لا فرق عند علمائنا بين الركن وغيره من الواجبات بل أوجب الشيخان الإعادة بالشك في الجزء من الأوليين مطلقا والباقون على الصحة وليس بعيدا من الصواب الفرق بين الركن وغيره لان ترك الركن سهوا مبطل كعمده والشك فيه وفى الحقيقة شك في الركعة إذ لا فرق بين الشك في فعلها وعدمه وبين الشك في فعلها على وجه الصحة والبطلان - ج - هل الشك في اجزاء ثالثة المغرب وكيفيتها الواجبة كالشك في الأولتين أو في الأخيرتين لم ينص علماؤنا على شئ منهما وكلاهما يحتمل لاجراء الثالثة مجرى الثانية في الشك عددا فكذا كيفيته للمساواة في طلب المحافظة عليها وعدم التنصيص الثابت في الأوليين - د - لو شك في ركعات الكسوف أعاد على قول الشيخ وعلى ما اخترناه من الفرق بين الركن وغيره إما على قول الباقين فإنه يأتي به لأنه لم يتجاوز محله ان شك في العدد مطلقا أو في الأخير إما لو شك في سابق كما لو شك هل ركع عقيب قراءة التوحيد مثلا وقد كان قرأها أو لا فإنه لا يلتفت لانتقاله عن محله - ه - لو شك في عدد الثنائية ثم ذكر قبل فعل المبطل أتم صلاته على ما ذكره والا بطلت مسألة لو شك فلا يدرى كم صلى أعاد إذ لا طريق له إلى براءة ذمته الا ذلك ولقول الصادق (ع) إذا لم تدر في ثلاث أنت أم في ثنتين أم في واحدة أو أربع فاعد ولا تمض على الشك وقول الكاظم (ع) إذا لم تدر كم صليت ولم يقع وهمك على شئ فأعد الصلاة مسألة لو شك في الاتيان بركن أو غيره من الواجبات فإن كان قد تجاوز المحل لم يلتفت مثل ان يشك في النية وقد كبر أو في تكبيرة الافتتاح وقد قراء أو في القراءة وقد ركع أو في الركوع وقد سجد أو في السجود أو التشهد وقد قام وإن كان في محله لم يتجاوز عنه فإنه يأتي به لان الأصل بعد التجاوز الفعل إذ العادة قاضية بان الانسان لا ينتقل عن فعل إلا بعد إكماله ولان اعتبار الشك بعد الانتقال حرج لعروضه غالبا ولقول الصادق (ع) إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ أما في المحل فإن الأصل عدم الفعل والاتيان به ممكن من غير خلل ولا تغيير لهيئة الصلاة ولقول الصادق (ع) يركع ويسجد لما سأله أبو بصير عن رجل شك وهو قائم فلا يدرى ركع أو لم يركع وقال الشافعي لو شك الراكع في ترك القراءة أو الساجد في ترك الركوع فعليه ان يعود في الوقت إلى ما شك في فعله لان الفرض قد توجه عليه فلا يسقط إلا بيقين ونمنع التوجه مطلقا إذا ثبت هذا فان ذكر انه كان قد فعله قبل أعاد الصلاة إن كان ركنا كالركوع والسجدتين لان زيادته مطلقا مبطلة وان لم يكن ركنا كالسجدة الواحدة والتشهد والقراءة لم يعد لعدم الأبطال بسهوه ولقول الصادق (ع) لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة فروع - آ - لو شك في الركوع وهو قائم فأتى به ثم ذكر إنه كان قد ركع قبل ان ينتصب أعاد وبه قال ابن ابن أبي عقيل منا لان الركوع الانحناء وقد وجد فيكون قد زاد ركنا وصار كما لو ذكر بعد الانتصاب وقال الشيخ والمرتضى يهوى للسجود ولا يرفع رأسه لان ركوعه مع هويه لازم فلا يعد زيادة وهو ممنوع لان سمى الركوع وهو الانحناء قد حصل والرفع ليس جزءا منه بل انفصال عنه وقد قصد الراكع - ب - لو شك في قرائة الفاتحة وهو في السورة قرأ الفاتحة وأعاد السورة لان محل القرائتين واحد - ج - لو شك في السجود وهو قائم أو في التشهد قال الشيخ يرجع ويسجد أو يتشهد ثم يقوم لان القيام والقراءة ليسا بركنين فيكون في حكم ركن السجود ولقول الصادق (ع) في رجل يسجد نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر سجد أم لم يسجد وقد بينا ان القيام ركن وقبل الاستواء مغاير للاستواء والنزاع في الثاني والوجه عدم الالتفات لقول الصادق (ع) ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه لو سهى عن ركن ولم يذكر إلا بعد انتقاله أعاد الصلاة لان ترك الركن مبطل سواء كان عن عمد أو سهو البحث الثاني فيما لا حكم له مسألة لو نسى القراءة حتى ركع مضى في صلاته ولم يجب عليه تدارك القراءة وكذا لو نسى الحمد أو السورة لأنه عذر فيسقط معه الوجوب ولان الأصل براءة الذمة ولقول الصادق (ع) وقد قال له منصور بن حازم صليت المكتوبة