراك على أن البيع يوجب الملك وإنما الشرط منع وما لم يتحقق عنه وجب إنفاذ حكم العقد وقال أبو حنيفة ولو شرط الخيار إلى الزوال أو إلى وقت العصر اتصل إلى الليل وليس بجيد. تذنيب لو شرطا الخيار إلى وقت طلوع الشمس من الغد صح لأنه وقت معلوم محروس من الزيادة والنقصان ولو شرطا إلى طلوعها من الغد قال الزهري لا يصح لان طلوع الشمس مجهول لان السماء قد تتغيم فلا تطلع الشمس وهو خطأ فإن التغيم إنما يمنع من الاشراق واتصال الشعاع لا من الطلوع ولو شرطاه إلى الغروب أو إلى وقته جاز قولا واحدا لان الغروب سقوط القرص ولا مانع لها من ذلك كما يمنع الغيم من طلوعها والتحقيق عدم الفرق لان الطلوع ثابت في الأول لكنه قد يخفى وكذا الغروب قد يخفى. مسألة يجوز جعل خيار الشرط لكل واحد من المتعاقدين أو لأحدهما دون الآخر وإن شرط أحدهما الأكثر والآخر الأقل لأنه شرع للارفاق بهما فكيف ما تراضيا به جاز ولدلالة حديث حنان بن سعد على أنه جعل للمشترى الخيار ولم يفرق أحد بينه وبين البايع وهل يجوز جعل الخيار للأجنبي ذهب علماؤنا أجمع إلى جوازه وإنه يصح البيع والشرط وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي في أصح القولين لأنه خيار يثبت بالشرط للحاجة وقد تدعوا الحاجة إلى شرطه (للأجنبي صح) لكونه أعرف بحال المعقود عليه ولان الخيار إلى شرطهما لأنه يصح أن يشترطاه لأحدهما دون الآخر فكذلك صح أن يشترطاه للأجنبي وللشافعي قول إنه لا يصح ويبطل البيع والشرط معا لأنه خيار يثبت في العقد فلا يجوز شرطه لغير المتعاقدين كخيار الرد بالعيب والفرق أن خيار العيب يثبت لا من جهة الشرط بخلاف المتنازع. فروع: - آ - إذا شرط الخيار للأجنبي صح سواء جعله وكيلا في الخيار أو لا وقال أبو حنيفة إذا شرطه لأجنبي صح وكان الأجنبي وكيلا للذي شرطه وللشافعي قول ثالث إنه إن جعل فلانا وكيلا له في الخيار صح وإن لم يجعله وكيلا لم يصح وما تقدم يبطله - ب - لو جعل المتعاقدان خيار الشرط للموكل الذي وقع العقد له صح قولا واحدا لأنه المشترى أو البايع في الحقيقة والوكيل نايب عنه - ج - لا فرق في التسويغ بين أن يشترطا أو أحدهما الخيار لشخص واحد وبين أن يشترط هذا الخيار لواحد وهذا الخيار لآخر وكذا عند الشافعي لا فرق بينهما على القولين وكذا يجوز أن يجعلا شرط الخيار لهما ولأجنبي أو اثنين أو جماعة ولأحدهما مع الأجنبي - د - لو شرط لفلان لم يكن للشارط خيار بل كان لمن جعله خاصة وهو أحد قولي الشافعي تفريعا على الجواز وفي الاخر إنه يكون له وللآخر ويكون الآخر وكيلا له وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه نائب عنه في الاختيار فإذا أثبت للنائب فثبوته للمنوب أولي وليس بجيد اقتصار على الشرط كما لو شرطاه لأحدهما لم يكن للاخر شئ وكما لو شرطاه لأجنبي دونهما - ه - قال محمد بن الحسن في جامعه الصغير قال أبو حنيفة لو قال بعتك على أن الخيار لفلان كان الخيار له ولفلان قال أبو العباس جملة الفقه في هذا أنه إذا باعه وشرط الخيار لفلان نظرت فإن جعل فلانا وكيلا له في الامضاء والرد صح قولا واحدا وإن اطلق الخيار لفلان أو قال لفلان دوني فعلى القولين الصحة وعدمها وبه قال المزني - و - لو شرطا الخيار للأجنبي دونهما صح البيع والشرط عندنا ويثبت الخيار للأجنبي خاصة عملا بالشرط وهو أحد قولي الشافعي وعلى الثاني إنه لا يختص بالأجنبي بل يكون للشارط أيضا لا يصح هذا الشرط ولا يختص بالأجنبي - ز - لو شرط الخيار لأجنبي كان له خاصة دون العاقد فإن مات الأجنبي في زمن الخيار يثبت له لان الحق والرفق له في الحقيقة وهو أصح وجهي الشافعية على تقدير اختصاص الأجنبي بالخيار - ح - لو شرطا الخيار لأحدهما وللأجنبي أو لهما وللأجنبي فلكل واحد منهما الاستقلال بالفسخ عملا بمقتضى الشرط ولو فسخ أحدهما وأجاز الآخر فالفسخ أولي - ط - لو باع عبدا وشرط الخيار للعبد صح البيع والشرط معا عندنا وهو أحد قولي الشافعي لان العبد بمنزلة الأجنبي - ى - لا فرق بين جعل الخيار لاحد المتعاقدين وللأجني في اشتراط ضبط مدته وهو أصح قولي الشافعية لأنه مع عدم الضبط يتطرق الجهالة إلى المبيع