. مسألة. مع أداء الجزية لا يؤخذ سواها سواء اتجروا في بلاد الاسلام أو لم يتجروا إلا في أرض الحجاز على ما يأتي وبه قال الشافعي لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية " جعل إباحة الدم ممتد إلى إعطاء الجزية وما بعد الغاية يخالف ما قبلها وما رواه العامة من قوله (ع) فادعهم إلى الجزية (فإن أطاعوك فاقبل منهم صح) فإن أجابوك فدعهم وكف عنهم ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) في أهل الجزية أيؤخذ من أموالهم ومواشيهم شئ سواء الجزية قال لا وقال احمد إذا خرج من بلده إلى أي بلد كان عن بلاد الاسلام تاجرا أخذ منه نصف العشر لقوله (ع) ليس على المسلمين عشورا إنما العشور على اليهود والنصارى ويحتمل أن يطلق لفظ العشور على الجزية أو يحمل على المتجرين بأرض الحجار تذنيب مصرف الجزية هو مصرف الغنيمة سواء لأنه مال أخذ بالقهر والغلبة فكان مصرفه المجاهدين كغنيمة دار الحرب. مسألة.
اختلف علماؤنا في الصغار فقال بن الجنيد إنه عبارة عن أن يشترط عليهم وقت العقد اجراء أحكام المسلمين عليهم إذا كانت الخصومات ما بينهم وبين المسلمين أو يتحاكموا إلينا في خصوماتهم وأن تؤخذ منهم وهم قيام على الأرض قال الشيخ (ره) الصغار التزام أحكامنا وإجرائها عليهم وقال الشافعي هو أن يطأطأ رأسه عند التسليم فيأخذ المستوفى بلحيته ويضربه في لهازمه وهو واجب في أحد قوليه حتى لو وكل مسلما بالأداء لم يجز وإن ضمن المسلم الجزية لم يصح لكن يجوز إسقاط هذه الإهانة مع اسم الجزية عند المصلحة بتضعيف الصدقة ويجوز ذلك مع العرب والعجم فيقول الامام أبدلت الجزية بضعف الصدقة فيكون ما يأخذه جزية باسم الصدقة فيأخذ من خمس من الإبل شاتين ومن خمس وعشرين بنتي مخاض ومما سقت السماء الخمس ومن مائتي درهم عشرة دراهم ومن عشرين دينارا دينارا ويأخذ من ست وثلاثين بنتي لبون فإن لم تكن بنتا لبون فبنتي مخاض ومع كل واحدة شاتان أو عشرون درهما ولا يضعف الجبران ثانيا والامام أيضا يعطى الجبران وهل يحط عنهم الوقص فيه ثلاثة أوجه له أحدهما لا يحط فيأخذ من عشرين شاة شاة ومن مائة درهم خمسة دراهم والثاني يحط والثالث لا تحط إلا إذا أدى إلى التجزية فيأخذ من سبعة من الإبل ونصف ثلاث شيات ثم على الامام أن ينظر فيما يحصل من الصدقة فإن لم يف بمال الجزية إذا قوبل بعدد رؤوسهم زاد إلى ثلاثة أضعاف وزيادة وله أن يقنع بضعف الصدقة إن كان وافيا قال الشافعي ويجوز أخذ العشر من بضاعة تجار أهل الحرب وتجوز الزيادة إن رأى والنقصان إلى نصف العشر عن الميرة ترغيبا لهم في التكثير من كل ما يحتاج إليه المسلمون وهل يجوز حط أصله خلاف وأما الذمي فلا يؤخذ من تجارته شئ إلا أن يتجر في الحجار ففيه خلاف ولا يؤخذ العشر في السنة أكثر من مرة وإنما يؤخذ هذا من الحربي إذا دخلت بهذا الشرط فلو دخل بأمان من غير شرط فأصح الوجهين إنه لا شئ عليهم وأما الخراج فإنما يكون إذا قررت أملاكهم عليهم بشرط الخراج ويسقط بالاسلام فإن ملكناها عليهم ورددناها بخراج فذلك أجرة لا تسقط بالاسلام كأراضي العراق. مسألة. إذا مات الذمي بعد الحول لم تسقط عنه الجزية وأخذت من تركته وبه قال الشافعي ومالك لأنه مال استقر وجوبه عليه في حال حياته فلا يسقط بالموت كساير الديون وقال أبو حنيفة يسقط وهو قول عمر بن عبد العزيز وعن أحمد روايتان لأنها عقوبة فسقطت بالموت ونمنع أنها عقوبة وإن استلزمتها بل معاوضة لأنها وجبت لحقن الدماء والمساكنة والحد يسقط بالموت لفوات محله وتعذر استيفائه بخلاف الجزية ولو مات في أثناء الحول ففي مطالبته بالقسط نظر أقربه المطالبة وبه قال بن الجنيد لان الجزية معاوضة عن المساكنة وإنما أخرنا المطالبة إرفاقا ولو لم يمت لم يطالب في أثناء السنة مع عقد العهد على أحدهما في اخر السنة عملا بالشرط وتقدم الجزية على وصاياه والوجه مساواتها للدين فتسقط التركة عليهما مع القصور ولو لم يخلف شيئا لم يطلب ورثته بشئ ولو مات قبل الحول لم يؤخذ من تركته شئ أيضا ولو أفلس