عندي الجواز وهو أضعف وجهي الشافعي لحصول القبض وأصحهما عنده المنع لأنه لم يجز قبض مستحق بالعقد وهو ممنوع - ب - لا اعتبار بالقبض الفاسد بل الصحيح لسقوط الأول عن نظر الشرع فلا يكون شرطا في صحة شرع والصحيح أن يسلم المبيع باختياره أو يوفى المشترى الثمن فله القبض بغير اختيار البايع والفاسد أن يكون الثمن حالا وقبض البيع بغير اختيار البايع من غير دفع الثمن فللبايع المطالبة بالرد إلى يده لأنه له حق الجنس إلى أن يستوفى - ج - لو كان لزيد طعام على عمرو سلما ولخالد مثله على زيد فقال زيد إذهب إلى عمرو اقبض لنفسك ما لي عليه فقبضه لم يصح لخالد عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي وأحمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام حتى يجرى فيه الصاعان يعنى صاع البايع وصاع المشترى وسيأتى بل ينبغي أن يكتال لنفسه ويقبضه ثم يكيله على مشتريه وهل يصح لزيد الوجه المنع وبه قال الشافعي واحمد في رواية لأنه لم يجعله نائبا في القبض فلم يقع له بخلاف الوكيل وفي رواية يصح لأنه أذن له (في القبض صح) فأشبه الوكيل وليس بجيد لأنه قبضه لنفسه باطلا فحينئذ يكون باقيا على ملك عمرو وكذا لو دفع إليه مالا وقال اشتر لي به طعاما فإن قال أقبضه لي ثم أقبضه لنفسك صح الشراء والقبض للموكل وهل يصح لنفسه منعه الشيخ لاتحاد المقبوض والقابض وهو وجه للشافعي وفي آخر الجواز لان الباطل أن يقبض من نفسه لغيره ولو قال أقبضه لنفسك منع الشافعية منه لأنه لا يتمكن من قبض مال الغير لنفسه فإن فعله فهو مضمون عليه وإن قال اشتر لنفسك لم يصح الشراء (لأنه لا يصح صح) أن يملك الانسان بثمن لغيره ولا يتعين له بالقبض وبه قال الشافعي قال احمد يصح الشراء كالفضولي ويكون الدراهم أمانة في يده لأنه لم يقبضها ليتملكها فإن اشترى نظر إن اشترى في الذمة وقع عنه وأدى الثمن من ماله وإن اشترى بعينها للشافعية وجهان الصحة والبطلان ولو كان المالان أو المال به قرضا أو إتلافا جاز عندنا خلافا للشافعي - د - لو أبقى زيد الطعام في المكيال لما اكتاله لنفسه وسلمه إلى مشتريه جاز وينزل استدامته في المكيال منزلة إبتداء الكيل وهو أظهر وجهي الشافعي وبه قال احمد ولو اكتاله زيد ثم كاله على مشتريه فوقع في المكيال زيادة أو نقصان أبا يعتاد في المكيال فالزيادة لزيد والنقصان عليه وإن كان كثيرا ردت الزيادة إلى الأول ورجع عليه بالنقصان - ه - يجوز التوكيل في القبض من المشترى وفي الاقباض من البايع وهل يجوز أن يتولاهما الواحد منعه الشيخ وبه قال الشافعي في وجه لأنه لا يجوز أن يكون قابضا مقبضا والوجه الجواز وبه قال احمد والشافعي في وجه كما لو باع الأب من ولده الصغير وكذا يجوز أن يوكل المشترى من يده يد البايع كعبده - و - لو أذن لمستحق الطعام أن يكتال من الصبرة حقه فالوجه عندي الجواز وهو أضعف وجهي الشافعية لان القصد معرفة القدر وأصحهما المنع لان الكيل أحد ركني القبض فلا يجوز أن يكون نايبا فيه عن البايع متأصلا لنفسه - ز - لو قال من عليه طعام من سلمه وله مثله لمستحقه أحضر اكتيالي وأقبضه لك ففعل فالوجه الجواز ومنع منه الشافعي واحمد للنهي وهل يكون قابضا لنفسه لأحمد وجهان أقواهما نعم لان قبض المسلم فيه قد وجد في مستحقه فصح القبض له كما لو نوى القبض لنفسه فإذا أقبضه غريمه صح وإن قال خذه بهذه الكيل فأخذه صح لأنه قد شاهد كيله وعلمه فلا معنى لاعتبار كيله مرة ثانية والمنع وبه قال الشافعي للنهي. النظر الثاني في وجوبه يجب على كل واحد من المتبايعين تسليم ما استحقه الآخر بالبيع فإن قال كل منهما لا أدفع حتى اقبض قال الشيخ يجز البايع أو لا وأطلق وهو إحدى قولي الشافعي الأربعة واحمد في رواية لان تسليم المبيع يتعلق به استقرار البيع وتمامه فإن ملك المشتري في المبيع إنما يستقر بتسليمه إلى البايع لأنه لو تلف قبل القبض بطل وثانيها وبه قال أبو حنيفة ومالك إنه يجبر المشترى على تسليم الثمن أولا لان حقه متعين في البيع فيؤمر بدفع الثمن لتعين حق البايع أيضا وثالثها لا يجبران لكن يمنعان من التخاصم فإن سلم أحدهما