من السجدة نكصت على عقبها عن أمر الله تعالى لعل هذا الساجد لا يعود إلى مثلها ويتوب فإنه في دار قبول التوبة فلهذا لم يتم إقبالها إليه فالإنسان ما دام حيا إذا كان كافرا يرجى له الإسلام وإذا كان مسلما يخاف عليه الكفرة فإنها ما هي دار طمأنينة لمخلوق ما لم يبشر ومع البشرى يرتفع الخوف لصدق المخبر ويبقى الحكم للحياء والخشوع فخوف المبشر واصفراره للحياء خاصة لا للخوف (وصل في فصل في الصلاة على الجنازة في المسجد) فأجازها بعضهم وكرهها بعضهم وأما إذا كانت الجنازة خارج المسجد والمصلي في المسجد ففي هذه الصلاة خلاف أيضا وأما الصلاة على الجنائز في المقابر ففيه خلاف وبالجواز أقول في ذلك كله (وصل الاعتبار في هذا الفصل) المصلي على الجنائز شفيع فحيث ما كان يشفع فإن الحق يقول وهو معكم أينما كنتم فنحن نعلم أنه مع الجنازة حيث كانت ومعي حيث كنت فلا يتقيد بالمكان فالصلاة على الجنازة جائزة في كل مكان من غير تقييد ولا موضع أقذر من موضع فرعون فإن المشرك نجس ومع هذا فجاء موسى وهارون وقال الله لهما إنني معكما أسمع وأرى وكنت أقول بالصلاة على الجنائز حيث كانت في مسجد وغيره حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو ينهى عن دخول الجنائز المسجد وعن الصلاة عليها فانتهيت فما صليت بعد ذلك على جنازة في المسجد فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول من رآني فقد رآني فإن الشيطان لا يتكونني (وصل في فصل في شرط الصلاة على الجنازة) فقال الأكثرون الطهارة شرط فيها كالقبلة سواء واختلفوا في التيمم لها لمن خاف فواتها فقال قوم يتيمم لها وقال قوم لا يتيمم لها ولا يصلى عليها بتيمم والذي أقول به أن الطهارة لا تشترط ولكن أكره التوجه إلى الله وذكره على غير طهارة شرعية (وصل في اعتبار هذا الفصل) قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه وهكذا ينبغي أن يكون الأمر فإن الله في كل حال مع العبد ولا سيما المؤمن انتهى الجزء التاسع والأربعون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل في صلاة الاستخارة) ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن وورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر أن يصلي لها ركعتين ويوقع الدعاء عقيب الركعتين اللتين يصليهما من أجلها بعد السلام منهما وأستحب له أن يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقوله تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة أو سورة قل يا أيها الكافرون وفي الركعة الثانية يقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ويدعو بالدعاء المروي في ذلك عقيب السلام يفعل ذلك في كل حاجة مهمة يريد فعلها وقضاءها ثم يشرع في حاجته فإن كان له فيها خيرة عند الله يسر له أسبابها إلى أن تحصل فتكون عاقبتها محمودة وإن تعذر شئ من أسبابها عليه ولم يتفق تحصيلها بيسر فلا يضاد القدر ويعلم أنه لو كان له فيها خيرة عند الله ما تعذرت أسبابها فيعلم إن الله قد اختار له تركها فلا يتألم لذلك وسيحمد عاقبة تركها وينبغي لأهل الله أن يصلوا صلاة الاستخارة في وقت معين يعنونه من ليل أو نهار في كل يوم فإذا قالوا الدعاء يعد السلام من الركعتين يقولون في الموضع الذي أمر أن يسمى حاجته كما سنذكره يقول اللهم إن كنت تعلم أن جميع ما أتحرك فيه في حقي وفي حق غيري وجميع ما يتحرك فيه غيري في حقي وفي حق أهلي وولدي وما ملكت يميني خير لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وأجله من ساعتي هذه إلى مثلها من اليوم الآخر فيسره لي وأقدره ورحني به وإن كنت تعلم أن جميع ما أتحرك فيه في حقي وفي حق غيري وجميع ما يتحرك فيه غيري في حقي وفي حق أهلي وولدي وما ملكت يميني من ساعتي هذه إلى مثلها من اليوم الآخر شر لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله كما سيأتي في الدعاء بعد هذا إن شاء الله فإنه إذا فعل ذلك ما يتحرك بحركة ولا يتحرك في حقه بحركة إلا كان له فيها خير محقق فعلا أو تركا جربت هذا دائما يفعل هذا في كل يوم في وقت بعينه يلزمه لا يغيره وصورة دعا الاستخارة اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك
(٥٣٧)