ونسيت ان اقراء في صلاتي كلها أليس قد أتممت الركوع والسجود قلت بلى قال تمت صلاتك وقال الشافعي يتدارك القراءة ثم يأتي بما بعدها وهل تجب سجدتا السهو لعلمائنا قولان أحدهما الوجوب وهو أقوى لما يأتي والثاني المنع عملا بالبراءة مسألة لو نسى الجهر والاخفات حتى فرغ من القراءة مضى في صلاته ولا يستأنف القراءة وإن كان لم يركع لأنه فعل المأمور به وهو القراءة والكيفية لا تجب مع النسيان لأنه عذر ولقول الباقر (ع) وقد سأله زرارة عن رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر وأخفى فيما لا ينبغي الاخفات فيه وقراء فيما لا ينبغي القراءة فيه وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه فقال إن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا فلا شئ عليه ولأنه لو ترك أصل القراءة ناسيا صحت صلاته فالكيفية أولي وهل يسجد له لعلمائنا قولان أحدهما الوجوب بناء على أن كل سهو يلحق الانسان يجب فيه السجدتان على ما يأتي والثاني المنع لان قول الباقر (ع) لا شئ عليه يقتضى نفى السجود وبالأول قال مالك لقوله (ع) لكل سهو سجدتان وبالثاني قال الشافعي والأوزاعي لان أنسا جهر في العصر فلم يسجد له ولأنها هيئة مسنونة فلم يسجد لتركها كرفع اليدين ولا حجة في فعل أنس مع أنها شهادة نفى ونمنع الجامع لأنه عندنا واجب وعن أحمد روايتان كهذين وقال أبو حنيفة إن كان إماما سجد ونقل عنه إن أسر المصلى بما يجهر فلا سجود عليه وان جهر بما يسر فعليه سجود السهو ثم اختلفوا في قدره فمنهم من اعتبر أن يجهر بقدر ثلاث آيات ومنهم من اعتبر الجهر باية ونقل أبو إسحاق عن الشافعي انه يسجد لكل مسنون تركه في الصلاة سواء كان ذكرا أو عملا مسألة لو سهى عن الذكر في الركوع والسجود فإن كان بعد لم يرفع رأسه سبح وإن كان قد رفع مضى في صلاته لما تقدم ولقول علي (ع) وقد سئل عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا قال تمت صلاته وسئل الكاظم (ع) عن رجل نسى تسبيحة في ركوعه وسجوده قال لا بأس بذلك وهل يسجد للسهو لعلمائنا قولان وقال الشافعي لا يسجد فيها للسهو ولأنها ليست اركانا مقصودة بل هيئات لها وبه قال أبو حنيفة أيضا مسألة لو ترك الطمأنينة في الركوع أو الرفع منه أو في إحدى السجدتين أو في الرفع من الأولى أو في إكماله أو في الرفع من الركوع أو في الجلوس للتشهد أو ترك عضوا من السبعة لم يسجد عليه فما زاد سهوا فإن كان في محله أتى به وان انتقل لم يلتفت لأنه عذر في الافعال فكذا في كيفياتها مسألة لا حكم للسهو في السهو لأنه لو تداركه أمكن ان يسهو ثانيا فلا ينفك عن التدارك وهو حرج فيكون منفيا ولأنه شرع لإزالة حكم السهو فلا يكون سببا لزيادته ولقوله الصادق (ع) ليس على السهو سهو ولا على الإعادة إذا عرفت هذا فاعلم أن الشافعي قال إن الساهي إذا استيقن انه سهى و شك انه هل سجد للسهو أم لا يسجد لان الأصل انه لم يسجد وكذا إذا سجد وشك هل سجد واحدة أو اثنتين فإنه يأتي بسجدة أخرى والنفل أولي أما لو شك هل سهى أم لا فإنه لا يلتفت ولا شئ عليه لان الأصل عدم السهو سواء كان في الزيادة أو النقصان وقال الشافعي إن كان في الزيادة مثل ان شك هل زاد في الصلاة سهوا أم لا أو هل جرى في صلاته ما يقتضى سجود أم لا فإنه لا سهو فيه ولا سجود عليه وإن كان في النقصان فإن كان قد شك في نقصان فعل واجب كسجود وغيره أتى به وسجد للسهو وإن كان في مسنون يسجد له كالتشهد الأول أو القنوت فإنه يسجد له لان الأصل عدمه مسألة ولا سهو على من كثر سهوه وتواتر بل يبنى على وقوع ما شك فيه ولا يسجد للسهو فيه لما في وجوب تداركه من الحرج ولقول الصادق (ع) إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك وقول الباقر (ع) إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك فإنه يوشك ان يدعك فإنما هو الشيطان إذا عرفت هذا فالمرجع إلى العرف في حد الكثرة إذ عادة الشرع رد الناس إلى عرفهم فيما لم ينص عليه وقال بعض علمائنا حده ان يسهو في شئ واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات أو يسهو في أكثر الصلوات الخمس كالثلث فيسقط بعده
(١٣٦)