وإن كان حيوانا فالأقرب عندي جواز بيعه وهو أصح وجهي الشافعي لأن الظاهر بقاؤه بحاله ولم يعارضه طاهر غيره فإن وجده متغيرا فله الخيار ويقدم قول المشترى لو ادعى التغيير لان البايع يدعى عليه الاطلاع على المبيع على هذه الصفة والرضا به والمشترى ينكره وهو أحد قولي الشافعي وأضعفهما تقديم قول البايع لأصالة عدم التغير واستمرار العقد وفي أضعف وجهي الشافعي بطلان البيع لما فيه من الغرر - ج - لو شاهده أحدهما دون الاخر يثبت الخيار للاخر مع الوصف عندنا ومطلقا عند من جوز بيع الغايب. مسألة. البيع بالصفة نوعان بيع عين معينة كقوله بعتك عبدي التركي ويذكر صفاته فيصح العقد عليه فينفسخ برده على البايع وتلفه قبل قبضه لكون المعقود عليه معينا فيزول العقد بزوال محله ويجوز التفرق قبل قبض ثمنه وقبضه كبيع الحاضر وبيع موصوف غير معين مثل بعتك عبدا تركيا ويستقصى في الوصف كالسلم فإن سلم إليه غير ما وصف فرده أو على ما وصف فأبدله لم يفسد العقد إذ لم تقع على عين هذا فلا ينفسخ برده كالسلم وهل يجب قبض الثمن أو البيع قبل التفرق الوجه المنع وقال الشافعي واحمد لا يجوز التفرق قبل أخذ قبض أحد العوضين كالسلم ونمنع المساواة لأنه بيع الحال فأشبه بيع العين. مسألة. لا يصح بيع اللبن في الضرع عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وإسحاق واحمد ونهى عنه ابن عباس وأبو هريرة وكرهه طاووس ومجاهد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يباع صوف على ظهر أو لبن في ضرع وسأله سماعة عن اللبن يشترى و هو في الضرع قال لا والظاهر أن المسؤول الصادق (ع) ولجهالة قدرة ووصفه ولأنه يحدث شيئا فشيئا وقال مالك إذا عرفا قدر الحلاب في كل دفعة صح وإن باعه أياما معلومة وأجازه الحسن وسعيد بن جبير ومحمد بن مسلم كلبن الظئر والحاجة فارقة. تذنيب سوغ الشيخ بيع اللبن في الضرع إذا ضم إليه ما يحتلب منه مع مشاهدة المحلوب لقول سماعة إلا أن يحلب في سكرجة فيقول اشترى منك هذا اللبن في السكرجة وما في ضرعها بثمن مسمى فإن لم يكن في الضرع شئ كان ما في السكرجة والأشهر عندنا البطلان إذ ضم المعلوم إلى المجهول لا يصيره معلوما. مسألة. اختلف علماؤنا في بيع الصوف على ظهور الغنم والأشهر المنع وبه قال أبو حنيفة والشافعي وهو إحدى الروايته عن أحمد لأنه (ع) نهى أن يباع صوف على ظهر ولأنه متصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالعقد كأعضائه وقال بعض علمائنا بالجواز وبه قال مالك والليث بن سعد وهو رواية أخرى عن أحمد وهو الأقوى عندي لما رواه إبراهيم الكرخي قال (قلت صح) للصادق (ع) ما يقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهما قال لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف وهو يدل على المطلوب لان ضم المجهول إلى مثله لا يؤثر في العلم فبقى أن يكون الصوف مقصود بالذات والحمل بالعرض ولأنه مبيع مملوك مشاهد يجوز بيعه بعد تناوله فجاز بيعه قبل تناوله كالثمار ولوجود المقتضى وعدم المانع وهو الجهالة كالرطبة بخلاف الأعضاء لتعذر تسليمها مع سلامة الحيوان ولا فرق بين بيعه قبل التذكية وبعدها خلافا للشافعي لعدم الايلام حينئذ. مسألة. لا يجوز بيع الملاقيح وهي ما في بطون الأمهات ولا المضامين وهي ما في أصلاب الفحول جمع ملقوح يقال لقحت الناقة والولد ملقوح به إلا أنهم استعملوه بحذف الجار وقيل جمع ملقوحة من قولهم لقحت كالمجنون من جن وجمع مضمون يقال ضمن الشئ إلى تضمنه واستسره ومنهم من عكس التفسيرين ولا نعرف خلافا بين العلماء في فساد هذين البيعين للجهالة و عدم القدرة على التسليم لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الملاقيح والمضامين ولا خلاف فيه. تذنيب لو باع الحمل مع أمه جاز إجماعا سواء كان في الآدمي أو غيره ولو ضم الحمل إلى الصوف قال الشيخ يجوز كما لو ضم إلى الام ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن ذلك لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف وفيه إشكال أقربه الجواز إن كان الحمل تابعا للمقصود وإلا فلا. مسألة. يحرم بيع عسيب الفحل وهو نطفته