في ذلك) الخارج عن الموطن الذي تعطيه معرفة الحق من حيث ما هو آمر بها من دليل من عرف نفسه عرف ربه وهو الارتباط بالمعرفتين فلا يخلو أن يكون خروجه إلى معرفة ربه من حيث ما هو واجب الوجود أو يكون خارجا إلى حضرة الحيرة والوقوف أو الكثرة فإن كان خارجا إلى حكم معرفة كونه واجب الوجود لنفسه لا تجب عليه الجمعة وإن كان خروجه إلى ما سوى هذا وجبت عليه الجمعة بلا شك (وصل في فصل الساعات التي وردت في فضل الرواح إلى الجمعة) فمن قائل هي الساعات المعروفة من أول النهار ومن قائل هي أجزاء ساعة واحدة قبل الزوال وبعده والذي أقول به إنها أجزاء من وقت النداء الأول إلى أن يبتدئ الإمام بالخطبة ومن بكر قبل ذلك فله من الأجر بحسب بكوره مما يزيد على البدنة مما لم يوقته الشارع (وصل الاعتبار في ذلك) السعي سعيان سعى مندوب إليه وهو من أول النهار إلى وقت النداء وسعى واجب وهو من وقت النداء إلى أن يدرك الإمام راكعا من الركعة الثانية والأجر الموقت للساعي إلى أول الخطبة وما بعد ذلك فاجر غير موقت لأنه لم يرد في ذلك شرع فأما الأجر الموقت فهو من بدنة إلى بيضة وبينهما بقرة وهي تلي البدنة ويليها كبش وتلي الكبش دجاجة والبيضة تأتي بعد الدجاجة آخرا وليس بعدها أجر موقت ولما كانت البيضة من الدجاجة وفيها تتكون الدجاجة وما في معناه من الحيوان الذي يبيض لهذا قرن البيضة مع الحيوان في توقيت القربة وقصد من الحيوانات في التمثيل ما يؤكل لحمه دائما غالبا مما لا خلاف في أكله وبه تعظم قوة الحياة في الشخص المتغذي فكان المتقرب به تقرب بحياته والتقريب بالنفس إلى الله أسنى القربات ألا ترى الشهداء في سبيل الله لما تقربوا بأنفسهم إلى الله في قتال أعداء الله كانت لهم الحياة الدائمة والرزق الدائم والفرح بما أعطاهم الله فلا يقال في الشهداء أموات لنهي الله عن ذلك لأن الله أخذ بأبصار الخلق عن إدراك حياتهم كما أخذ بأبصارهم عن إدراك الملائكة والجن مع معرفتنا أنهم معنا حضور ولا نعتقد أيضا في الشهداء أنهم أموات بقوله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء وخير الله صدق فثبتت لهم الحياة لما قصدوا القربة إلى الله بنفوسهم (حكي عن بعض شباب الصالحين) أنه كان بمنى يوم النحر وكان فقيرا متجردا لا يقدر على شئ من الدنيا فنظر إلى الناس يتقربون إلى الله بنحر بدنهم وبالبقر والغنم وما قدروا عليه من الحيوان فقال الشاب إلهي إن الناس قد تقربوا إليك في هذا اليوم بما وصلت أيديهم إليه مما أنعمت به عليهم وما لعبدك المسكين شئ يتقرب به إليك في هذا اليوم سوى نفسه فأقبلها فما فرع من كلامه حتى فارق الدنيا فقبضه الله قبض الشهداء سبيل الله ولنا بيت من قصيدة في هذا المعنى وأهدى من القربان نفسا معيبة * وهل رئ خلق بالعيوب تقربا وفي مثل هذا يقول بعضهم وقد رأى بمنى مثل ما رآه هذا الشاب من الحاج فأنشد تهدي الأضاحي وأهدى مهجتي ودمي (وصل في فصل البيع وقت النداء للصلاة من يوم الجمعة) اختلفوا في البيع في وقت النداء فمن قائل يفسخ ومن قائل لا يفسخ قال تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع فأمر بترك البيع في هذا الوقت قال الله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وقال ع في الجهاد إنه جهاد النفس وهو الجهاد الأكبر وقال تعالى قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ولا أكفر من النفوس بنعم الله ولا يلي الإنسان أقرب إليه من نفسه وجهاد النفس أعظم من جهاد العدو لأن الإنسان لا يخرج إلى جهاد العدو إلا بعد جهاده لنفسه وجهاد العدو قد يقع من العبد للرياء والسمعة والحمية وجهاد النفس أمر باطن لا يطلع عليه إلا الله كالصوم في الأعمال وأحق بيع النفس من الله إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فيترك جميع أغراضه ومراداته ويأتي إلى مثل هذا السوق فيبيع من الله نفسه ومثل هذا البيع لا يفسخ هذا مذهب من يقول بعدم الفسخ ومن يقول بالفسخ اعتباره هو أن يقول جميع أفعال العبادات أضافها إلى العباد إلا عبادتين العبادة الواحدة الصوم فأضافه إلى نفسه والعلة في ذلك أنها صفة صمدانية سلبية لا تنبغي إلا لله من حيث
(٤٦٧)