حبيب بن أبي ثابت ومالك ومن تبعه من أهل المدينة والثوري والليث ومن تبعه من أهل مصر والشافعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد لنا ما رواه العامة عن المقداد (ره) قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله سهمين سهم لي وسهم لفرسي ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) للفارس سهمان وللراجل سهم ولأنه حيوان ذو سهم فلا يزاد على الواحد كالآدمي وما رواه العامة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله أعطى للفارس ثلاثة أسهم وما رواه الخاصة إن عليا (ع) كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم فمحمول على صاحب الأفراس الكثيرة لما رواه الباقر (ع) إن عليا (ع) كان يسهم للفارس ثلاثة أسهم سهمين لفرسه وسهما له ويجعل للراجل سهما. إذا عرفت هذا فإنه يعطى ذو الفرسين فما زاد ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لأفراسه (ولا يزاد على السهمين وإن كثرت الأفرس صح) وبه قال احمد لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسهم للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة أفراس ومن طريق الخاصة رواية الحسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (ع) قال إذا كان مع الرجل أفراس في غزو لم يسهم إلا لفرس منها وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي لا يسهم لأكثر من فرس واحد لان النبي صلى الله عليه وآله لم يسهم لأفراس الزبير إلا لواحد وهو معارض بما روى عن الزبير إنه (ع) أسهم له لفرسين. مسألة.
ويسهم للفرس سواء كان عتيقا وهو الذي أبواه عتيقان عربيان كريمان أو برذونا وهو الذي أبواه أعجميان أو مقرفا وهو الذي أبوه برذون وأمه عتيقة أو هجينا وهو عكس البرذون وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة لصدق اسم الفرس في الجميع ولأنه حيوان ذو سهم فاستوى الفارة وغيره كالآدمي وقال الأوزاعي لا يسهم للبرذون ويسهم للمقرف والهجين سهم واحد وعن أحمد روايات احديها يسهم لما عدا العربي سهم واحد وهو قول الحسن البصري والثانية إنه يسهم له مثل سهم العربي وبه قال عمر بن عبد العزيز والثوري والثالثة إنها إن أدركت أدراك العراب أسهم لها مثل الفرس العربي وإلا فلا الرابعة إنه لا يسهم لها وعن أبي يوسف روايتان إحديهما إنه يسهم له كالعربي الثانية إنه يسهم له سهم واحد لان البرذون لا كر له ولا فر فأشبه البعير وقد بينا عدم اعتبار التفاضل في السهام بشدة البلاء في الحرب. مسألة. لا يسهم لغير الخيل من الإبل والبغال والحمير والفيلة وغيرها عند علمائنا وهو قول عامة العلماء ومذهب الفقهاء في القديم والحديث لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله أسهام غير الخيل مع إنه كان معه يوم بدر سبعون بعيرا ولان الفرس له كر وفر وطلب وهرب بخلاف غيرهما وحكى عن الحسن البصري إنه قال يسهم للإبل خاصة وعن أحمد روايتان إحديهما إنه يسهم للبعير سهم واحد ولصاحبه سهم آخر والثانية إنه إن عجز عن ركوب الخيل فركب البعير أسهم له ثلاثة أسهم سهمان لبعيره وسهم له ولو أمكنه الغزو على الفرس لم يسهم لبعيره لقوله تعالى " فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " وهي الإبل ولأنه حيوان تجوز المسابقة عليه بعوض فيسهم له كالفرس ولا دلاله في الآية على أسهام الركاب والجامع لا يصلح للعلية لنقضه بالبغال والحمير ولا فرق بين أن تقوم الإبل مقام الخيل أو تزيد في العمل ويسهم للخيل مع حضورها الوقعة وإن لم يقاتل عليها ولا احتيج إليها في القتال لأنه أحضرها للقتال ولزم عليها مؤنة ولو كانت الغنيمة من فتح حصن أو مدينة فالقسمة فيها كالقسمة في غنايم دار الحرب وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قسم غنايم حنين للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهمين وهي حصون ولان الحاجة قد تدعوا إلى الخيل بان ينزل أهل الحصن فيقاتلوا خارجه فيسهم له ولو حاربوا في السفن وفيهم الرجالة وأصحاب الخيل قسمت الغنيمة كما يقسم في البر للراجل سهم وللفارس سهمان سواء احتاجوا إلى الخيل أو لا للرواية عن