الثمن عن المشترى إن لم يكن دفعه وإن كان قد دفعه استعاده وللشافعي قول آخر إنه لا ينفسخ العقد ولا يسقط الثمن عن المشترى. مسألة. إذا انفسخ العقد كان المبيع تالفا على ملك البايع فلو كان عبدا كان مؤنة تجهيزه عليه وبه قال الشافعي وهل يقدر انه ينتقل الملك إليه قبيل التلف أو يبطل العقد من أصله فيه احتمال وأصح وجهي الشافعية الأول فالزوايد الحادثة في يد البايع كالولد والثمرة والكسب للمشترى وللبايع على الثاني. مسألة. إذا تلف المبيع قبل القبض فإن تلف بأنه سماوية فهو من مال البايع على تقدم فإن أتلفه المشترى فهو قبض منه لأنه أتلف ملكه فكان كالمغصوب إذا أتلفه الملك في يد الغاصب يبرأ من الضمان وبه قال الشافعي وله وجه إنه ليس بقبض ولكن عليه القيمة للبايع ويسترد الثمن ويكون التلف من ضمان البايع وإن أتلفه البايع قال الشيخ ينفسخ البيع وحكمه حكم ما لو تلف بأمر سماوي لامتناع التسليم وهو أصح وجهي الشافعي وبه قال أبو حنيفة لأن المبيع مضمون عليه بالثمن فإذا أتلفه سقط الثمن والاخر له وبه قال احمد لا ينفسخ البيع ويكون كالأجنبي يضمنه بالمثلى في المثل وبالقيمة في غيره لانتقال الملك عنه إلى المشترى وقد جنى على تملك غيره فأشبه إتلاف الأجنبي وإن أتلف أجنبي قال الشيخ لا يبطل البيع بل يتخير المشترى بين الفسخ فيسترجع الثمن من البايع لان التلف حصل في يد البايع وبين الامضاء فيرجع على الأجنبي بالقيمة إن لم يكن مثليا ويكون القبض في القيمة قائم مقام القبض في المبيع لأنها بدله وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين وهل للبايع حبس القيمة لاخذ الثمن يحتمل ذلك كما يحبس المرتهن قيمة الرهن والعدم لان الحبس غير مقصود بالعقد حتى ينتقل إلى البدل بخلاف الرهن وللشافعي كالوجهين. فروع: - آ - لو اشتغل البايع المبيع قبل القبض ثم تلف فلا أجرة عليه إن جعلنا إتلافه كالسماوية وإلا فعليه الأجرة وللشافعي كالوجهين - ب - لو اكلت الشاة ثمنها المعين قبل القبض فإن كانت في يد المشترى فهو كما لو تلفه وإن كانت في يد البايع فهو كإتلافه وكذا إن كانت في يد أجنبي فكإتلافه وإن لم يكن في يد أحد انفسخ البيع لأن المبيع هلك قبل القبض بأمر لا ينسب إلى آدمي فصار كالسماوية - ج - إتلاف الثمن المعين كالثمن في الأحكام المذكورة هناك إما غير المعين فلا يبطل البيع بإتلافه وكذا الثمن المضمون - د - لو باع عينا بأخرى وقبض إحديهما فباعها أو أعتقها أو استحقت بالشفعة ثم تلفت الأخرى قبله بطل العقد الأول دون الثاني ويرجع مشترى التالفة بقيمة عينه لتعذر رده وعلى الشفيع مثل الثمن لأنه عوض الشقص ولو تلفت العين الأخرى قبل قبض المشترى الثاني بطل البيعان. مسألة. لو تلف بعض المبيع قبل القبض بآفة سماوية فإن كان للتالف قسط من الثمن كعبد من عبدين مات بطل العقد فيه عند كل من يبطل البيع بالاتلاف وفي الآخر خلاف أما عندنا فلا يبطل بل يتخير المشترى في الفسخ لتبعض الصفقة عليه والامضاء وللشافعية قولان أحدهما الفسخ بناء على الأبطال بتفريق الصفقة والآخر الصحة على ذلك التقدير فرقا بين الفساد المقترن بالعقد والطاري وإن لم يكن للتالف قسط من الثمن كما لو سقط يد العبد لعلمائنا قولان أحدهما تخير المشترى بين الفسخ والامضاء مجانا مع القدرة على الفسخ لأنه ارتضاه (معيبا فكأنه اشتراه صح) معيبا عالما بعيبه وبه قال الشافعي واحمد والثاني إن للمشترى مع اختيار الامضاء الأرش كأنه عوض الجزء الفايت قبل قبضه وكما لو تلف الجميع كان مضمونا على البايع فكذا البعض أما الجزء أو الوصف فهو أقواهما عندي ولو تعيب بفعل المشترى كما لو قطع يد العبد قبل قبضه فلا خيار له لأنه أتلف ملكه فلا يرجع به على غيره ويجعل (بهما) لبعض المبيع حتى تستقر عليه ضمانه وإن مات العبد في يد البايع بعد الاندمال فلا يضمن اليد المقطوعة بأرشها المقدر ولا بما نقض القطع من القيمة وإنما يضمنها بجزء من الثمن كما يضمن الكل بكل الثمن وهو إحدى وجهي الشافعية وأصح وجهي الشافعية في كيفيته وبه قال ابن شريح إنه يقوم صحيحا ومقطوعا ويؤخذ من الثمن بمثل تلك نسبة التفاوت فلو