والثاني إنه يصح مع جهالة المدة في حق الأجنبي خاصة لأنه يجرى مجرى خيار الرؤية فلا يتوقف والصحيح عندهم الأول. مسألة. إذا اشترى شيئا أو باع بشرط أن يستأمر فلانا صح عندنا لأنه شرط سايغ يتعلق به غرض العقلاء فيندرج تحت قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وهو أحد قولي الشافعي بناء على أنه يصح شرط خيار للأجنبي والثاني المنع على ما تقدم إذا تقرر هذا فإنه ليس للشارط أن يفسخ حتى يستأمر فلانا ويأمره بالرد لأنه جعل الخيار له دون العاقد وهو أحد قولي الشافعي والثاني إنه يجوز له الرد من غير أن يستأمر وذكر الاستيمار احتياطا والمعتد الأول. فروع - آ - لابد من ضبط مدة الاستيمار لان الجهالة فيه توجب تطرقها إلى العقد وهو أحد قولي الشافعي و الثاني إنه لا يشترط ضبطه بل يجوز من غير تحديد كما في خيار الرؤية وإذا قلنا لابد من تحديده لم ينحصر في مدة معينة بل يجوز اشتراط ما أراد من الزمان قل أو كثر بشرط ضبطه وهو أحد قولي الشافعية كخيار الرؤية والثاني إنه لا يزيد على ثلاثة أيام كخيار الشرط وقد أبطلنا ذلك فيما تقدم - ب - يجوز للوكيل أن يشترط الخيار للموكل لأنه يجوز جعله للأجنبي فللموكل أولي وهو أظهر وجهي الشافعية لان ذلك لا يضره وهل له شرط الخيار لنفسه عندنا يجوز ذلك لأنه يجوز في الأجنبي ففي الوكيل أولي وهو أحد وجهي الشافعية و الثاني ليس له ذلك - ج - للوكيل أن يجعل شرط الخيار لغيره ولغير موكله حسب ما يقتضيه مصلحة الموكل فلوكيل البيع شرط الخيار للمشترى ولوكيل الشراء شرط الخيار للبايع و منع الشافعي من ذلك وأبطل البيع وليس بجيد - د - لو شرط الخيار لنفسه أو أذن له الموكل فيه صريحا ثبت له الخيار ولا يفعل إلا ما فيه الحظ للموكل لأنه مؤتمن وكذا للأجنبي لو جعل الخيار له وفرق الشافعي بينهما فلم يوجب على الأجنبي رعاية الحظ وليس بجيد لان جعل الخيار له ائتمان له وهل يثبت الخيار للموكل في هذه الصورة مع ثبوته للوكيل الوجه لا اقتصارا بالشرط على مورده وللشافعي وجهان وحكى الجويني فيما إذا أطلق الوكيل شرط الخيار بالاذن المطلق من الموكل ثلاثة أوجه إن الخيار يثبت للوكيل أو للموكل اولهما وقد عرفت مذهبنا فيه. مسألة. يشترط تعيين محل الخيار المشترط وتعيين مستحقه فلو باعه عبدين وشرط الخيار في أحدهما لا بعينه لم يصح الشرط ولا العقد لأنه خيار مجهول المحل وغرر فيكون منفيا ويقدر بمنزلة ما لو باعه أحدهما لا بعينه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز في العبدين والثوبين والثلاثة ولا يجوز في الأربعة فيما زاد وليس بشئ لما بينا ولو شرط في أحدهما بعينه صح البيع والشرط معا للأصل وعموم وأحل الله البيع والمسلمون عند شروطهم وهو أحد قولي الشافعي ويثبت لكل مبيع حكمه فيثبت الخيار فيما شرطه فيه الخيار يكون الآخر خاليا عن الخيار وفي القول الآخر لا يصح لأنه جمع بين عينين مختلفي الحكم بعقد واحد وبطلانه ممنوع كما لو جمع بين بيع وصرف أو بيع وإجارة ولو شرط لاحد المتعاقدين لا بعينه أو بأحد الرجلين لا بعينه بطل البيع والشرط ولو شرط الخيار يوما في أحد العيدين بعينه ويومين في الآخر صح عندنا وللشافعي قولان مسألة. بيع الخيار جايز عندنا وهو أن يبيعه شيئا عقارا أو غيره ويشترط البايع الخيار لنفسه سنة أو أقل أو أكثر إن جاء بالثمن الذي قبضه من المشترى ورده إليه كان أحق بالمبيع وإن خرجت المدة ولم يأت بالثمن سقط خياره ووجب البيع للمشترى للأصل وعموم قوله تعالى " إلا أن يكون تجارة عن تراض منكم " وقوله تعالى " وأحل الله البيع " وقوله (ع) المسلمون عند شروطهم وقول الباقر (ع) إن بعت رجلا على شرط إن أتاك بمالك وإلا فالبيع لك وغيره من الأحاديث وقد سبق أما الجمهور فإنه لا يصح إلا عند من جوز شرط الخيار والخلاف في تقديره بالثلاثة الأيام كما تقدم. مسألة. إذا شرط الخيار ثلاثة أيام أو أزيد على مذهبنا ثم مضت المدة ولم يفسخا ولا أجازا تم العقد ولزم وبه قال الشافعي لان شرط الخيار في المدة منع من لزوم العقد تلك المدة فإذا انقضت ثبت موجب العقد كالأجل في الدين إذا انقضى ثبت الدين لزوال المانع
(٥٢١)