لأنه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور عليه ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنه أما إجارة الفحل للضراب فعندنا مكروهة وليست محرمة وهو أضعف وجهي الشافعي وبه قال مالك لأنها منفعة مقصورة يحتاج إليها في كل وقت فلو لم يجز الإجارة فيها تعذر تحصيلها لعدم وجوب البذل على المالك وقال أبو حنيفة والشافعي في أصح وجهيه واحمد إنها محرمة لأنه صلى الله عليه وآله نهى عن عسيب الفحل ولأنه لا يقدر على تسليمه فأشبه إجارة الآبق لأنه متعلق باختيار الفحل وشهوته ولان القصد هو الماء وهو مما لا يجوز افراده بالبيع ونحن نقول بموجب النهى لتناوله البيع أو التنزيه ونمنع انتفاء القدرة والعقد وقع على الانزاء والماء تابع كالظئر. فروع: الأول الانزاء غير مكروه والنهى غير متوجه إلى الضراب بل إلى العوض عليه وقد سئل الرضا (ع) عن الحمر؟ ننزيها على الرمك لينتج البغال أيحل ذلك قال نعم أنزها الثاني إذا استأجر للضراب فالوجه عدم الاستحقاق إلا مع إنزال الماء في فرج الدابة لأنه و إن كان تابعا لكنه المقصود كالاستيجار على الارضاع الثالث حرم احمد أخذ الأجرة على الضراب دون إعطائها لأنه بذل ماله لتحصيل مباح يحتاج إليه وليس بجيد إذ تسويغ الاعطاء يستلزم تسويغ الاخذ الرابع لو أعطى صاحب الفحل هدية أو كرامة من غير إجارة جاز وبه قال الشافعي واحمد وهو ظاهر على مذهبنا لأنه سبب مباح فجاز اخذ الهدية عليه وعن أحمد رواية بالمنع الخامس نهى النبي صلى الله عليه وآله عن حبل الحبلة وفسرها بأمرين نتاج النتاج وهو بيع حمل ما تحمله الناقة وجعله أجلا كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة وهو بمعنييه باطل لجهالته وجهالة الاجل. مسألة. بيع الملابسة والمنابذة والحصاة باطل بالاجماع لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك كله والملامسة أن يبيع شيئا ولا يشاهده على أنه متى لمسه وقع البيع وهو ظاهر كلام احمد ومالك والأوزاعي وله تفاسير ثلاثة أن يجعل اللمس بيعا بأن يقول صاحب الثوب للراغب إذا لمست ثوبي فهو مبيع منك بكذا وهو باطل لما فيه من التعليق وقال بعض الشافعية إنه من صور المعاطاة وأن يأتي بثوب مطوى له في ظلمه فيلمسه الراغب ويقول صاحب الثوب بعتك بكذا بشرط أن يقوم لمسك مقام النظر ولا خيار لك إذا رأيته فسره الشافعي قال بعض الشافعية إن أبطلنا بيع الغايب بطل وإلا صح تخريجا من تصحيح شرط نفى الخيار وإن بيعه على أنه إذا لمسه وجب البيع وسقط خيار المجلس وغيره ويبطل عقده لفساد الشرط والوجه عندي صحته إن كان قد نظره والمنابذة قيل أن يجعل النبذ بيعا بأن يقول أنبذ إليك ثوبي بعشرة ثم ينبذه ويكتفيان به بيعا وقيل أن يقول بعتك كذا بكذا على انى إذا أنبذته إليك فقد وجب البيع قال هما الشافعية وظاهر كلام احمد ومالك والأوزاعي أن يقول إذا نبذته إلى فقد اشتريته بكذا وقيل طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه والحصاة أن يقول ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا وقيل أن يقول بعتك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا وقيل أن يقول بعتك هذا بكذا على أنى متى رميت هذا الحصاة وجب البيع ولا نعلم خلافا في بطلان الجميع. مسألة. يجب ذكر جنس المبيع أو مشاهدته عند علمائنا أجمع بأن يقول بعتك عبدي أو فرسى ولا يكفي أن يقول بعتك ما في كمي أو خزانتي أو ما ورثته من أبى مع جهالة المشترى وهو أحد قولي الشافعي للجهالة وله آخر الجواز لان المعتبر في بيع الغايب كون المبيع متعينا والجهالة لا يزول بذكر الجنس فلا معنى لاشتراطه ولا يكفي ذكر الجنس بل لابد من ذكر النوع بأن يقول عبدي التركي وهو ظاهر قول الشافعي ولا يكفي ذكرهما عندنا إلا مع ذكر الصفات الرافعة للجهالة وبه قال مالك للجهالة معه وهو أضعف قولي الشافعي وأصحهما وبه قال أبو حنيفة الاكتفاء نعم لو كان له عبدان من ذلك النوع فلابد وأن يزيد ما يقع به التبيين ويشترط ذكر صفات السلم ليرتفع الجهالة وهو أحد وجهي الشافعي وبه قال احمد وأظهرهما الاكتفاء بمعظم الصفات. مسألة. يجب العلم بالقدر فالجهل به فيما في الذمة ثمنا كان.
(٤٦٨)