بذل الزيادة ثم علم عدم الوجوب لم ينفعه كالشراء بالعين إلا أن ينبذ العهد ثم يرجع إلى بذل دينار وقيل ينفع كما يجوز ابتداء العقد به وقال بعض الشافعية الأصل في الجزية في الدينار ولا يقبل الدراهم إلا بالسعر والقيمة كما يجعل أصل نصاب الفضة ربع دينار وتقوم النقرة بالذهب كالسلع ولا يجب على الامام أن يخبرهم عن أقل ما يجب عليهم وعلى القول بعدم قبول الدينار لو التزموا بالزيادة أو لا مع جهلهم بعدم اللزوم يكونون ناقضين للعهد عند بعض الشافعية كما لو امتنعوا من أداء أصل الجزية حينئذ يبلغون المأمن أو يقتلون للشافعي قولان فإن قلنا يبلغون فعادوا فطلبوا العهد بدينار أجيبوا إليه ثم إن كان النبذ بعد مضى سنة لزمها التزمه بتمامه وإن كان في أثناء السنة لزمه لما مضى قسطه مما التزم وإذا ضرب على الفقير دينارا وعلى المتوسط دينارين وعلى الغنى أربعة كان الاعتبار في هذه الأحوال بوقت الاخذ لا بوقت العقد ولو قال بعضهم إنا فقير أو متوسط قبل قوله إلا أن تكذبه البينة. مسألة. إذا شرطت الضيافة عليهم ثم رأى الامام نفلها إلى الدنانير لم يجز إلا برضاهم لان الضيافة قد تكون أهون عليهم وهو أحد قولي (الشافعي صح) والثاني يجوز لان الأصل الدنانير فعليه إذا ردت إلى الدنانير فهل يكون في المصالح العامة أو يختص بأهل الفئ للشافعية وجهان أظهرهما الثاني لان القياس في الضيافة الاختصاص أيضا إلا أن الحاجة اقتضت التعميم فإذا ردت إلى الأصل ثبت الاختصاص كما في الدينار المضروب ابتداء وإنما تشترط الضيافة على الغنى والمتوسط دون الفقير وهو أحد وجهي الشافعية لأنه قد يتعسر القيام بها والثاني يحوز كالجزية وعلى القول بأن الضيافة من الجزية يجوز اشتراطها عليه لكن لا يزاد على دينار ولو أراد الضيف أن يأخد منهم ثمن الطعام (لم يلزم نعم له أن يأخذ الطعام صح) ويذهب به ولا يأكل عندهم بخلاف طعام الوليمة فإنه لا يجوز إخراجه لان تلك معاوضة والوليمة تكرمة ولا يطالبهم بطعام الثلاثة في اليوم الأول ولو لم يأتوا بطعام اليوم فللضيف المطالبة به (من الغد وصح) إن جعلنا الضيافة محسوبة من الدينار ولا يلزمهم أجرة الطبيب والحمام وثمن الدواء ولو تنازعوا في إنزال الضيف والخيار له ولو تزاحم الضيفان على واحد من أهل الذمة فالخيار للذمي وليكن للضيفان عريفا يرتب أمورهم وإذا دفع الذمي الجزية اخرج يده من جيبه واحنى ظهره وطأطأ رأسه وصب ما معه في كفة الميزان ويأخذ المستوفى بلحيته ويضرب في لهزميته واللهزمان في اللحيين مجتمع اللحم بين الماضع والاذن ويكفى الضرب في أحد الجانبين ولا يراعى الجمع بينهما بالهيئة المذكورة وهل هي واجبة أو مستحبة وجهان ويبتنى عليهما جواز أن يؤكل الذمي مسلما بداء الجزية وان يضمن مسلم عن ذمي وأن يحيل الذمي على مسلم ولو وكل الذمي ذميا بالأداء قال الجويني الوجه طرد الخلاف لان كل واحد منهم يثبت معنى الصغار في نفسه ولو وكل مسلما بعقد الذمة جاز فإن الصغار يثبت عند الأداء دون العقد. مسألة. قد بينا أن الخلاف فيما لو امتنع قوم من أهل ذمة الكتاب من أداء الجزية باسمها وبدلوا أداءها باسم الصدقة فقال الشافعي وأبو حنيفة يجوز وقال مالك لا يجوز وهل تسقط عنهم الإهانة حينئذ منع بعضهم منه ولا فرق في جواز التبديل بين العرب والعجم فان الحاجة واقتضاء الصدقة لا يختلف وعند الشافعي لا يؤخذ من مال الصبيان والمجانين والنساء لأنها جزية في الحقيقة وقال أبو حنيفة يجوز أخذها من النساء وينظر الامام في تضعيف الصدقة فان نقص عن الجزية زاد إلى ثلاثة أضعاف وأكثر ولو كثروا وعسر العدد ليعلم الوفاء ففي جواز الاخذ بغالب الظن وجهان والظاهر عند الشافعي المنع وإنه لابد وأن يتحقق أخذ دينار من كل رأس ويجوز الاقتصار على تضعيف الصدقة إذا حصل الوفاء ولو اشترط ضعف الصدقة وزاد على دينار عن كل واحد ثم سألوا إسقاط الزيادة وإعادة اسم الجزية أجيبوا إليه لان الزيادة