اختلف العلماء في الصفرة والكدرة هل هي حيض أم لا فمن قائل إنها حيض في أيام الحيض ومن قائل لا تكون حيضا إلا بأثر الدم ومن قائل ليست حيضا وبه أقول (وصل اعتباره في الباطن) الكذب بشبهة ليس صاحبه ممن تعمد الكذب والأولى تركه إذا عرف أن ذلك شبهة فإنها ما سميت شبهة إلا لكونها تشبه الحق من وجه وتشبه الباطل من وجه فالأولى ترك مثل هذا إلا أن يقترن معها دفع مضرة أو حصول منفعة دينية أو دنياوية بخلاف الكذب المحض الذي هو لعينه وهذا لا يقع فيه عاقل أصلا وأما الكذب الذي هو بمنزلة دم الاستحاضة فيعتبر فيه صلاح الدين لصلاح الدنيا (باب فيما يمنع دم الحيض في زمانه) اعلم أن الحيض في زمانه يمنع من الصلاة والصيام والوطء والطواف (وصل اعتبار ذلك في الباطن) الكذب في المناجاة وهو أن تكون في الصلاة بظاهرك وتكون مع غير الله في باطنك من محرم وغيره اعتباره في الصوم فالصوم هو الإمساك وأنت ما مسكت نفسك عن الكذب كالحائض لا تمسك عن الأكل والشرب وهو الكذب الواجب إتيانه شرعا وهو محمود واعتباره في الطواف بالبيت وهو المشبه بأفضل الأشكال وهو الدور فهو كذب إلى غير نهاية فهو الإصرار على الكذب واعتباره في الجماع أما الجماع فقصد المؤمن به كون الولد والمقدمات إذا كانت كاذبة خرجت النتيجة عن أصل فاسد وقد تصدق النتيجة وقد تكون مثل مقدماتها فالأذى يعود على فاعل الجماع يقول في زمان الكذب لا تحضر الله تعالى بخاطرك فإنه سوء أدب مع الله وقلة حياء منه وجرأة عليه وكيف ينبغي للعبد أن يجرأ على سيده ولا يستحيي منه مع علمه وتحققه أنه يراه قال تعالى ألم يعلم بأن الله يرى (باب في مباشرة الحائض) اختلف العلماء في صورة مباشرة الحائض فقال قوم يستباح من الحائض ما فوق الإزار وقال قوم لا يجتنب من الحائض إلا موضع الدم خاصة وبه أقول (وصل اعتباره في الباطن) قلنا إن الحيض كذب النفوس قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيزني المؤمن قال نعم قيل أيشرب المؤمن قال نعم قيل أيسرق المؤمن قال نعم قيل له أيكذب المؤمن قال لا فإذا رأت نفسك نفسا أخرى تفعل ما لا ينبغي فأكد أن تجتنب من أفعالها الكذب على الله وعلى رسوله والراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ومن عود نفسه الكذب على الناس يستدرجه الطبع حتى يكذب على الله فإن الطبع يسرقه يقول تعالى ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فتوعد عباده أشد الوعيد إذا هم افتروا على الله الكذب وهذا الحكم سار في كل من كذب على الله وقد ورد فيمن يكذب في حلمه أنه يكلف أن يعقد بين شعيرتين من نار لمناسبة ما جاء به من تأليف ما لا يصح ائتلافه فلم يأتلف في نفس الأمر وكذلك لا يقدر أن يعقد تلك الشعيرتين أبدا وهذا تكليف ما لا يطاق فما عذبه الله يوم القيامة إلا بفعله لا بغير ذلك (باب وطء الحائض قبل الاغتسال وبعد الطهر المحقق) قال تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن بسكون الطاء وضم الهاء مخففا وقرئ بفتح الطاء والهاء مشددا فمن قائل بجوازه على قراءة من خفف ومن قائل بعدم جوازه على قراءة من شدد وهو محتمل وبالأول أقول ومن قائل إن ذلك جائز إذا طهرت لأكثر أمد الحيض في مذهبه ومن قائل إن ذلك جائز إذا غسلت فرجها بالماء وبه أقول أيضا (وصل) اعتباره في الباطن ما يلقيه المعلم من العلم في نفس المتعلم إذا كان حديث عهد بصفة الدعوى الكاذبة لرعونة نفسه فله أن يلقي إليه من العلم المتعلق بالتكوين ما يؤديه إلى استعمال غسل واحد فرد بنيتين فيكون له الأجر مرتين وإن لم يتب من تلك الدعوى إلا أنه غير قائل بها في الحال فهو طاهر المحل بالغفلة في ذلك الوقت فإن خطر له خاطر الرجوع عن تلك الدعوى فهو بمنزلة المرأة تغسل فرجها بعد رؤية الطهر وإن لم تغتسل فإن تاب من الدعوى بالعمل بذلك الخاطر كان كالاغتسال للمرأة بعد الطهر (باب من أتى امرأته وهي حائض هل يكفر) فمن قائل لا كفارة عليه وبه أقول ومن قائل عليه الكفارة (وصل) اعتباره في الباطن العالم يعطي الحكمة غير
(٣٦٩)