ضرب الامام مع الغرماء بقدر الجزية ولو مات الذمي وقد استسلف منه عن السنة المقبلة رد على ورثته بقدر ما بقى من السنة. مسألة. لو أسلم الذمي في أثناء الحول سقطت الجزية إجماعا منا وإن أسلم بعد الحول قال الشيخان وبن إدريس تسقط وبه قال مالك والثوري وأبو عبيده واحمد وأصحاب (الرأي صح) لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " أوجب الاخذ حالة الصغار ولا يتحقق في حق المسلم فلا يثبت الجزية أيضا ولقوله تعالى " قل للذين كفروا ان ينتهوا نغفر لهم ما قد سلف " وهو عام وقول أمير المؤمنين (ع) ليس على المسلم جزية و أسلم ذمي فطولب بالجزية وقيل له إنما أسلمت تعوذا فقال إن في الاسلام معاذا فرفع إلى عمر فقال عمر إن في الاسلام معاذا وكتب أن لا يؤخذ منه الجزية (ولان الجزية صح) صغار فلا تؤخذ كما لو أسلم قبل الحول وللشيخ (ره) قول آخر لا تسقط وبه قال الشافعي وأبو ثور وبن المنذر لأنها دين مستحق فاستحقت المطالبة به فلا يسقط بالاسلام كالخراج والدين والفرق إنها عقوبة بسبب الكفر وصغار بخلاف الدين ولا فرق بين أن يسلم لتسقط عنه الجزية أو لا لذلك وفرق الشيخ (ره) فأوجب الجزية على التقدير الأول دون الثاني كما لو زنا ذمي بمسلمة لا يسقط عنه القتل بإسلامه ولو أسلم في أثناء الحول سقطت عنه الجزية وهو أحد قولي الشافعي والثاني يؤخذ منه القسط ولو استسلف منه الحربي ثم أسلم في أثناء الحول رد عليه قسط باقي الحول وهل يرد لما مضى الأقرب عدمه والفرق بين أن يأخذ منه وبين أن لا يأخذ ظاهر لتحقق الصغار للمسلم في الأول دون الثاني . البحث الثالث. فيما يشترط على أهل الذمة. مسألة. لا يجوز عقد الذمة المؤبدة إلا بشرطين التزام إعطاء الجزية في كل حول والتزام أحكام الاسلام بمعنى وجوب قبولهم لما يحكم به المسلمون من أداء حق أو ترك محرم وعقد الذمة والهدنة لا يصح إلا من الامام أو نايبه إجماعا ولو شرط عليهم في الذمة عقدا فاسدا مثل أن لا جزية عليهم وان يظهروا المناكير أو أن يسكنوا الحجاز أو يدخلوا الحرم أو المساجد أو عدم الالتزام بأحكام الاسلام لم يصح الشرط إجماعا والأقرب فساد العقد أيضا وينبغي للامام أن يشترط عليهم كل ما فيه نفع المسلمين ورفعتهم قال بن الجنيد اختار أن يشترط عليهم أن لا يظهروا سبأ لنبينا (ع) ولا لاحد من الأنبياء والملائكة ولا سب أحد من المسلمين ولا يطعنوا في شئ من الشرايع ولا يظهروا شركهم في عيسى والعزير ولا يرعون خنزيرا في شئ من أمصار الاسلام ولا يمثلوا ببهيمة ولا يذبحوها إلا من حيث نص لهم في كتبهم على مذبحها ولا يقربوها لصنم ولا لشئ من المخلوقات ولا يرثوا مسلما ولا يعاملوه في بيع ولا إجارة ولا مساقاة ولا مزارعة معاملة ولا يجوز للمسلمين ولا يسقوا مسلما خمرا ولا يعطوا محرما ولا يقاتلوا مسلما ولا يعاونوا باغيا ولا ينقلوا أخبار المسلمين إلى أعدائهم ولا يدلوا على عوراتهم ولا يخبوا من بلاد الاسلام شيئا إلا بإذن واليهم فان فعلوا كان للوالي إخراجه من أيديهم ولا ينكحوا مسلمة بعقد ولا غيره ويشرط عليهم أيضا كل ما قلناه إنه ليس بجايز لهم فعله كدخول الحرم وسكنى الحجاز وغيرهما يقال فمن فعل شيئا من ذلك فقد نقض عهده وأحل دمه وماله وبرئت منه ذمة الله ورسوله والمؤمنين. مسألة.
جملة ما يشترط على أهل الذمة ينقسم سنة الأول ما يجب شرطه ولا يجوز تركه وهو أمران أحدهما الجزية شرط عليهم وثانيهما التزام أحكام شرائط الاسلام ولابد منهما معا لفظا ولا يجوز الاخلال بهما ولا بأحدهما فإن أعقل أحدهما لم ينعقد الجزية لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " والصغار وهو التزام أحكام الاسلام لقول قال الصادق (ع) ولو منع الرجال وأبوان يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم الثاني ما لا يجب شرطه لكن الاطلاق يقتضيه وهو أن لا تفعلوا ما ينافي الأمان من العزم على حرب المسلمين أو إمداد المشركين بالإعانة على حرب المسلمين لانهم إذا قاتلونا وجب علينا قتالهم وهو ضد الأمان