التعيين (وصل الاعتبار في ذلك) المناسبات في الأمور أولى من عدم المناسبات ومرتبة الإمامة أعلى من مرتبة المأموم فينبغي أن يكون في تلك المرتبة الأفضل والأعلى وينبغي أن يكون في موضعه أرفع لأنه في مقام الاقتداء به فلا بد أن يكون له الشرف على المأموم فإنه موضع للمأموم ولهذا سمي إماما فله حالتان وحالتان فالحالتان الأوليان أن يكون إماما مأموما معا في حال واحدة فيقتدي بأضعف المأمومين في صلاته فهو مأموم ويقتدي به المأموم في ركوعه وسجوده وجميع أفعاله فهو إمام والحالتان الأخريان حالة يسمى بها مصليا فهو مع ربه في هذه الحالة وهو إمام لغيره فله حالة أخرى فمن راعى كونه مصليا منع أن يكون له شفوف على المصلين وإن كثروا فإنهم أئمة بعضهم لبعض من الإمام إلى آخر الصفوف ومن راعى كونه إماما كان أولى أن يكون موضعه أرفع من المأموم فهو بحسب مشهده (فصل بل وصل في نية الإمام الإمامة) اختلف العلماء هل يجب للإمام أن ينوي الإمامة أم لا فمن قائل بوجوبها ومن قائل بأنها لا تجب وبه أقول وإن نوى فهو أولى (وصل الاعتبار) ينبغي للمصلي أن يكون له شغل بربه لا بغير ربه فإن الصلاة قسمها الله بينه وبين المصلي فليس له أن ينوي الإمامة ومن رأى أن قوله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين من غير نظر إلى التفصيل الوارد بعد هذا القول في قراءة أم القرآن أدخل حكم رعاية المأموم في هذا القول أي المصلي إذا كان إماما أو مأموما فإن الصلاة مقسومة بيني وبين عبدي نصفين فينوي التوجه إلي وينوي التوجه إلى القبلة وينوي القربة بهذه العبادة إلي وينوي الإمامة بالمأمومين وينوي المأموم بهذه العبادة القربة إلي وينوي الايتمام بالإمام وكل مصل بحسب ما يقع له ويشهده الحق في مناجاته (فصل بل وصل في مقام المأموم من الإمام) لا يخلو المأموم إما أن يكون واحدا أو اثنين أو أكثر من اثنين ولا يخلوا ما أن يكون رجلا أو رجلين أو امرأة أو صبيا فأما المأموم إذا كان رجلا بالغا واحدا فإنه يقيمه عن يمينه فإن كان صبيا أقامه عن يمينه مثل الرجل وقيل عن يساره ليمتاز حكم الصبي من حكم الرجل فإن كان رجلين أقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وإن شاء أقامهما خلفه وإن كان رجلا وصبيا فحكمهما مثل حكم الرجلين فإن كان امرأة كانت خلف الإمام إذا انفردت فإن كان معها رجل واحد فالرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفه وإن كان أكثر من واحد مع وجود المرأة أقام الرجال خلفه والمرأة أو النساء خلف الرجال (وصل الاعتبار) ورد في الأخبار الندب إلى التخلق بأخلاق الله قال عليه السلام ما كان الله لينهاكم عن الربا ويأخذه منكم وما من وصف وصف الحق به نفسه إلا وقد ندبنا إلى الاتصاف به وهذا معنى التخلق والاقتداء والائتمام وهذه الإمامة عينها فالإمام على الحقيقة هو الله تعالى والمأموم المخلوقون فلا يخلو الإمام أن ينظر نفسه واحدا من حيث أحديته وهو ما يختص به ويتميز عن كل من سواه مع الحق أو ينظر نفسه مع الحق من حيث شفعيته أو ينظر مع الحق من حيث فرديته وهو الثلاثة أعني ثالث اثنين أو ينظر نفسه من حيث إنه لم يكمل كما كمل غيره أو ينظر نفسه مع الحق من كونه مائلا إلى طبيعته وهو الصبي من صبا إذا مال أو ينظر نفسه مع الحق من كونه مائلا إلى طبيعته لا من حيث عقله فيكون بمنزلة المرأة فلا يخلو من أن يستحضر عقله مع طبيعته والحق تعالى في هذه الأحوال كلها إمام فاليمين للقوة وكلتا يديه يمين للقربة وإسقاط الحول والقوة والخلف للاقتداء والاتباع فانظر أيها المصلي بأي حال حضرت في صلاتك مما ذكرناه فقم به في المقام الذي بيناه من الإمام تكن قد أتيت بالصلاة المشروعة ولكن مشهودك الحق وإمامك من حيث ما وصفه الشارع لا من حيث ما دل عليه دليل العقل حتى تكون ذا دين في عقلك وعقدك عملك وإن لم تفعل انتقص من عبادتك على قدر ما أدخلت فيها من عقلك من حيث فكرك ونظرك (فصل بل وصل في الصفوف وصل فيمن صلى خلف الصف وحده) أجمع العلماء على إن الصف الأول مرغب فيه وكذلك التراص وتسوية الصف إلا من شذ في ذلك فقال من قدر على الصف الأول ولم يصل فيه بطلت صلاته وكذلك التراص وتسوية الصفوف إذا لم يوجد بطلت الصلاة ولما ثبت الأمر
(٤٥٠)