كان صحيحا بعشرين ومقطوعا بخمسة عشر فعليه ربع الثمن و أضعفهما إنه يستقر من الثمن بنسبة أرش اليد من القيمة وهو النصف فلو قطع يديه واندملتا ثم مات العبد في يد البايع وجب على المشترى تمام الثمن والثاني أن إتلافه ليس بقبض فلا يكون قابضا لشئ من العبد ويضمن بأرشها المقدر وهو نصف القيمة كالأجنبي ولو تعيب بفعل أجنبي تخير المشترى بين الفسخ ويتبع البايع الجاني والامضاء بجميع الثمن ويغرم الجاني قال بعض الشافعية إنما يغرم إذا قبض العبد لا قبله لجواز انفساخ البيع بموت العبد في يد البايع ثم الغرامة الواجبة على الأجنبي نصف القيمة أو ما نقص من القيمة بالقطع قولان للشافعية أصحهما الأول ولو تعيب بفعل البايع إحتمل جعل جنايته كالأجنبي فيتخير المشترى بين الفسخ والرجوع عليه بالأرش كالسماوية وهو الأشهر من وجهي الشافعية فيتخير بين الفسخ والامضاء مجانا. فروع: - آ - إحتراق سقف الدار وتلف بعض الأبنية كتلف عبد من عبدين لأنه يمكن افراده بالبيع بتقدير الاتصال والانفصال بخلاف يد العبد وهو أصح وجهي الشافعية والآخر إنه كسقوط يد العبد - ب - النقص ينقسم إلى أفوات صفة وهو العيب وإلى فوات جزء وينقسم إلى ما لا ينفرد بالقيمة والمالية كيد العبد وهو في معنى الوصف وإلى ما ينفرد كأحد العبدين - ج - المبيع بصفة أو رؤية متقدمة من ضمان البايع حتى يقبضه المبتاع وبه قال أصحاب احمد وإن لم يكن مكيلا أو موزونا لتعلق حق التوفية به فجرى مجرى الكيل وقال احمد لو اشترى من رجل عبدا بعينه فمات في يد البايع فهو من مال المشترى إلا أن يطلبه فيمنعه البايع ولو حبسه عليه ببقية الثمن فهو غاصب ولا يكون رهنا إلا أن يكون قد اشترط في نفس البيع الرهن. المطلب الثاني. في التصرفات. مسألة. لعلمائنا في بيع ما لم يقبض أقوال أربعة الجواز على كراهية مطلقا وبه قال الشافعي خاصة للأصل الدال على إباحة أنواع التصرفات في الملك وقد صار ملكا له بالعقد وقول الباقر (ع) والصادق (ع) في رجل اشترى الثمرة ثم يبيعها قبل أن يقبضها قال لا بأس إلى وقول الصادق (ع) في رجل يشترى الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه قال لا بأس ويوكل الرجل المشترى منه بكيله وقبضه والمنع مطلقا وبه قال الشافعي واحمد في رواية وهو مروى عن ابن عباس وبه قال محمد بن الحسن لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يباع السلع حيث يبتاع حتى يحرزها التجار إلى رحالهم ولان الملك قبل القبض ضعيف لأنه ينفسخ البيع لو تلف فلا يفيد ولاية التصرف ولان المبيع قبل القبض مضمون على البايع للمشترى فلو نفذنا بيعه للمشترى لصار مضمونا للمشترى ولا يتوالى ضمانا عقدين من شئ واحد والمنع في المكيل والموزون مطلقا والجواز في غيرهما وبه قال احمد في رواية وإسحاق وهو مروى عن عثمان وسعيد بن المسيب والحسن والحكم وحماد بن أبي سلمان لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الطعام قبل قبضه وقول الصادق (ع) ما لم يكن فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى يكيله أو تزنه إلا أن توليه الذي قام عليه والمنع في الطعام خاصة وبه قال مالك واحمد في رواية لما تقدم في الحديثين قال ابن عبد البر الأصح عن أحمد بن حنبل إن الذي منع من بيعه قبل قبضه من الطعام وقال ابن المنذر جمع أهل العلم على أن من اشترى طعاما فليس له أن يبيعه حتى ينقله من مكانه وقال أصحاب الرأي بيع المنقول قبل القبض لا يجوز وأما العقار فقال محمد بن الحسن لا يجوز قبل قبضه وقال أبو حنيفة وأبو يوسف يجوز لأن عدم القبض في المنقول مانع من الجواز لخطر انفساخ البيع بهلاك المعقود عليه وهذا لا يتحقق في العقار ولنا قول خامس المنع من المكيل والموزون خاصة إلا تولية لقول الصادق (ع) إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه فإن لم (يكن صح) فيه كيل أو وزن فبعه والأقرب عندي الكراهية إلا في الطعام فالمنع أظهر وإن كان فيه إشكال. فروع: الأول المبيع إن كان دينا لمن يجز بيعه قبل قبضه عند المانعين لان البيع مع تعيينه لا يجوز بيعه قبل قبضه مع عدمه أولي فلا يجوز
(٤٧٤)