اختلفوا إذا اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فقيل على كل واحد جزاء وقيل عليهم جزاء واحد والذي أقول به إن عرف كل واحد من الشركاء أنه ضربه في مقتل كان على كل من ضربه في مقتل جزاء ومن جرحه في غير مقتل فلا جزاء عليه وهو آثم حيث تعرض بالأذى لما حرم عليه الجماعة هنا إذ يأثم الإنسان بجميع ما كلف من أعضائه الثمانية فعليه لكل عضو توبة من حيث ذلك العضو ومن رأى التوبة من جانب من تاب إليه لا ما تاب منه فهو القائل بجزاء واحد وفرق بعضهم بين المحرمين يقتلون الصيد وبين المحلين يقتلون الصيد في الحرم فقال في المحرمين على كل واحد منهم جزاء وقال في المحلين جزاء واحد (وصل في فصل هل يكون أحد الحكمين قاتلا للصيد) فذهب قوم إلى أنه لا يجوز وأجازه قوم فمن رأى أنه لا فاعل إلا الله وهو الحاكم وهو الفاعل أجاز ذلك ومن رأى أن الفعل للمخلوق لم يجز ذلك وبالأول أقول وأثبت القول الثاني على غير الوجه الذي يعتقده القائل به (وصل في فصل اختلافهم في موضع الإطعام) فقيل يطعم في الموضع الذي قتل فيه الصيد إن كان هناك طعام أو في أقرب المواضع إليه إن لم يكن هناك ما يطعم وقال بعضهم حيثما أطعم أجزأه وبه أقول لأن الله ما عين وقال بعضهم لا يطعم إلا مساكين مكة من كان الله قبلته لم يخصص الإطعام بموضع معين ومن كان قبلته البيت حدد (وصل في فصل اختلافهم في الحال يقتل الصيد في الحرم بعد إجماعهم على أن المحرم إذا قتل الصيد إن عليه الجزاء) فقال قوم عليه الجزاء وقال قوم لا شئ عليه وبه أقول (وصل في فصل المحرم يقتل الصيد ويأكله) فمن قائل عليه كفارة واحدة وبه أقول وقيل عليه كفارتان وبه قال عطاء وفيه وجه عندي فإن الشرع اعتبره فما أطلق أكله إلا لمن لم يعن عليه بشئ فأحرى إذا كان هو القاتل فإن أكله يحرم عليه صيده كما حرم عليه قتله فهذه ثلاثة حرم صيد وقتل وأكل لما كان الآكل لنفسه سعى ومن حق نفسه عليه أنه لا يطعمها إلا ما لها حق فيه وما لا حق لها فيه فقد ظلمها فجوزي جزاء من ظلم نفسه (وصل في فصل فدية الأذى) أجمع العلماء على أنها واجبة على من أماط الأذى من ضرورة وهو وجوب اللعنة على الذين يؤذون الله ورسوله فوجب دفع الأذى حرمة للمحرم ووجبت الكفارة حرمة للإحرام الكلام في الله بما لا ينبغي أذى فوجبت إماطته حرمة للحق ولا فاعل إلا الله فوجبت الكفارة وهي الستر لهذه النسبة بأن لا يضاف مثل هذا الفعل إلى الله تعالى وجل والكفارات كلها ستر حيثما وقعت واختلفوا فيمن أماط الأذى من غير ضرورة فقال قوم عليه الفدية المنصوص عليها وقال قوم عليه دم وبه أقول فإنه غير متاذ في نفسه أي أنه ليس بذي ألم لذلك ولذلك جعل محل الأذى الرأس المحس به وما جعله الشعر فما ثم ضرورة توجب الحلق لما كان الإنسان مخلوقا على الصورة وجبت إماطة الأذى عنه للنسبة عناية به ووجبت الكفارة فيما أوجب الله عليه فعله أو أباحه له لئلا يشغله الإحساس بالأذى عن ذكر الله وما شرع الحج إلا لذكر الله فوجبت الكفارة حيث لم يصبر على الأذى فما وفي الصورة حقها فإنه ورد أنه ما أحد أصبر على أذى من الله وبهذا سمي الصبور وبعدم المؤاخذة مع الاقتدار سمي الحليم (وصل في فصل) اختلافهم هل من شرط من وجبت عليه الفدية بإماطة الأذى أن يكون متعمدا أم الناسي والمتعمد سواء فقال قوم هما سواء وقال آخرون لا فدية على الناسي وبه أقول والناسي هنا هو الناسي لإحرامه وكلاهما متعمد لإماطة الأذى فإذا وجبت على المضطر وهو الذي قصد إزالتها لإزالة الأذى مع تذكره الإحرام فهي على الناسي أوجب لأنه مأمور بالذكر الذي يختص بالإحرام فإذا نسي الإحرام فما جاء بالذكر الذي للمحرم فاجتمع عليه إماطة الأذى ونسيان الإحرام فكانت
(٧٣٠)