أثبتت لتغير الاسم وللشافعية وجه آخر إنهم لا يجابون إليه ومن ملك من مأتين من الإبل أخذ منه ثمان حقاق أو عشر بنات لبون ولا يفرق بأخذ أربع حقاق وخمس بنات لبون كما لا يفرق في الصدقة عند الشافعي ويأخذ من ستين من البقر أربع تبيعات لا ثلاث مسنات ولا يجعل كأنه ملك مئة وعشرين من البقر كما لا تجعل في مأتين من الإبل كأنه ملك أربعمائة حتى يجوز التفريق بأخذ أربع حقاق أو خمس بنت لبون وفي تضعيف الجبران عنده وجهان أحدهما يضعف فيؤخذ مع بنت مخاض أربع شياة أو عشرين درهما لأنه بعض الصدقة الموجودة وأصحهما المنع لما في تضعيف الجبران من تضعيف الضعف فيؤخذ مع بنت مخاص شاتان أو عشرون درهما ولو لم يوجد في مال صاحب ست وثلاثين بنت لبون أخذ الامام حقتين ويرد جبرانين ولا خلاف بينهم في أن الجبران لا يضعف هنا ويخرج الامام الجبران من الفئ كما إذا أخذه رده إلى الفئ وهل يؤخذ من بعض النصاب قسطه من واجب تمام النصاب كشاة من عشرين شاة ونصف شاة من عشر فيه للشافعي قولان أحدهما نعم قضية للتضعيف وأصحهما عندهم المنع لان الأثر عن عمر ورد في تضعيف ما يجب على المسلم لا في ايجاب ما لا يجب فيه شئ على المسلم. مسألة. إذا استأذن الحربي في دخول دار الاسلام أذن له الامام إن كان يدخل للرسالة أو حمل ميرة أو متاع تشتد حاجة المسلمين إليه ولا يجوز توظيف مال على الرسول والمستجير لسماع كلام الله تعالى فإن لهما الدخول من غير إذن وإن كان يدخل لتجارة لا تشتد الحاجة إليها فيجوز أن يأذن له ويشترط عليه عشر ما معه من مال التجارة لأنه لما ارتفق بالتجارة جعل عليه في مقابلة إرفاقه شئ وإنما يؤخذ العشر من مال التجارة ولا يعشر ما معه من ثوب ومركوب وللشافعية وجهان في أنه هل يجوز للامام أن يزيد المشروط على العشر أصحهما عنده الجواز وكذا يجوز نقضها فيرد العشر إلى نصف العشر فما دون خصوصا فيما تكثر حاجة المسلمين إليه كالميرة ولو رأى أن يأذن لهم وإن يرفع الضريبة أصلا ففي جوازه وجهان أحدهما المنع لئلا يترددوا ويرتفقوا بدار الاسلام من غير مال وأظهرهما الجواز لدعاء الحاجة إليه ثم إن شرط الاخذ من تجارة الكافر اخذ سواء باع ماله أو لا وإن شرط الاخذ من الثمن فلا يؤخذ ما لم يبع وأما الذمي فله أن يتجر فيما سواء الحجاز من بلاد الاسلام ولا يؤخذ من تجارته شئ إلا أن يشترط عليه مع الجزية ثم الذمي في بلد الحجاز كالحربي في بلد الاسلام ولا يؤخذ منهما في كل حول الامرة واحدة إذا كان يدور في بلاد الاسلام تاجرا ويكتب له وللذمي براءة حتى لا يطالب في بلد آخر قبل مضى الحول ولو رجع الحربي إلى دار الحرب ثم عاد الحول فوجهان أحدهما أنه يؤخذ في كل مرة لئلا يرتفق بدار الاسلام بلا عوض بخلاف الذمي فإنه في قبضة الامام والثاني إنه لا تؤخذ الامرة لان الضريبة كالجزية ويتخير الامام فيما يضرب بين أن يستوفيها دفعة واحدة وبين أن يستوفيها في دفعات وما ذكرناه من أخذ المال من تجارة الحربي أو الذمي كما إذا شرطت عليه ذلك فأما إذا أذن للحربي في دخول دار الاسلام أو الذمي في دخول الحجاز بلا شرط فوجهان أحدهما يؤخذ حملا للمطلق على المعهود والثاني المنع لانهم لم يلتزموا وقال أبو حنيفة إن كانوا يأخذون من المسلمين إذا دخلوا دارهم تجارا أخذ منهم مثل ما يأخذون وإن لم يشترط وإلا فلا يؤخذ منهم واعترض عليه بأنه مجازاة غير الظالم ولأنه لو وجب ان نتابعهم في فعلهم لوجب أن نقتل من أمناه إذا قتلوا من أمنوه. مسألة. إذا صالحنا طائفة من الكفار على أن تكون أراضيهم لهم ويؤدون خراجا من كل جريب في كل سنة شيئا جاز ويطرد ملكهم قاله الشافعي والمأخوذ جزية مصرفه مصرف الفئ والتوكيل بإعطائه كالتوكيل بإعطاء الجزية ويشترط أن يكون ما يختص كل واحد من أهل الجزية قدر دينار إذا وزع على عدد رؤوسهم ويلزمهم ذلك ورعوا أو لا ولا يؤخذ من أراضي الصبيان والمجانين والنساء ولهم بيع تلك الأراضي
(٤٤٤)