ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين ولان علمه مبطل فكذا جهله كالحدث وقال الشافعي لا تبطل به الصلاة وبه قال مالك والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور لان النبي صلى الله عليه وآله لما انصرف من اثنتين قال ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى اثنتين اخريين ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع وقد بينا بطلان الحديث ولأنه (ع) يمتنع عليه جهل تحريم الكلام في الصلاة ولا فرق بين أن يكون قريب العهد بالاسلام أو لا خلافا للشافعي في قول له ولو علم تحريم الكلام ولم يعلم أنه مبطل لم يعذر وبه قال الشافعي لأنه لما عرف التحريم كان حقه الامتناع منه - د - لو تكلم ناسيا لم تبطل صلاته ويسجد للسهو عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور لقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطا والنسيان وما استكرهوا عليه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الرجل يسهوا في الركعتين ويتكلم قال يتم ما بقى من صلاته وسئل الصادق (ع) عن الرجل يتكلم في الصلاة ناسيا يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين وقال أبو حنيفة تبطل إلا أن يسلم من اثنتين ساهيا لان عمده يبطل الصلاة فكذا سهوه كالحدث والفرق ان الحدث يبطل الطهارة ويوجبها - ه - لا فرق بين أن يطول كلام الناسي أو يقصر لان خطاب الآدمي على وجه السهو وللشافعي قول بالفرق فابطلها مع الكثرة كالفعل ونمنع الأصل ويفرق بان الفعل اكد فان عتق المجنون لا ينفذ وينفذ احباله - و - لا خلاف في أن الحرف الواحد ليس مبطلا لأنه لا يعد كلاما ولعدم انفكاك الصوت منه غالبا نعم في الحرف الواحد المفهم كق وس وع إشكال ينشأ من حصول الافهام به فأشبه الكلام ومن دلالة مفهوم النطق بحرفين على عدم الأبطال به واما الحرف بعد مده ففيه نظرا ان ينشأ من تولد المد من إشباع الحركة ولا يعد حرفا ومن أنه إما الف أو واو أو ياء - ز - لو تكلم مكرها عليه فالأقوى الأبطال به لأنه مناف للصلاة فاستوى الاختيار فيه وعدمه كالحدث ويحتمل عدمه لرفع ما استكرهوا عليه وللشافعي قولان - ح - لا يجوز ان يأن بحرفين ولا يتأوه بهما لأنه يعدان كلاما - ط - السكوت الطويل ان خرج به عن كونه مصليا أبطل وإلا فلا مسألة يجوز التنبيه على الحاجة إما بالتصفيق أو بتلاوة القرآن كما لو أراد الاذن لقوم فقال ادخلوها بسلام آمنين أو قال لمن أراد التخطي على البساط بنعله إخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى أو أراد اعطاء كتاب لمن اسمه يحيى يا يحيى خذ الكتاب بقوة أو يوسف أعرض عن هذا أو أتى بتسبيح أو تهليل وقصد القرآن والتنبيه وبه قال الشافعي لان عليا (ع) قال كانت لي ساعة أدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله فإن كان في الصلاة يسبح وذلك إذنه وإن كان في غير الصلاة أذن ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) نعم لما قال له ناجية بن حبيب اضرب الحايط لأوقظ الغلام وقال أبو حنيفة تبطل صلاته إلا أن ينبه إمامة والمار بين يديه لأنه قصد به خطاب الآدمي لاصلاح الصلاة فأشبه رد السلام والأصل ممنوع والفرق بأنه خطاب الآدمي بالوضع فروع - آ - لو لم يقصد إلا التفهيم بطلت صلاته لأنه لم يقصد القرآن فلم يكن قرآنا وفيه اشكال ينشأ من أن القرآن لا يخرج عن كونه قرآنا بعدم قصده - ب - لا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك وبه قال مالك لعموم قوله صلى الله عليه وآله من نابه في صلاته شئ فليسبح وقال الشافعي يسبح الرجل وتصفق المرأة لقوله (ع) إذا نابكم شئ في الصلاة فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء ولو خالفا فسبحت المرأة وصفق الرجل لم تبطل الصلاة عنده بل خالفا السنة - ج - لو صفقت المرأة أو الرجل على وجه اللعب لا الاعلام بطلت صلاتهما لان اللعب ينافي الصلاة ويحتمل ذلك مع الكثرة خاصة مسألة إذا سلم عليه وهو في الصلاة وجب عليه الرد لفظا عند علمائنا وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وقتادة لقول الباقر (ع) ان عمارا سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فرد