الجمع في هذا اليوم بتقديم صلاة العصر وتأخير صلاة المغرب ليقيس مثبتو القياس التأخير لهذا التأخير والتقديم ولهذا التقديم وقد قرر الشارع حكم المجتهد أنه حكم مشروع فإثبات المجتهد القياس أصلا في الشرع بما أعطاه دليله ونظره واجتهاده حكم شرعي لا ينبغي يرد عليه من ليس القياس من مذهبه وإن كان لا يقول به فإن الشارع قد قرره حكما في حق من أعطاه اجتهاده ذلك فمن تعرض للرد عليه فقد تعرض للرد على حكم قد أثبته الشارع وكذلك صاحب القياس إن رد على حكم الظاهري في استمساكه بالظاهر الذي أعطاه اجتهاده فقد رد أيضا حكما قرره الشارع فليلزم كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده ولا يتعرض إلى تخطئة من خالفه فإن ذلك سوء أدب مع الشارع ولا ينبغي لعلماء الشريعة أن يسيئوا الأدب مع الشرع فيما قرره (وصل في فصل صورة الجمع) اختلف القائلون في صورة الجمع في السفر فمنهم من رأى أن تؤخر الصلاة الأولى وتصلي مع الثانية ومنهم من رأى أن تقدم الأخرى إلى الأولى إن شاء وأن يؤخر الأولى إلى الآخرة إن شاء فمن راعى تأخير الأولى فاعتباره المعرفة بالله فإن بالله كان ولا شئ معه وإن العالم متأخر عن وجود الحق بالوجود فإن وجوده مستفاد من وجود الحق فلما أردنا المعرفة به من كونه إلها للعالم أخرناه في المعرفة إلى وقت معرفتنا بنا فلما عرفنا أنفسنا عرفنا ربنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرف نفسه عرف ربه فصلينا الأولى في وقت الثانية ومن راعى الوجود في الاعتبار قدم الآخرة إلى الأولى وجعل وجود عين العبد هو وجود الحق فالحق العالم بالله فعلمه من الله وعلم الله بالله ومن راعى الأمرين معا في الاعتبار قدم إن شاء وأخر إن شاء ولكل طريقة طائفة والكامل منا من عرف كل طريقة وكل طائفة وكان فيها خارجا عنها وهم الأكابر من الرجال (فصل) ومن الفصول المبيحة للجمع السفر بالاتفاق من القائلين به واختلفوا في الجمع في الحضر وفي شروط السفر المبيح له فمنهم من جعل السفر نفسه مبيحا للجمع أي سفر كان وبأي صفة كان ومنهم من اشترط فيه ضربا من السير ونوعا من أنواع السفر في الحديث إذا عجل به السير فجعل العلة في الجمع التعجيل وأما النوع فقد تقدم من سفر القرية والمباح والمعصية (وصل في الاعتبار في ذلك) لا يصح الجمع بين الصلاتين إلا فيما ذكرناه في عرفة وجمع وأما السفر على الحقيقة وهو سفر الأنفاس فلا يصح فيه الجمع إذا كان الجمع عبارة عن إخراج إحدى الصلاتين عن وقتها وما قال به في طريقنا بالاعتبار إلا من لا معرفة له بالذوق في ذلك ولو جعل صاحب هذا القول باله من حركاته الظاهرة ونظره وسمعه وجوارحه لرآها في كل زمان تتغير وما عنده خبر لغفلته عن نفسه ولهذا قال الله لنا وفي أنفسكم أفلا تبصرون (وصل في فصل الجمع في الحضر لغير عذر) قال ابن عباس في جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين من غير عذر إنه أراد أن لا يحرج أمته وهو موافق لقول الله عز وجل ما عليكم في الدين من حرج وقوله عليه السلام دين الله يسر وقال به جماعة من أهل الظاهر وقال ما عداهم لا يجوز الجمع لغير عذر مبيح للجمع (وصل الاعتبار في ذلك) الجمع لأهل الحجاب رفق بهم في التكليف وجائز لهم لرفع الحرج فإن الحرج في العبادة هو تضعيف التكليف فإن العمل في نفسه كلفة فإذا انضافت إليه المشقة كان تكليفا على تكليف وأما أهل المشاهدة فلا جمع عندهم إلا بجمع وعرفة وما عدا ذينك فلا (وصل في فصل الجمع في الحضر بعذر المطر) فأجازه بعضهم ليلا كان أو نهارا ومنعهم بعضهم في النهار وأجازه في الليل وأجازه بعضهم في الطين دون المطر في الليل والذي أذهب إليه أن المصلي إذا كان مذهبه أن الصلاة لا تصح إلا في الجماعة وما عنده جماعة إلا في المسجد فإنه يجمع بين الصلاتين ليلا ونهارا إذا كان في جماعة وإن كان مذهبه جواز صلاة الفذ مع وجود الجماعة فلا يجوز له الجمع لا إن كان في المسجد وجمع الإمام على أي مذهب كان ذلك الإمام إذا كان الإمام مجتهد لا مقلدا إلا أن اليوم تقليد ذلك المجتهد في جميع نوازله كما هم عليه عامة الفقهاء في عصرنا هذا (وصل الاعتبار في ذلك) الجمع للمقيم جائز فإنه محجوب عن شهود سفره فإنه مسافر من حيث لا يشعر في كل نفس باختلاف الأحوال والخواطر وحديث النفس والحركات
(٤٧٢)