القهر وله صفة الرحمة ولم يأت بالاسم الرحمن لأنه لا بد من الغضب في ذلك اليوم كما سيرد في هذا الباب ولا بد من الحساب والإتيان بجهنم والموازين وهذه كلها ليست من صفات الرحمة المطلقة التي يطلبها الاسم الرحمن غير أنه سبحانه أتى باسم إلهي تكون الرحمة فيه أغلب وهو الاسم الرب فإنه من الإصلاح والتربية فتقوى ما في المالك والسيد من فضل الرحمة على ما فيه من صفة القهر فتسبق رحمته غضبه ويكثر التجاوز عن سيئات أكثر الناس فأول ما أتين وأقول ما قال الله في ذلك اليوم من امتداد الأرض وقبض السماء وسقوطها على الأرض ومجئ الملائكة ومجئ الرب في ذلك اليوم وأين يكون الخلق حين تمد الأرض وتبدل صورتها وتجئ جهنم وما يكون من شأنها ثم أسوق حديث مواقف القيامة في خمسين ألف سنة وحديث الشفاعة اعلم يا أخي أن الناس إذا قاموا من قبورهم على ما سنورده إن شاء الله وأراد الله أن يبدل الأرض غير الأرض وتمد الأرض بإذن الله ويكون الجسر دون الظلمة فيكون الخلق عليه عند ما يبدل الله الأرض كيف يشاء إما بالصورة وإما بأرض أخرى ما نيم عليها تسمى الساهرة فيمدها سبحانه مد الأديم يقول تعالى وإذا الأرض مدت ويزيد في سعتها ما شاء أضعاف ما كانت من أحد وعشرين جزءا إلى تسعة وتسعين جزءا حتى لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم إنه سبحانه يقبض السماء إليه فيطويها بيمينه كطي السجل للكتب ثم يرميها على الأرض التي مدها واهية وهو قوله وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ويرد الخلق إلى الأرض التي مدها فيقفون منتظرين ما يصنع الله بهم فإذا وهت السماء نزلت ملائكتها على أرجائها فيرى أهل الأرض خلقا عظيما أضعاف ما هم عليه عددا فيتخيلون إن الله نزل فيهم لما يرون من عظم المملكة مما لم يشاهدوه من قبل فيقولون أفيكم ربنا فتقول الملائكة سبحان ربنا ليس فينا وهو آت فتصطف الملائكة صفا مستديرا على نواحي الأرض محيطين بالعالم الإنس والجن وهؤلاء هم عمار السماء الدنيا ثم ينزل أهل السماء الثانية بعد ما يقبضها الله أيضا ويرمي بكوكبها في النار وهو المسمى كاتبا وهم أكثر عددا من السماء الأولى فتقول الخلائق أفيكم ربنا فتفزع الملائكة من قولهم فيقولون سبحان ربنا ليس هو فينا وهو آت فيفعلون فعل الأولين من الملائكة يصطفون خلفهم صفا ثانيا مستديرا ثم ينزل أهل السماء الثالثة ويرمي بكوكبها المسمى الزهرة في النار ويقبضها الله بيمينه فتقول الخلائق أفيكم ربنا فتقول الملائكة سبحان ربنا ليس هو فينا وهو آت فلا يزال الأمر هكذا سماء بعد سماء حتى ينزل أهل السماء السابعة فيرون خلقا أكثر من جميع من نزل فتقول الخلائق أفيكم ربنا فتقول الملائكة سبحان ربنا قد جاء ربنا وإن كان وعد ربنا لمفعولا فيأتي الله في ظلل من الغمام والملائكة وعلى المجنة اليسرى جهنم ويكون إتيانه إتيان الملك فإنه يقول ملك يوم الدين وهو ذلك اليوم فسمي بالملك ويصطف الملائكة عليهم السلام سبعة صفوف محيطة بالخلائق فإذا أبصر الناس جهنم لها فوران وتغيظ على الجبابرة المتكبرين فيفرون الخلق بأجمعهم منها لعظيم ما يرونه خوفا وفزعا وهو الفزع الأكبر إلا الطائفة التي لا يحزنهم الفزع الأكبر فتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون فهم الآمنون مع النبيين على أنفسهم غير إن النبيين تفزع على أممها للشفقة التي جبلهم الله عليها للخلق فيقولون في ذلك اليوم سلم سلم وكان الله قد أمر أن تنصب للآمنين من خلقه منابر من نور متفاضلة بحسب منازلهم في الموقف فيجلسون عليها آمنين مبشرين وذلك قبل مجئ الرب تعالى فإذا فر الناس خوفا من جهنم وفرقا لعظيم ما يرون من الهول في ذلك اليوم يجدون الملائكة صفوفا لا يتجاوزونهم فتطردهم الملائكة وزعة الملك الحق سبحانه وتعالى إلى المحشر وتناديهم أنبياؤهم ارجعوا ارجعوا فينادي بعضهم بعضا فهو قول الله تعالى فيما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخاف عليكم يوم التنادي يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم والرسل تقول اللهم سلم سلم ويخافون أشد الخوف على أممهم والأمم يخافون على أنفسهم والمطهرون المحفوظون الذين ما تدنست بواطنهم بالشبه المضلة ولا ظواهرهم أيضا بالمخالفات الشرعية آمنون بغبطهم النبيون في الذي هم عليه من الأمن لما هم النبيون عليه من الخوف على أممهم فينادي مناد من قبل الله يسمعه أهل الموقف لا يدرون أو لا أدري هل ذلك نداء الحق سبحانه بنفسه أو نداء عن أمره سبحانه يقول في ذلك النداء يا أهل الموقف ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم فإنه قال لنا يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم تعليما له
(٣٠٨)