في أوقات متعددة فمن هنالك يقولون باتساع الوقت وهو أوقات ومن لم يكن من العارفين صاحب نفس قال باتساع الوقت وهم أهل الشرب والري والأول أعرف بالحقائق وأكشف لدقائق الأمور فإن التجليات والأحوال تختلف مع الأنفاس وما يعلم ذلك إلا القليل من العلماء بالله من أهل الله فإن الحس والطبع يحجبان العقل عما تعطيه مرتبته من النظر في دقائق الأمور ولطائفها وبسائطها (وصل تنبيه) هذه المسألة ما ثم أصل يرجع إليه فيها فإن أوقات الصلوات المنسيات مختلفة ولا يكون الترتيب في القضاء إلا في الوقت الواحد الذي يكون بعينه وقتا للصلاتين معا وهذا يتصور في مذهب من يقول بالجمع بين الصلاتين فيكون له أصل يرجع إليه في نظره (وصل في فصل) القضاء الثاني الذي هو قضاء بعض الصلاة فلهذا الفوات سببان الواحد النسيان والثاني ما يفوت المأموم من صلاة الإمام (اعتبار السببين) أما النسيان فيعلم ما يقتضيه المقام الذي هو فيه مما ينبغي أن يعامله به فينسى بعض الوجوه مما يقدح فيما ينتجه من المنازل والكرامات والسبب الثاني هو أن يكون للإمام الذي هو الشرع المتبع فيه قول وحكم فما وصل إليه فإذا أخذ في تحصيل المقام وأكمله على حد ما علمه رأى نقصا في نتيجته فطلب علم السبب فوجد نفسه قد ترك منه ما ينبغي له أن يستعمله ولم يكن له علم بذلك فعثر على حديث نبوي أو آية من كتاب الله تعالى فاته العمل بذلك فعمل على ذلك فصح له نتائج المقام فهذا بمنزلة ما فاته من صلاة الإمام كأبي يزيد البسطامي أوحشه السراج ليلة وكان حاله الورع فقال لأصحابه إني أجد في السراج وحشة فقالوا يا سيدنا استعرنا قارورة من البقال لنسوق فيها الدهن مرة واحدة فسقناه فيها مرتين فقال عرفوا البقال وأرضوه ففعلوا وزالت الوحشة وكان رضي الله عنه في حال كان وقته التجريد وعدم الادخار فقال يوما لأصحابه فقدت قلبي فاطلبوا البيت فوجدوا فيه معلاق عنب فقال رجع بيتنا بيت البقالين فتصدقوا به فوجد قلبه واتفق لشيخنا أبي مدين وكان وقته التجريد وعدم الادخار فنسي في جيبه دينارا وكان كثيرا ما يرتب منقطعا في جبل الكواكب وكانت هناك غزالة نأتي إليه فتدر عليه فيكون ذلك قوته فلما جاء إلى الجبل جاءت الغزالة وهو محتاج إلى الطعام فمد يده على عادته إليها ليشرب من لبنها فنفرت عنه وما زالت تنطحه بقرونها وكلما مد يده إليها نفرت منه ففكر في سبب ذلك فتذكر الدينار فأخرجه من جيبه ورمى به في موضع فقده ولا يجده فجاءت إليه الغزالة وآنست به ودرت عليه (وصل في فصل المأموم يفوته بعض الصلاة مع الإمام) إذا دخل الإنسان والإمام قد هوى إلى الركوع فقال قوم إذا أدرك الإمام ولم يرفع رأسه من الركوع وركع معه فهو مدرك للركعة وليس عليه قضاؤها وهؤلاء اختلفوا في شرط هذا الداخل هل من شرط هذا الداخل أن يكبر تكبيرتين تكبيرة للإحرام وتكبيرة للركوع أو تجزيه تكبيرة الركوع وإن كانت تجزيه فهل من شرطها أن ينوي بها تكبيرة الإحرام أم ليس ذلك من شرطها فقال بعضهم تكفيه تكبيرة واحدة إذا نوى بها تكبيرة الإحرام وقال قوم لا بد من تكبيرتين وقال قوم تجزيه تكبيرة واحدة وإن لم ينو بها تكبيرة الافتتاح وأما القول الثاني فذهب قوم إلى أنه إذا رفع الإمام فقد فاتته الركعة ما لم يدركه قائما قاله أبو هريرة وقول ثالث وهو إذا انتهى الداخل إلى الصف الأخير وقد رفع الإمام رأسه ولم يرفع بعضهم فأدرك ذلك أنه يجزيه لأن بعضهم أئمة لبعض والذي أذهب إليه في ذلك أنه من راعى الركعة اللغوية قال من أدركه في حال الانحناء ومن راعى الركعة الشرعية وهي القيام والانحناء والسجود قال إنه لم يدركه إذا لم يدركه قائما في حال تكبيره ودخوله في الصلاة أعني هذا الداخل ومراعاة الركعة الشرعية أولى غير أن الشرع أيضا قد سمي الانحناء ركوعا كما هو في اللغة في قوله صلى الله عليه وسلم حين نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال اجعلوها في ركوعكم يريد وقت الانحناء وبالجملة فهي مسألة فيها نظر وكل ناظر بحسب ما أعطاه دليله الذي أداه إليه اجتهاده ومذهبنا في هذه المسألة ما كملته على ما هو عندي لما فيه من الطول وما نعبد الله الناس بنظري فهو حكم يخضني أعطانيه دليلي (وصل الاعتبار في ذلك) إمام العلماء بالله هو الحق سبحانه فإذا نزل إليهم في ألطافه
(٤٨٠)