بالمشاهدة الإحسانية فلما كتب رتب فوضع كل شئ مكانه وأقام أوزانه لما وضع ميزانه فكل جزء له حكم يميزه * في عينه أبدا من بين إخوانه فالكل في الكل مضروب لذي نظر * ضرب الحساب لإفهام بتبيانه لأنه في دجى الأحشاء رتبه * إذ كان سواه في تعديل بنيانه أقام نشأته من عين صورته * وعين الحق فيها وضع ميزانه الأصل مني وحكم الوزن منه لذا * أبدته في عينه أحكام أوزانه وأودع العالم العلوي فيه بما * أعطاه من نفسه بحد إمكانه فصار جمعا لما قد كان فرقه * من الحقائق في أعيان أكوانه بالجمع صح له تحصيل صورته * لم يدر ذلك لولا حكم إيمانه أحاط علما بأن الأمر فيه على * خلاف ما هو في آيات قرآنه من كان يقرأه يدري حقيقته * بأنه لم يزل في حكم فرقانه فلو لا شرف النفس ما دفع الحيوان الأذى عن نفسه وما قصد أذى الغير مع جهله بأنه يلزمه من غيره ما يلزمه من نفسه للاشتراك في الحقيقة وكذلك الإنسان إذا دفع الأذى عن نفسه لم يقع عليه مطالبة من الحق فإن تعدى وزاد على القصاص أو تعدى ابتداء أخذ به ولكن ما يتعدى إلا من كونه إنسانا فقد تجاوز حيوانيته إلى إنسانيته والأصل في هذا التعدي من الأصل لأن الأصل له الغني وأين حكمه من حكم ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فهذا الأمر من الخالق أعني من الاسم الخالق لا من الاسم الغني فإن أحصرتم عن حجكم أو عمرتكم فما استيسر من الهدى (وصل في فصل الإحصار) اختلف العلماء بالذكر في هذه الآية في حكم المحصر بمرض أو بعد وهل هذا المحصر في هذه الآية بعدو أو بمرض فقالت طائفة المحصر هنا بالعدو وقالت طائفة المحصر هنا بالمرض وقال قوم المحصر الممنوع عن الحج أو العمرة بأي نوع كان من المنع بمرض أو بعدو أو غير ذلك وهو الظاهر وبه أقول مراعاة للقصد وما أوقع الخلاف إلا فهمهم في اللسان لأنه جاء في الآية بالوزن الرباعي ونقل إنه يقال حصره المرض وأحصره العدو فأما المحصر بالعدو فاتفق الجمهور على أنه يحل من عمرته وحجه حين أحصر وقال الثوري والحسن بن صالح لا يحل إلا يوم النحر وبالأول أقول وهو أنه يحل حين أحصر غير أني أزيد هنا شيئا لم يره من وافقنا في الإحلال حين الإحصار وهو أن المحرم إن كان قال حين أحرم إن محلي حيث تحبسني كما أمر فلا هدي عليه ويحل حيث أحصر وإن لم يقل ذلك وما في معناه فعليه الهدى والذين قالوا بالتحلل حين أحصر اختلفوا في إيجاب الهدى عليه وفي موضع نحره عند من يقول بوجوبه على شرطنا أو على غير شرطنا فيما أحصر عنه من حج أو عمرة فقال بعضهم لا هدي عليه وإن كان معه هدي تطوع نحره حيث أحل وبنحر الهدى المتطوع به حيث أحل أقول وقال بعضهم بإيجاب الهدى عليه واشترط بعضهم ذبح الهدى الواجب بالحرم وأما الإعادة فمن العلماء من لا يرى عليه إعادة وبه أقول في حج التطوع وعمرته إن كان عليه في ذلك حرج فإن لم يكن عليه فيه حرج فليعد وأما الفريضة فلا تسقط عنه إلا إن مات قبل الإعادة فيقبلها الله له عن فريضته وإن لم يحصل منه إلا ركن الإحرام بل ولو لم يحصل منه إلا القصد والتعمل وقال بعضهم إن كان أحرم بالحج فعليه حجة وعمرة وإن كان قارنا فعليه حجة وعمرتان فإن كان معتمرا قضى عمرته ولا تقصير عليه واختار بعض من يقول بهذا القول التقصير وقد حكى بعضهم الإجماع على إن المحصر بمرض وما أشبهه عليه القضاء ولكن لا أدري أي إجماع أراد فإن إطلاق الفقهاء لفظة الإجماع قد تجاوزوا بها حدها الأول إلى غيره فقد يطلقون الإجماع على اتفاق المذهبين ويطلقونه على اتفاق الأربعة المذاهب ولكن ما هو الإجماع الذي يتخذ دليلا إذا لم يوجد الحكم في كتاب ولا سنة متواترة فهذا قد ذكرنا من اختلافهم في هذه المسألة ما ذكرناه وتركنا ما لا يحتاج إليه في هذا الوقت فلنرجع إلى طريقنا فنقول قوله تعالى
(٧٢٦)