إلا الله وهذه حالة أهل الله قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله قال الذين إذا رؤا ذكر الله أي لتحققهم بالله يغيبون به عنهم وعن عيون الخلق فإذا رآهم الناس لم يروا غير الله فتذكرهم بالله رؤيتهم مثل الآيات المذكرات وهذا هو المقام الذي سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه واجعلني نورا فأجاب الله تعالى دعاءه فأخبرنا أنه بعثه إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فجعله نورا كما سأل فإن قوله لربه واجعلني نورا فأكون بذاتي عين الاسم الإلهي النور ومن كان الحق سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله ولا ينطق عن الهوى فما هو هو وما بقي لمن يراه ما يرى إلا الله عرف ذلك الرائي أو لم يعرفه هكذا يشاهدونه أهل العلم بالله من المؤمنين الخلفاء يظهر في العالم والسوقة بصفات من استخلفها قالت بلقيس في عرشها كأنه هو وما كان إلا هو ولكن حجبها بعد المسافة وحكم العادة وجهلها بقدر سليمان عليه السلام عند ربه فهذا حجبها أن تقول هو هو فقالت كأنه هو وأي مسافة أبعد من ليس كمثله شئ ممن مثله أشياء قال الكامل صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر مثلكم عن أمر الله قيل له قل فقال قل إنما أنا بشر مثلكم وبهذا علمنا أنه عن أمر الله لأنه نقل الأمر لنا كما نقل المأمور وكان هذا القول دواء للمرض الذي قام بمن عبد عيسى عليه السلام من أمته فقالوا إن الله هو المسيح بن مريم وفاتهم علم كثير حيث قالوا ابن مريم وما شعروا ولهذا قال الله تعالى في إقامة الحجة على من هذه صفته قل سموهم فما يسمونهم إلا بما يعرفون به من الأسماء حتى يعقل عنهم ما يريدون فإذا سموهم تبين في نفس الاسم أنه ليس الذي طلب منهم الرسول المبعوث إليهم أن يعبدوه وإنما قلنا هو هو لما يعطيه الكشف الصحيح في الخصوص والايمان الصريح في العموم كما ورد به الخبر النبوي الإلهي من أن الله إذا أحب عبده كان سمعه وبصره وذكر قواه وجوارحه والإنسان ليس غير هذه الأمور المذكورة الذي جعل الحق هويته عينها فإن كنت مؤمنا عرفت بمن أنت وإن كنت صاحب شهود صحيح عرفت من شاهدت وأكثر من هذا البيان النبوي عن الله ما يكون في قوة الإنسان حتى يكون المؤمن صاحب حال عيان فيعرف عند ذلك من هو عين هذه الأكوان والأعيان (وصل في فصل زيارة المعتكف في معتكفه المقيم مع الله من حيث اسم ما تطلبه أسماء أخر إلهية في أعيان أكوان ليظهر سلطانها فيها منازعة للاسم الذي هو مقيم معه) ذكر البخاري عن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في معتكفه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها حتى إذا بلغت باب أم سلمة الحديث فهذا اسم إلهي حرك صفية لتزوره حتى يأخذ بوساطتها النبي صلى الله عليه وسلم من الإقامة مع الاسم الإلهي الذي أجاءها فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذا الاسم زمان حديثه معها ثم أخرجه من موضع جلوسه حين شيعها وهو نوع سفر لا بل هو سفر بر الرجل بأمر أنه تعظيما لحرمتها وقصدها فإن السفر انتقال ولم ينتقل إلا بحكم ذلك الاسم عليه من مكانه فإن المعتكف إذا انتقل إلى حاجة الإنسان من وضوء وما لا بد منه فإن ذلك كله من حكم الاسم الذي أقام معه في مدة اعتكافه وما من حركة يتحركها الإنسان في اعتكافه وغير اعتكافه إلا عن ورود اسم إلهي عليه هذا مفروع منه عندنا في الحقائق الإلهية وأسماء الله لا تحصى كثرة وما من شأن المعتكف تشييع الزائر فما تحرك لذلك إلا لحكم الاسم الإلهي الذي حرك الزائر إليه فالعين لا تعرف إلا أنها زائرة لقضاء غرضها من نظر أو حديث والعارف يشهد الأسماء الإلهية ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله فالإسم الإلهي الذي حرك صفية من وراء حجاب صفية ومعه كان يتأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم وله قام وشيع وكان مطلب ذلك الاسم إظهار سلطانه فيه وقد ظهر وقد بينا ذلك في مجاراة الأسماء الإلهية في أول هذا الكتاب وفي عنقاء مغرب (وصل في فصل اعتكاف المستحاضة في المسجد) كذب النفس لعلة مشروعة ليس بحيض ولذلك تصلي المستحاضة ولا تصلي الحائض ورد عن عائشة على ما ذكره البخاري أنه اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة من أزواجه الحديث فمن وضع الأشياء
(٦٦٤)