وبناء على ذلك لو كان عدم الإطاعة مستلزما للإيذاء والعقوق، فيحرم من هذه الجهة، وإن لم نقل بوجوب الإطاعة مطلقا، كما عليه بعض الفقهاء، وستأتي الإشارة إليه.
2 - وأما توقف جواز فعل بعض المباحات أو المندوبات أو الواجبات الكفائية على إذن الأبوين أو عدم منعهما، فهذا أمر مختلف فيه حكما وموضوعا، ولابد من ملاحظة كل مورد بخصوصه، ولا يسعنا الخوض فيه فعلا، وإنما نشير إلى بعض الموارد إجمالا، فنقول:
المعروف بين الفقهاء: أن الجهاد الابتدائي واجب كفائي - مع اجتماع شروطه - إلا إذا تعين لبعض الأسباب، كتعيين من بيده الأمر ونحوه (1).
والمعروف بينهم أيضا: أن الوجوب الكفائي مشروط بإذن الوالدين أو بعدم منعهما - على اختلاف التعابير - وأما الوجوب العيني فغير مشروط بذلك (2).
وأما السفر لطلب العلم والتجارة، فقد قال الشيخ: " وأما طلب العلم فالأولى ألا يخرج إلا بإذنهما، فإن منعاه لم يحرم عليه مخالفتهما " (3).
وقال العلامة: " لو سافر لطلب العلم والتجارة استحب له استيذانهما وأن لا يخرج من دون إذنهما، ولو منعاه لم يحرم عليه مخالفتهما.
وفارق الجهاد، لأن الغالب فيه الهلاك، وهذا الغالب منه السلامة " (1).
وقال في موضع آخر بوجوب إطاعتهما (2)، وكلامه هناك مطلق كما سيأتي.
وقال الشهيد الأول في جملة ما يجب أو يحرم للأبوين: " الأول - تحريم السفر المباح بغير إذنهما، وكذا السفر المندوب، وقيل: بجواز سفر التجارة وطلب العلم إذا لم يمكن استيفاء التجارة والعلم في بلدهما، كما ذكرناه فيما مر (3) " (4).
وقال الشهيد الثاني: " وكما يعتبر إذنهما في الجهاد يعتبر في سائر الأسفار المباحة والمندوبة والواجبة الكفائية مع قيام من فيه الكفاية... " (5).
وتفصيل الكلام في ذلك موكول إلى مواضعه المناسبة، مثل العناوين: " اعتكاف "، " حج "، " صلاة "، " صوم "، ونحوها.
3 - وأما وجوب إطاعة الوالدين وحرمة مخالفتهما، فالتصريح به قليل:
قال العلامة مستدلا على لزوم إذن الأبوين معا في الجهاد: " حكم أحد الأبوين حكمهما معا، لأن طاعة كل واحد منهما فرض كما أن