الخير فيها فإن الأمر إذا كان بهذه المثابة يرجى أن يكون المال إلى خير وإن دخل النار فإن الله أجل وأعظم وأعدل من أن يعذب مكرها مقهورا وقد قال إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وقد ثبت حكم المكره في الشرع وعلم حد المكره الذي اتفق عليه والمكره الذي اختلف وهذه الجوارح من المكرهين المتفق عليهم أنهم مكرهون فتشهد هذه الأعضاء بلا شك على النفس المدبرة لها السلطانة عليها والنفس هي المطلوبة عند الله عن حدوده والمسؤولة عنها وهي مرتبطة بالحواس والقوي لا انفكاك لها عن هذه الأدوات الجسمية الطبيعية العادلة الزكية المرضية المسموع قولها ولا عذاب للنفس إلا بوساطة تعذيب هذه الجسوم وهي التي تحس بالآلام المحسوسة لسريان الروح الحيواني فيها وعذاب النفس بالهموم والغموم وغلبة الأوهام والأفكار الرديئة وما ترى في رعيتها مما تحس به من الآلام ويطرأ عليها من التغييرات كل صنف بما يليق به من العذاب وقد أخبر بمآلها لإيمانها إلى السعادة لكون المقهور غير مؤاخذ بما جبر عليه وما عذبت الجوارح بالألم إلا لإحساسها أيضا باللذة فيما نالته من حيث حيوانيتها فافهم فصورتها صورة من أكره على الزنا وفيه خلاف والنفس غير مؤاخذة بالهم ما لم تعمل ما همت به بالجوارح والنفس الحيوانية مساعدة بذاتها مع كونها من وجه مجبورة فلا عمل للنفوس إلا بهذه الأدوات ولا حركة في عمل للأدوات إلا بالأغراض النفسية فكما كان العمل بالمجموع وقع العذاب بالمجموع ثم تفضي عدالة الأدوات في آخر الأمر إلى سعادة المؤمنين فيرتفع العذاب الحسي ثم يقضي حكم الشرع الذي رفع عن النفس ما همت به فيرتفع أيضا العذاب المعنوي عن المؤمن فلا يبقى عذاب معنوي ولا حسي على أحد من أهل الايمان وبقدر قصر الزمان في الدار الدنيا بذلك العمل لوجود اللذة فيه وأيام النعيم قصار تكون مدة العذاب على النفس الناطقة والحيوانية الدراكة مع قصر الزمان المطابق لزمان العمل فإن أنفاس الهموم طوال فما أطول الليل على أصحاب الآلام وما أقصره بعينه على أصحاب اللذات والنعيم فزمان الشدة طويل على صاحبه وزمان الرخاء قصير (إفصاح) واعلم أن للزكاة نصابا وحولا أي مقدارا في العين والزمان كذلك الاعتبار في زكاة الأعضاء لها مقدار في العين والزمان فالنصاب بلوع العين إلى النظرة الثانية فإنها المقصودة والإصغاء إلى السماع الثاني وكذلك الثواني في جميع الأعضاء لأجل القصد والمقدار الزماني يصحبه فلنذكر ما يليق بهذا الباب مسألة مسألة على قدر ما يلقي الله عز وجل في الخاطر من ذلك والله الموفق والهادي إلى صراط مستقيم (وصل في زكاة الحلي) اختلف العلماء رضي الله عنهم في زكاة الحلي فمن قائل لا زكاة فيه ومن قائل فيه الزكاة (الاعتبار في ذلك) الحلي ما يتخذ للزينة والزينة مأمور بها قال الله تعالى يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وقال تعالى قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده وأضافها إليه ما أضافها إلى الدنيا ولا إلى الشيطان والزكاة حق له وما كان مضافا إليه لا يكون فيه حق له لأنه كله له فلا زكاة في زينة الله ومن اتخذه لزينة الحياة الدنيا وسلب عنه زينة الله أوجب فيه الزكاة وهو أن يجعل الله نصيبا فيه يحيي به ما أضاف منه إلى نفسه ويزكو ويتقدس كما شرع الله للإنسان أن يستعين بالله ويطلب العون منه في أفعاله التي كلفه سبحانه أن يعملها وهو العامل سبحانه لا هم فكذلك ينبغي أن يجعل الزكاة في زينة الحياة الدنيا وإن كانت زينة الله التي أخرج لعباده فأوجبوا الزكاة في تلك الزينة كما أوجبها من أوجبها في الحلي (وصل في زكاة الخيل) اختلفوا في الخيل فالجمهور على أنه لا زكاة في الخيل وقال قوم إذا كانت سائمة وقصد بها النسل ففيها الزكاة أعني إذا كانت ذكرنا وإناثا (وصل الاعتبار في ذلك) هذا النوع من الحيوان وأمثاله من جملة زينة الله قال تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة وهي من زينة الله التي أخرج لعباده ثم إنه من الحيوان الذي له الكر والفر فهو أنفع حيوان يجاهد عليه في سبيل الله فالأغلب فيه أنه لله وما كان لله فما فيه حق لله لأنه كله لله النفس مركبها البدن فإذا كان البدن في مزاجه وتركيب طبائعه بحيث أن يساعد النفس المؤمنة الطاهرة على ما تريد منه من الإقبال على طاعة الله والفرار عن مخالفة الله كان لله وما كان لله فلا حق فيه لله لأنه كله لله وإذا كان البدن يساعد
(٥٦٠)