ما عليه أجبر الآخر ورابعها إن الحاكم يجبرهما معا على التسليم هذا إذا كان الثمن في الذمة وإن كان معينا أو تبايعا عرضا بعرض فقولان للشافعية خاصة عدم الاجبار لهما وبه قال احمد والاجبار لهما معا وبه قال الثوري واحمد والأخير عندي على التقديرين أجود لان كل واحد منهما قد وجب له حق على صاحبها. مسألة. إذا ابتداء البايع بالتسليم إما تبرعا أو بالاجبار على القول به أجبر المشترى على التسليم في الحال إن كان الثمن حاضرا في المجلس وإن كان في البلد فكذلك وأظهر وجهي الشافعي الحجر عليه في البيع عند بعض الشافعية ومطلقا عند آخرين لئلا يتصرف في أملاكه بما يفوت حق البايع والأقرب عدم الحجر وهو أضعفهما وإن كان غائبا قدر مسافة القصر قال الشافعي لا يكلف البايع الصبر إلى إحضاره بل في وجه يباع المبيع ويوفي حقه من ثمنه والأظهر عنده إن له الفسخ كما لو أفلس المشترى وعند علمائنا له الفسخ بعد ثلاثة أيام مع انتفاء الاقباض ثمنا ومثمنا وسيأتى وإن قصر عنها فهل هو كالبلد أو مسافة القصر للشافعي وجهان وإن كان معسرا فهو مفلس فإن حجر عليه الحاكم فالبايع أحق بمتاعه وإن شاء فسخ وإن شاء ضرب مع الغرماء وقال الشافعي إن كان معسرا فالبايع أحق بمتاعه في أحد الوجهين وفي الآخر يباع وتوفى حق البايع من ثمنها فإن فضل فللمشتري. فروع: - آ - كل موضع قلنا له الفسخ فله ذلك بغير حكم حاكم وبه قال احمد لأنه فسخ المبيع للاعسار بثمنه فملكه البايع كالفسخ في عين ماله إذا أفلس وكل موضع قلنا بحجر عليه فذلك إلى الحاكم لأن ولاية الحجر إليه - ب - إنما يثبت للبايع حق الحبس إذا كان الثمن حالا وليس له الحبس إلى أن يستوفى الثمن المؤجل وكذلك ليس له الحبس إذا لم يتفق التسليم إلى أن حل الاجل وبه قال الشافعي - ج - لو ابتداء المشترى التسليم إما تبرعا أو على تقدير وجوبه فالحكم في البايع كالحكم في المشتري في المسألة - د - لو هرب المشترى قبل وزن الثمن وهو معسر مع عدم الاقباض احتمل أن تملك البايع الفسخ في الحال لتعذر استيفاء الثمن والصبر ثلاثة أيام للرواية والأول أقوى لورودها في الباذل وإن كان موسرا ثبت البايع ذلك عند الحاكم ثم إن وجد الحاكم له مالا قضاه وإلا باع المبيع وقضى منه والفاضل للمشترى والمعوز عليه. مسألة. ليس للبايع الامتناع من تسليم المبيع وبعد قبض الثمن لأجل الاستبراء وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد وحكى عن مالك ذلك في القبيحة أما الجميلة فتوضع على يدي عدل حتى يستبرء لان التهمة يلحقه فيها فمنع منها وليس بجيد فإنه مبيع لا خيار فيه قبض ثمنه فوجب دفعه إليه كغيره والتهمة لا يمنعه من التسلط كالقبيحة ولو طالب المشترى البايع بكفيل لئلا يظهر حاملا لم يكن له ذلك لأنه ترك التحفظ لنفسه حال العقد. النظر الثالث. في حكمه وله حكمان انتقال الضمان إلى المشترى وتسويغ التصرفات فهنا مطلبان الأول الضمان ولا خلاف عندنا في الضمان على البايع قبل القبض مطلقا فلو تلف حينئذ انفسخ العقد وسقط الثمن وبه قال الشافعي واحمد في رواية وهو محكى عن الشعبي وربيعة لأنه قبض مستحق بالعقد فإذا تعذر انفسخ البيع كما لو تفرقا قبل القبض في الصرف وقال أبو حنيفة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من ضمان البايع إلا العقار وقال مالك إذا هلك المبيع قبل القبض لا يبطل البيع ويكون من ضمان المشترى إلا أن يطالبه به فلا يسلمه فيجب عليه قيمته للمشترى وبه قال احمد وإسحاق لقوله (ع) الخراج بالضمان ونماؤه للمشترى فضمانه عليه ولأنه من ضمانه بعد القبض وكذا قبله كالميراث ولا حجة في الخبر لأنه لم يقل الضمان بالخراج والخراج الغلة والميراث لا يراعى فيه القبض فهنا يراعى فإنه يراعى في الدراهم والدنانير بخلاف الميراث فيها وهذا مذهب مالك هو اختيار احمد ونقل عنهما معا إن المبيع إذا لم يكن مكيلا ولا موزونا ولا معدودا فهو من ضمان المشترى ومنهم من أطلق كما تقدم. تذنيب لو أبرء المشترى البايع من ضمان البيع لم يبرء وحكم العقد لا يتغير وبه قال الشافعي فلو تلف المبيع قبل القبض انفسخ العقد وسقط
(٤٧٣)