فإن كان أعتق رقبة أعتق الله رقبته من النار وجاز إلى الموقف الثاني فيسأل عن القرآن وحقه وقراءته فإن جاء بذلك تاما جاز إلى الموقف الثالث فيسأل عن الجهاد فإن كان جاهد في سبيل الله محتسبا جاز إلى الموقف الرابع فيسأل عن الغيبة فإن لم يكن اغتاب جاز إلى الموقف الخامس فيسأل عن النميمة فإن لم يكن نماما جاز إلى الموقف السادس فيسأل عن الكذب فإن لم يكن كذابا جاز إلى الموقف السابع فيسأل عن طلب العلم فإن كان طلب العلم وعمل به جاز إلى الموقف الثامن فيسأل عن العجب فإن لم يكن معجبا بنفسه في دينه ودنياه أو في شئ من عمله جاز إلى الموقف التاسع فيسأل عن التكبر فإن لم يكن تكبر على أحد جاز إلى الموقف العاشر فيسأل عن القنوط من رحمة الله فإن لم يكن قنط من رحمة الله جاز إلى الموقف الحادي عشر فيسأل عن الأمن من مكر الله فإن لم يكن أمن من مكر الله جاز إلى الموقف الثاني عشر فيسأل عن حق جاره فإن كان أدى حق جاره أقيم بين يدي الله تعالى قريرا عينه فرحا قلبه مبيضا وجهه كاسيا ضاحكا مستبشرا فيرحب به ربه ويبشره برضاه عنه فيفرح عند ذلك فرحا لا يعلمه أحد إلا الله فإن لم يأت بواحدة منهن تامة ومات غير تائب حبس عند كل موقف ألف عام حتى يقضي الله عز وجل فيه بما يشاء ثم يؤمر بالخلائق إلى الصراط فينتهون إلى الصراط وقد ضربت عليه الجسور على جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف وقد غابت الجسور في جهنم مقدار أربعين ألف عام ولهيب جهنم بجانبها يلتهب وعليها حسك وكلاليب وخطاطيف وهي سبعة جسور يحشر العباد كلهم عليها وعلى كل جسر منها عقبة مسيرة ثلاثة آلاف عام ألف عام صعود وألف عام استواء وألف عام هبوط وذلك قول الله عز وجل إن ربك لبالمرصاد يعني على تلك الجسور وملائكة يرصدون الخلق عليها ليسأل العبد عن الايمان بالله فإن جاء به مؤمنا مخلصا لا شك فيه ولا زيغ جاز إلى الجسر الثاني فيسأل عن الصلاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر الثالث فيسأل عن الزكاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر الرابع فيسأل عن الصيام فإن جاء به تاما جاز إلى الجسر الخامس فيسأل عن حجة الإسلام فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر السادس فيسأل عن الطهر فإن جاء به تاما جاز إلى الجسر السابع فيسأل عن المظالم فإن كان لم يظلم أحدا جاز إلى الجنة وإن كان قصر في واحدة منهن حبس على كل جسر منها ألف سنة حتى يقضي الله عز وجل فيه بما يشاء وذكر الحديث إلى آخره وسيأتي بقية الحديث إن شاء الله في باب الجنة فإنه يختص بالجنة ولم نذكر النشأة الأخرى التي يحشر فيها الإنسان في باب البرزخ لأنها نشأة محسوسة غير خيالية والقيامة أمر محقق موجود حسي مثل ما هو الإنسان في الدنيا فلذلك أخرنا ذكرها إلى هذا الباب (وصل) اعلم أن الناس اختلفوا في الإعادة من المؤمنين القائلين بحشر الأجسام ولم نتعرض لمذهب من يحمل الإعادة والنشأة لآخرة على أمور عقلية غير محسوسة فإن ذلك على خلاف ما هو الأمر عليه لأنه جهل إن ثم نشأتين نشأة الأجسام ونشأة الأرواح وهي النشأة المعنوية فأثبتوا المعنوية ولم يثبتوا المحسوسة ونحن نقول بما قاله هذا المخالف من إثبات النشأة الروحانية المعنوية لا بما خالف فيه وأن عين موت الإنسان هو قيامته لكن القيامة الصغرى فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول من مات فقد قامت قيامته وإن الحشر جمع النفوس الجزئية إلى النفس الكلية هذا كله أقول به كما يقول المخالف وإلى هنا ينتهي حديثه في القيامة ويختلف في ذلك بعينه من يقول بالتناسخ ومن لا يقول به وكلهم عقلاء أصحاب نظر ويحتجون في ذلك كله بظواهر آيات من الكتاب وأخبار من السنة إن أوردناها وتكلمنا عليها طال الباب في الخوض معهم في تحقيق ما قالوه وما منهم من نحل نحلة في ذلك إلا وله وجه حق صحيح وإن القائل به فهم بعض مراد الشارع ونقصه علم ما فهمه غيره من إثبات الحشر المحسوس في الأجسام المحسوسة والميزان المحسوس والصراط المحسوس والنار والجنة المحسوستان كل ذلك حق وأعظم في القدرة وفي علم الطبيعة بقاء الأجسام الطبيعية في الدارين إلى غير مدة متناهية بل مستمرة الوجود وأن الناس ما عرفوا من أمر الطبيعة إلا قدر ما أطلعهم الحق عليه من ذلك مما ظهر لهم في مدد حركات الأفلاك والكواكب السبعة ولهذا جعلوا العمر الطبيعي مائة وعشرين سنة الذي اقتضاه هذا الحكم فإذا زاد الإنسان على هذه المدة وقع في العمر المجهول وإن كان من الطبيعة ولم يخرج عنها ولكن ليس في قوة علمه أن يقطع عليه بوقت مخصوص فكما زاد على العمر الطبيعي سنة وأكثر جاز أن يزيد على ذلك آلافا من السنين وجاز
(٣١١)