في الإهلال بالحج سواء عند الإحرام والكل ثقات فيما ذكروه فإنه صلى الله عليه وسلم لم يشرع اتصال التلبية زمان الحج من غير فتور بحيث أن لا يتفرع إلى كلام ولا إلى ذكر بل كان يلبي وقتا ويذكر وقتا ويستريح وقتا ويأكل وقتا ويخطب وقتا فسرد التلبية ما هو مشروع وإن أكثر منها فلا بد من قطع في أثناء أزمان الحج فهذا كله ليس بخلاف وكذلك المعتمر لا يقطع التلبية عندنا ما بقي عليه فعل من أفعال العمرة عندنا فإن الذين قالوا إن المحرم بالعمرة يخرج إلى الحل منهم من قال يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم يعني المسجد ومنهم من قال إذا افتتح الطواف واعلم أنه ما من فعل من أفعال الحج والعمرة يشرع فيه المحرم إلا والحق يدعوه إلى فعل ما بقي من الأفعال لا بد من ذلك فكما يلزمه الإجابة ابتداء إلى الفعل يلزمه الإجابة إلى كل فعل حتى يفعله فإن المحرم قد دخل في الحج من حين أحرم وما قطع التلبية وطاف بالبيت وما قطع التلبية وسعى وما قطع التلبية وخرج إلى عرفة وما قطع التلبية وما بعض الأفعال المفروضة بالمراعاة أولى من بعض وكذلك المسنونة ما بعضها أولى من بعض في المراعاة إذ لم يرد نص يوقف عنده من الشارع ففي الفرائض إجابة الله وفي السنن إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله يقول يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم فإن الرسول داع بأمر الله فالله هو المجاب وعتب صلى الله عليه وسلم على ذلك المصلي الذي دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يجبه حين دعاه والمدعو في الصلاة فقال يا رسول الله إني كنت في الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فما سمعت قول الله تعالى استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم والتلبية إجابة وأفعال الحج ما بين مفروض ومسنون وإذا أنصفت فقد بان لك الحق فألزمه إلا أن تقف على نص من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك فالمرجع إليه وأما العارفون فإنهم لا يقطعون التلبية لا في الدنيا ولا في الآخرة فإنهم لا يزالون يسمعون دعاء الحق في قلوبهم مع أنفاسهم فهم ينتقلون من حال إلى حال بحسب ما يدعوهم إليه الحق وهكذا المؤمنون الصادقون في الدنيا بما دعاهم الشرع إليه في جميع أفعالهم وإجابتهم هي العاصمة لهم من وقوعهم في محظور فهم ينتقلون أيضا من حال إلى حال لدعاء ربهم إياهم فهو داع أبدا والعارف غير محجوب السمع فهو مجيب أبدا جعلنا الله ممن شق سمعه دعاء ربه وشق بصره لمشاهدة تجليه فالتجلي دائم لا ينقطع فشهود الحق ما لا يرتفع فدوام لدوام واهتمام لاهتمام وانتقال لمقام وهو أعلى من مقام انتقلت منه من وجه يرجع إليك وما هو أعلى من وجه يرجع إلى الحق فإن الأمور إذا نسبتها إلى الحق لم تتفاضل في الشرف وإذا نسبتها إليك تفاضلت في حقك والمكمل عندنا من تكون الأمور بالنسبة إليه كما تكون بالنسبة إلى الله وهو الذي يرى وجه الحق في كل أمر وهذا الباب ما رأيت له ذائقا فيما نقل إلينا جملة واحدة ولا بد أن يكون له رجال لا بد من ذلك ولكنهم قليلون فإن المقام عظيم والخطب جسيم وكنت أتخيل في بعض المقتدين بنا أنه حصله فجاءني منه يوما عتاب في أمر شهد عندي ذلك الخطاب أنه ما حصله (وصل في فصل الطواف بالكعبة) وصفته أن يجعل البيت عن يساره ويبتدئ فيقبل الحجر الأسود إن قدر عليه ثم يسجد عليه أو يشير إليه إن لم يتمكن له الوصول إليه ويتأخر عنه قليلا بحيث أن يدخله في الطواف بالمرور عليه ثم يمشي إلى أن ينتهي إليه يفعل ذلك سبع مرات يقبل الحجر في كل مرة ويمس الركن اليماني الذي قبل ركن الحجر بيده ولا يقبله فإن كان في طواف القدوم فيرمل ثلاثة أشواط ويمشي أربعة أشواط ولكن في أشواط رملة يمشي قليلا بين الركنين اليمانيين ويقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار إلى أن تفرع سبعة أشواط كل ذلك بقلب حاضر مع الله ويخيل أنه في تلك العبادة كالحافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم فيلزم التسبيح في طوافه والتحميد والتهليل وقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولنا في ذلك جسم يطوف وقلب ليس بالطائف * ذات تصد وذات ما لها صارف يدعى وإن كان هذا الحال حليته * هذا الإمام الهمام ألهمهم العارف هيهات هيهات ما اسم الزور يعجبني * قلبي له من خفايا مكره خائف
(٦٩٩)