وقيل ما لم يطف ويركع ويكره بعد الطواف وقبل الركوع فإن ركع لزمه ومن قائل له ذلك بعد الركوع من الطواف وما بقي عليه شئ من عمل العمرة إلا إذا لم يبق عليه من أفعال العمرة إلا الحلاق فإنهم اتفقوا على أنه ليس بقارن وذلك كله عند بعضهم إن ساق الهدى وبه أقول فإن لم يسق معه هديا فاختلفوا في حجه وكذلك مفرد الحج سواء فمن قائل ببطلان الحج ويجب عليه الفسخ ولا بد ومن قائل بجواز الفسخ لا بوجوبه ومن قائل بمنعه وإنه يتم حجه الذي نواه سواء ساق الهدى أم لم يسق والقارن الذي يلزمه هدي التمتع هو عند الجمهور من غير حاضري المسجد الحرام إلا ابن الماجشون فإن القارن عنده من أهل مكة عليه الهدى وأما الإفراد فهو ما تعرى من هذه الصفات وهو الإهلال بالحج فقط واختلف العلماء من الصحابة فيه إذا لم يكن له هدي وقد ذكرناه آنفا في هذا الفصل وأما الذين أجازوا الحج لمن لم يسق الهدى وفي أصل الإهلال بالحج وإن ساق الهدى أي أفضل فمن قائل الإفراد أفضل ومن قائل القران ومن قائل التمتع اعلم أن المحرم لا يحرم كما إن الموجود لا يوجد وقد أحرم المردف قبل أن يردف ثم أردف على إحرام العمرة المتقدم وأجزأه بلا خلاف والإحرام ركن في كل واحد من العملين وبالاتفاق جوازه فيترجح قول من يقول يطوف لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا وحلاقا واحدا أو تقصيرا على من لا يقول بذلك قد تقدم لك حكم تداخل الأسماء الإلهية في الحكم وقد تقدم لك انفراد حكم الاسم الإلهي الذي لا يداخله حكم غيره في حكمه فلتنظره هنالك فمن أفرد قال الأفعال كلها لله والعبد محل ظهورها ومن قرن قال الأفعال لله بوجه وتنسب إلى من تظهر منه بوجه يسمى ذلك كسبا عند بعض النظار وخلقا عند آخرين واتفق الكل على إن خلق القدرة المقارنة لظهور الفعل من العبد لله وإنها ليست من كسب العبد ولا من خلقه واختلفوا هل لها أثر في المقدور أم لا فمنهم من قال لها أثر في المقدور ولا يكون مقدورها إلا عنها وما صح التكليف وتوجه على العبد إذ لو لم يكن قادرا على الفعل لما كلف ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وهو ما يقدر على الإتيان به وقال في إن القدرة لله التي في العبد لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها والذي أعطاها إنما هو القدرة التي خلق فيه فله الاقتدار بها على إيجاد ما طلب منه أن يأتي به من التكليف ومنهم من قال ليس للقدرة الحادثة أثر خلق في المقدور الموجود من العبد وليس للعبد في الفعل الصادر منه إلا الكسب وهو اختياره لذلك الفعل إذ لم يكن مضطرا ولا مجبورا فيه وأما أهل الله الذين هم أهله فأعيان الأفعال الظاهرة من أعيان الخلق إنما هي نسب من الظاهر في أعيان هذه الممكنات وإن استعداد الممكنات أثرت في الظاهر في أعيان الممكنات ما ظهر من الأفعال والعطاء بطريق الاستعداد لا يقال فيه إنه فعل من أفعال المستعد لأنه لذاته اقتضاه كما أعطى قيام العلم لمن قام به حكم العالم وكون العالم عالما ليس فعلا البتة فالاقتضاءات الذاتية العلية ليست أفعالا منسوبة إلى من ظهرت عنه وإنما هي أحكام له فأفعال المكلفين فيما كلفوا به من الأفعال أو التروك مع علمنا بأن الظاهر الموجود هو الحق لا غيره بمنزلة ما ذكرناه من محاورة الأسماء الإلهية ومجاراتها في ميادين المناظرة وتوجهاتها على المحل الموصوف بصفة ما بأحكام مختلفة وقهر بعضها بعضا كفاعل الفعل المسمى ذنبا ومعصية يتوجه عليه الاسم العفو والغفار والمنتقم والمعاقب فلا بد أن ينفذ فيه أحد أحكام هذه الأسماء إذ لا يصح أن ينفذ فيه الجميع في وقت واحد لأن المحل لا يقبله للتقابل الذي بين هذه الأحكام فقد ظهر قهر بعض الأسماء في الحكم لبعض والحضرة الإلهية واحدة فإذا علمت هذا هان عليك إن تنسب الأفعال كلها لله كما تنسب الأسماء الحسنى كلها لله تعالى أو الرحمن مع أحدية العين واختلاف الحكم فاعلم ذلك وخذه في جميع ما يسمى فعلا فتعرف عند ذلك من هو المكلف والمكلف وتنطق فيه بحسب مشهدك انتهى الجزء الخامس والستون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل الغسل للإحرام) فمن قائل بوجوبه ومن قائل إن الوضوء يجزئ عنه ومن قائل إنه سنة مؤكدة آكد من غسل الجمعة اعلم أن الطهارة الباطنة في كل عبادة واجبة عند أهل الله إلا من يرى أن المكلف إنما هو الظاهر في مظهر ما من أعيان الممكنات فإنه
(٦٩٣)