والسجود فيقول العارف بعد تسبيحه ربه بالتعظيم كما أوردناه يقول اللهم لك ركعت أي من أجل عزك وعلوك في كبريائك خضعت تعظيما لك يقول لقيوميتك التي لا تنبغي إلا لك فإني لما قمت بين يديك لم أقم إلا امتثالا لأمرك حيث قلت وقوموا لله فقمت وأنا أخضع في ركوعي من خاطر ربما خطر لي في حال قيامي إني قمت لنفسي فاعترف بين يديك بركوعي إني لك ركعت وبك آمنت يقول بسببك أي بتأييدك صدقت لا بحولي ولا بقوتي أي لا حول لي ولا قوة إلا بك إذ كانت القلوب بيدك التي هي محل الايمان ولك أسلمت أي من أجلك كان انقيادي ولولاك ما تغيرت أحوالي معك في عباداتي فإنك الذي شرعت لي ذلك على لسان رسولك فعلا وقولا صلى الله عليه وسلم فصلى وذكر ثم أمرنا فقال صلوا كما رأيتموني أصلي وأنت القائل وما ينطق عن الهوى فعلمنا أنه مأمور بأن يأمرنا فذلك أمرك لا أمره فإنك القائل من يطع الرسول فقد أطاع الله ثم يقول خشع لك سمعي فيما كلمتني به في حال مناجاتي إياك بكلامك ثم يقول وبصري بواو التشريك وما ثم إلا الخشوع فكأنه يقول وخشع لك بصري حياء منك لعلمي بأنك تراني في حال ركوعي بين يديك فإنك في قبلتي كما أخبرني رسولك صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أجعلك مشهودا في صلاتي كأني أراك بل يا ربي وإن مثلت في نفسي إني أراك فما أقدر أن أنكر علمي أنك تراني وما سبب الحياء مني إلا علمي بأنك تراني لا بأني أراك فإنه لا يعزب عنك مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض يا من يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار ويقول ومخي وعظمي وعصبي فإنك جعلت في كل ما ذكرت قوة يكون بها قوام نشأتي وثبات هيكلي لتحصل نفسي بهذه القوي لبقاء هذه الصورة المكلفة ما أمرتها به أن تحصله من المعرفة بك فربما خطر لمخي وعظمي وعصبي الموصوفين بالخشوع لك لما كانت أسبابا لما ذكرناه فيدركها لذلك عجب وزهو فوجب على كل واحدة من هؤلاء أن يخشع لك بتبريه من الحول والقوة في السببية بأنك أنت الذي تحفظ على قوام نشأتي لتحصيل معارفي فإذا رفع العارف رأسه من الركوع يقول نيابة عن ربه سمع نفسه خطاب ربه سمع الله لمن حمده في قوله في حال ركوعه سبحان ربي العظيم وكل حمد وثناء حمده به وأثنى عليه به من أول شروعه في صلاته ثم يرد بربه على ربه بحضور نفسه من كونها بربه بتأييده إياها في حولها وقوتها فيقول اللهم ربنا فيحذف حرف النداء لأن المصلي في حال قرب والندا يؤذن بالبعد وأبقى المنادي وهو لبقاء نفسه في جواب ربه فيقول لك الحمد أي الثناء التام بما هو لك ومنك فلا حامد ولا محمود إلا أنت ولك عواقب كل مثن في العالم وكل مثنى عليه وهو قوله ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شئ بعد يقول كل جزء من العالم العلوي والسفلي وما بينهما وما في الإمكان من الممكنات مما توجده ويبقى في العدم عينا ثابتة كل جزء منه معلوم بحكم الوجود والتقدير له ثناء خاص عليك من حيث عينه وإفراده وجمعه بغيره في قليل الجمع وكثيره أحمدك بلسانه وبلسان كل حامد من حمدك لنفسك وحمد من سواك لك فيكون لهذا الحامد بهذه الألسنة جميع ما يستدعيه من التجلي الإلهي ومن الأجور المحسوسة لأجل طبيعته وتركيبه فإنه حمده لسانا وقلبا ظاهرا وباطنا وقوله أحق ما قال العبد أي أوجب ما يقوله عبد مثلي ولي أمثال لسيد مثلك ولا مثل لك وكلنا لك عبد يقول أنوب عن أمثالي وهم جميع الممكنات موجودها ومعدومها ممن يقول بك في علمه عن حضور وممن يقول بنفسه عن غيبة فأنوب عنهم في حمدك لمعرفتي بك التي منحتني وجهلهم بما ينبغي لجلالك لا مانع لما أعطيت من الاستعداد لقبول تجل مخصوص وعلوم مخصوصة ولا معطي لما منعت وإذا لم تعط استعدادا عاما فما ثم سيد غيرك يعطي ما لم تعطه أنت ولا ينفع ذا الجد منك الجد أي من كان له حظ في الدنيا من سلطان وجاه ومال وتحكم بغيرك في علمه لا في نفس الأمر لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة عند كشف الغطاء (فصل بل وصل في السجود في الصلاة) فإذا سجد وسبح بربه الأعلى وبحمده كما تقدم يقول في سجوده بعد تسبيحه اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا وعن يميني نورا وعن شمالي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا وفوقي نورا وتحتي نورا واجعل لي نورا واجعلني نورا يقول العارف سجد وجهي أي حقيقتي فإن وجه الشئ حقيقته للذي خلقه أي قدره من اسمه
(٤٣٣)