أوقعوا الصلاة في غير وقتها أمره أن يعرف الناس أنه قد غلط في أذانه ولهذا يكون من المؤذنين بالليل الدعاء والتذكير وتلاوة آيات من القرآن والمواعظ وإنشاد الشعر المزهد في الدنيا المذكر الموت والدار الآخرة ليعلم الناس إذا سمعوا الأذان منهم أنهم يريدون بذلك ذكر الله كما تقدم وأنه لإيقاظ النائمين لا لدخول الوقت ويكون لدخول الوقت مؤذن خاص يعرف بصوته وكذا هو في الاعتبار لتنوع الأحوال على أهل الله لا بد لهم من علامات يفرقون بها بين الأحوال التي تعطيها الأسماء الإلهية فافهم (فصول في الشروط في هذه العبادة) قال بعض العلماء وهي ثمانية شروط وعددها فقال إن منها هل من شرط من أذن أن يكون هو الذي يقيم أم لا الثاني هل من شرط الأذان أن لا يتكلم المؤذن في أثنائه أم لا الثالث هل من شرطه أن يكون المؤذن على طهارة أم لا الرابع هل من شرطه أن يتوجه المؤذن إلى القبلة أم لا الخامس هل من شرطه أن يكون المؤذن قائما أم لا يكون السادس هل يكره الأذان للراكب أم ليس يكره السابع هل من شرطه البلوغ أم لا الثامن هل من شرطه أن لا يأخذ أجرا على الأذان أم يأخذ الأجر اختلف علماء الشريعة في هذه الشروط وأدلتهم ما بين قياس ومعارضة أخبار بين صحيح وسقيم ومذهبنا أن الأذان يصح بوجودها وعدمها والعمل بها أولى إن اتفق ولا يمنع من ذلك مانع وأما الاعتبار في ذلك في الشروط كلها التي ذكرناها فاعلم إن الداعي قد يكون الاسم الإلهي الذي يدعو به الحق إلى الحق وهو عين الداعي الذي يقوم به بين يدي الحق في أي شئ دعا إليه من الأحوال وقد يكون غيره من الأسماء فلا يشترط من إذن فهو يقيم فإن فيه حرجا الداعي إلى الحق قد يتكلم في أثناء دعائه إلى الحق لحال يطلبه بذلك لا يجوز له التأخر عنه إما لأدب إلهي أو لفرض تعين عليه وقد لا يتكلم ما لم يقدح في فهم السامع ما يخرجه عن أن يكون داعيا له وهذا اعتبار الشرط الثاني الداعي قد يدعو بحاله وهو طهارته وهو أفضل وقد يدعو بما ليس هو عليه في حاله وهو خير بكل وجه كما قال الحسن ابن أبي الحسن البصري وكان من أهل طريق الله العلية منهم لو لم يعظ أحد أحدا حتى يعظ نفسه ما وعظ أحد أحدا أبدا ولفاعل المنكر أن ينهى عن المنكر وإن لم يفعل اجتمع عليه إثمان فاعلم ذلك وهذا هو اعتبار الشرط الثالث الداعي إن قصد بدعائه وجه الله فهو أولى وإن قصد بذلك دنيا فلا يمنعه ذلك من الدعاء إلى الله والأول أفضل ويرجى للآخر أن ينتفع بدعوته سامع فيدعو له فيسعد بدعائه فهذا بمنزلة استقبال القبلة بالأذان وهو الشرط الرابع الداعي إن كان قائما بحقوق ما يدعو إليه فهو أولى من قعوده عن ذلك في دعائه وهذا اعتبار الشرط الخامس الداعي هل يكون في دعائه حاضرا مع عبوديته وذلته أو يكون في حال نظره لعزة نفسه وتكبرها وعجبها وهو الذي يؤذن راكبا وحضوره مع ذلته أولى وهو اعتبار الشرط السادس الداعي هل ينبغي له أن يدعو قبل بلوغه إلى المعرفة بمن يدعو إليه كدعاء المقلد أو لا يدعو حتى يعرف من يدعو إليه وهو اشتراط البلوغ في الأذان وهذا اعتبار الشرط السابع الداعي إلى الله هل من شرطه أن لا يأخذ أجرا على دعائه فهو عندنا أفضل إنه لا يأخذ وإن أخذ جاز له ذلك فإن مقام الدعوة إلى الله يقتضي الأجرة فإنه ما من نبي دعا قومه إلا قيل له قل ما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على الله فأثبت الأجرة على دعائه وسألها من الله لا من المدعو حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سأل منا في الأجر على تبليغ الدعاء إلا المودة في القربى وهو حب أهل البيت وقرابته صلى الله عليه وسلم وأن يكرموا من أجله كانوا ما كانوا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحق ما أخذتم عليه كتاب الله في حديث الذي رقى اللديغ بفاتحة الكتاب واستراح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اضربوا فيها بسهم يعني في الغنم التي أخذوها أجرا على ذلك فالإنسان الداعي بوعظه وتذكيره عباد الله إن آخذ أجرا فله ذلك فإنه في عمل يقتضي الأجر بشهادة كل رسول وإن ترك أخذه من الناس وسأله من الله فله ذلك وسبب ترك الرسل لذلك وسؤالهم من الله الأجر كون الله هو الذي استعملهم في التبليغ فكان الأجر عليه تعالى لا على المدعو وإنما أخذ الراقي الأجر من اللديغ لأن اللديغ استعمله في ذلك ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم اضربوا لي بسهم لأن الرسول عليه السلام هو الذي أفاد الراقي ما رقى به ذلك اللديغ وينظر إلى قريب من هذا حديث
(٤٠٢)