الصادق (ع) لما سأله حفص بن غياث عن سرية في سفينة قاتلوا ولم يركبوا الفرس كيف تقسم فقال (ع) للفارس سهمان وللراجل سهم. مسألة. يسهم للفرس المستعار للغزو والسهم للمستعير وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه متمكن من الغزو عليه شرعا وعقلا فأشبه المستأجر ولان سهم الفرس لمنفعة وهي مملوكه للمستعير وقال بعض الحنفية السهم للمالك وهو رواية عن أحمد وقال بعضهم لا يسهم للفرس لان السهم نماء الفرس فأشبه الولد ولان مالكه لا يستحق شيئا فكذا فرسه كالمخذل والفرق أن النماء والولد غير مأذون له فيه بخلاف الغزو والمخذل لا يستحق سهما بالحضور للخذلان بخلاف المستعير فإن صاحب الفرس لو حضر لاستحق سهما وإنما منع للغيبة فلا قياس للاختلاف في العلة ولا نعلم خلافا في استحقاق المستأجر لسهم الفرس إذا استأجره لسهم الفرس إذا استأجره للغزو ولو استعار فرسا لغير الغزو فغزا عليه استحق السهم الذي له وأما السهم الذي للفرس فكالفرس المغصوب ولو استأجره لغير الغزو فغزا عليه سقط سهم الفرس لأنه كالغاصب ولو كان المستأجر أو المستعير ممن لا سهم له كالمرجف والمخذل أو له رضخ كالمرأة والعبد كان حكمه حكم فرسه المملوكة وقد تقدم. مسألة. لو غصب فرسا فقاتل عليه استحق الغاصب سهم راجل وأما سهم الفرس فإن كان صاحبه حاضرا في الحرب فالسهم له وإلا فلا شئ له لأنه مع الحضور قاتل على فرسه من يستحق السهم فاستحق السهم كما لو كان مع صاحبه وإذا ثبت إن للفرس سهم ثبت لمالكه لان النبي صلى الله عليه وآله جعل للفرس سهما ولصاحبه سهما وما كان للفرس كان لمالكه وأما مع الغيبة فإن الغاصب لا يملك منفعة الفرس والمالك لم يحضر فلا يستحق سهما فلا يستحق فرسه وقال بعض الشافعية يسهم للغاصب وعليه أجرة الفرس لمالكه لان الفرس كالآلة فكان حاصلها لمستعملها كما لو غصب سيفا فقاتل به أو فدوما فاحتطب به والفرق إن السيف والفدوم لا شئ لهما والفرس جعل لها النبي صلى الله عليه وآله سهما ولما لم تكن الفرس أهلا للتملك كان السهم لمالكها وقال بعض الحنفية لا سهم للفرس وهو قول بعض الشافعية . إذا عرفت هذا فإنه يجب على الغاصب أجرة المثل سواء كان صاحبه حاضرا أو غايبا ولو كان الغاصب ممن لا سهم له كالمرجف فسهم الفرس لمالكه إن كان حاضرا وإلا فلا شئ له وقال بعض العامة حكم المغصوب حكم فرسه لان الفرس يتبع الفارس في حكمه فيتبع إذا كان مغصوبا قياسا على فرسه وليس بجيد لان النقص في الفارس والجناية منه فاختص المنع به وبتوابعه كفرسه التابعة له بخلاف المغصوب وكذا البحث لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس مولاه ولو غزا جماعة على فرس واحدة بالتناوب قال بن الجنيد يعطى كل واحد سهم راجل ثم يقسم بينهم سهم فرس واحدة وهو حسن. مسألة. لو غزا العبد بإذن مولاه (على فرس مولاه صح) رضخ للعبد وأسهم للفرس والسهم والرضخ للسيد ولو كان معه فرسان رضخ له وأسهم لفرسه وبه قال احمد لأنه فرس حضر الوقعة وخوصم عليه فاستحق مالكه السهم كما لو كان الراكب هو السيد وقال أبو حنيفة والشافعي لا سهم للفرس لأنه تحت من لا سهم له فلم يسهم له كما لو كانت تحت المخذل والفرق أن المخذل لا يستحق شيئا بالحضور ففرسه أولي بعدم الاستحقاق ولو غزا الصبى على فرس أسهم له ولفرسه على خلاف بيننا وبين العامة في استحقاق الصبى السهم ولو غزت المرأة أو الكافر على أفرس لهما فالأقرب إنهما يرضخان أزيد من رضخ الراجل من صنفهما وأقل من سهم الفارس لأنا قد بينا أنه لا يبلغ بالرضخ للفارس سهم فارس ولان سهم الفرس له فإذا لم يستحق هو بحضوره سهما ففرسه أولي بخلاف العبد فإن الفرس هناك لغيره وهو السيد ولو غزا المرجف والمخذل على فرس فلا شئ له ولا لفرسه ولو غزا العبد بغير إذن مولاه لم يرضخ له لأنه عاص. مسألة.
ينبغي للامام أن يتعاهد خيل المجاهدين التي تدخل دار الحرب ويعتبرها فيأذن في استصحاب ما يصلح للقتال ويمنع من استصحاب ما لا يصلح له لأنه كل وضرر كالحطم وهو الذي يتكسر من الهزال والقحم بفتح القاف وسكون الحاء وهو الكبير السن والهرم الفاني والضرع بفتح الضاد والراء هو الصغير الضعيف الذي لا يمكن القتال عليه والأعجف