عليه السلام وقال محمد بن مسلم دخلت على الباقر (ع) وهو في الصلاة فقلت السلام عليك فقال السلام عليك قلت كيف أصبحت فسكت فلما انصرف قلت له أيرد الرجل السلام وهو في الصلاة قال نعم مثل ما قيل له ولان الامر بالرد مطلق فيتناول حال الصلاة كغيرها ولأنه واجب فلا تبطل الصلاة به كالكلام الواجب عند الشافعي وقال الشافعي يرد السلام بالإشارة لان أبا مسعود لما قدم من الحبشة سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في الصلاة فلم يرد عليه قال أبو مسعود فأخذني ما قرب وما بعد فلما فرغ قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنزل في شئ قال لا ولكن الله يحدث من امره ما يشاء وان مما أحدث ان لا تتكلموا في الصلاة وليس حجة لجواز ان يكون قبل الامر بالرد أو انه حياه بغير السلام وسماه سلاما مجازا وقال أبو حنيفة لا يرد عليه وتبطل فان رسول الله صلى الله عليه وآله دخل مسجد بنى عمرو بن عوف يصلى ودخل معه صهيب فدخل معه رجال من الأنصار يسلمون عليه فسألت صهيبا كيف كان يصنع إذا سلم عليه فقال يشير بيده وقال عطا والنخعي والثوري يرد بعد فراغه ونقله الجمهور عن أبي ذر فروع - آ - لا يكره السلام على المصلى وبه قال ابن عمر واحمد للأصل ولقوله تعالى إذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم وهو عام وحكى ابن المنذر عن عطا وأبى مجاز والشعبي وإسحاق بن راهويه وجابر الكراهة وعن أحمد روايتان وظاهر كلام الشافعي الكراهة لأنه كره السلم على الامام حال الخطبة فحال الصلاة أولي - ب - إذا أسلم بقوله سلام عليكم رد مثله ولا يقول وعليكم السلام لأنه عكس القرآن ولقول الصادق (ع) وقد سأله عثمان بن عيسى عن الرجل يسلم عليه وهو في الصلاة يقول سلام عليكم ولا يقول عليكم السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قائما يصلى فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه فرد عليه النبي (ع) هكذا - ج - لو سلم عليه بغير اللفظ المذكور فان سمى تحيته فالوجه جواز الرد به وبقوله سلام عليكم لعموم قوله تعالى فحيوا بأحسن منها أو ردوها ولو لم يسم تحيته جاز إجابته بالدعاء له إذا كان مستحقا له وقصد الدعاء لا رد السلام ولو سلم عليه بقوله عليك السلام ففي جواز اجابته بالصورة اشكال ينشأ من النهى ومن جواز الرد مثل التحية - د - لو اتقى رد فيما بينه وبين نفسه تحصيلا لثواب الرد وتخليصا من الضرر ولقول الصادق (ع) إذا سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك وفى رواية أخرى ترد عليه خفيا مسألة يجوز تسميت العاطس بان يقول المصلى له يرحمك الله لأنه دعاء وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله لقوم ودعا على آخرين وهو محكى عن الشافعي وظاهر مذهبه البطلان لان معوية بن الحكم السلمي قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله فعطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بابصارهم فقلت واثكل أماه وما شأنكم تنظرون إلى فقال فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فعرفت انهم يصمتونى فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هي تكبير وقراءة القرآن ولا حجة فيه لان إنكاره (ع) وقع على كلامه لا على تسميته إذا عرفت هذا فإنه يجوز ان يحمد الله تعالى إن عطس هو أو غيره لأنه شكر لله تعالى على نعمه ولقول الصادق (ع) إذا عطس الرجل فليقل الحمد لله وقال له أبو بصير اسمع العطسة فأحمد الله وأصلي على النبي صلى الله عليه وآله وأنا في الصلاة قال نعم ولو كان بينك وبين صاحبك البحر مسألة التنحنح جايز لأنه لا يعد كلاما وأظهر وجوه الشافعية البطلان به ان ظهر منه حرفان وان لم يبين كما إذا استرسل سعال لا يبين منه حرف لم يبطل والثاني عدم البطلان وان بان منه حرفان لأنه ليس من جنس الكلام والثالث إن كان مطبقا شفتيه لم يضر كقرقرة البطن وإن كان فاتحا فمه فإن بان عنه حرفان بطلت وإلا فلا ولو تعذرت القراءة إلا به فهو معذور وان أمكنه القراءة وتعذر الجهر فوجهان عندهم أحدهما انه كالقرائة لإقامة شعار الجهر والثاني المنع لان الجهر سنة فلا ضرورة إلى التنحنح له ولو تنحنح الامام وبان منه
(١٣١)