(باب الخائف من البرد في استعمال الماء) اختلف العلماء فيمن هذه حاله فمن قائل بجواز التيمم إذا غلب على ظنه أنه يمرض إن استعمل الماء ومن قائل لا يجوز له التيمم وبالأول أقول (وصل اعتبار ذلك في الباطن) الصوفي ابن وقته فإن كان وقته الصحة فهو غير مريض أو غير شديد المرض فلا يتيمم فإن الوهم لا ينبغي أن يقضي على العلم والخوف هنا قد يكون وهما فلا يبقى مع تقليده ولينظر في الأدلة ولا بد ومن قال لا يجوز له التيمم وإن كان وقته الخوف فليس بصحيح فإن الخوف علة ومرض فليبق على تقليده ولا بد (باب النية في طهارة التيمم) اختلف العلماء في النية في طهارة التيمم فمن قائل إنها تحتاج إلى نية ومن قائل لا تحتاج إلى نية وبالأول أقول فإن الله قال لنا وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين والتيمم عبادة والإخلاص عين النية (وصل اعتبار ذلك في الباطن) إذا كان العقد عن علم ضروري أو عن حسن ظن بعالم أو بوالد فلا يحتاج إلى نية فإن شرط النية أن توجد منه عند الشروع في الفعل مقارنة للشروع ومن كانت عقيدته بهذه المثابة فما هو صاحب فعل حتى يفتقر إلى نية فإن إرادة الحق تعالى الذي هو الخالق لذلك الفعل كافية في الباب فإنه لا يوجد شيئا إلا عن تعلق إرادة منه سبحانه لإيجاده ولا يكونه إلا بها قال تعالى إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن وهذا فعل يوجده في العبد فلا بد من حكم ما ذكر فيه فكان مذهب زفر في هذه المسألة أوجه في باطن الأمر من مذهب الجماعة إلا أن يكون كافر أسلم فهذا يفتقر إلى نية لأنه ما استصحبه شئ من القربة إلى الله بهذا الشرع الخاص المسمى إسلاما ولا كان عنده قبل إسلامه بل كان يرى أن ذلك كفر والدخول فيه يبعد عن الله (باب من لم يجد الماء هل يشترط فيه الطلب أم لا يشترط) اختلف العلماء فيمن هذه صفته فمن قائل يشترط الطلب ولا بد ومن قائل لا يشترط الطلب وبه أقول (وصل اعتبار ذلك في الباطن) لا يلزم المقلد البحث عن دليل من قلد في الفروع ولا في الأصل وإنما الذي يتعين على المقلد إذا لم يعلم السؤال عن الحكم في الواقعة لمن يعلم أنه يعلم من أهل الذكر فيفتيه قال تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ومن رأى أنه يشترط طلب الماء فهو الذي يطلب من المسؤول دليله على ما أفتاه به في مسألته هل هو من الكتاب أو السنة أو يطلب منه أن يقول له هذا حكم الله أو حكم رسوله أخذ به وإن قال له هذا رأيي كما يقول أصحاب الرأي في كتبهم فإنه يحرم عليه اتباعه فيه فإن الله ما تعبده إلا بما شرع له في كتاب أو سنة وما تعبد الله أحدا برأي أحد (باب اشتراط دخول الوقت في هذه الطهارة) اختلف أهل العلم رضي الله عنهم في اشتراط دخول الوقت في هذه الطهارة فمن قائل به وبه أقول ومن قائل بعدم هذا الشرط فيها (وصل اعتباره في الباطن) الوقت هو عندنا إذا تعين تعلق خطاب الشرع بالمكلف فيما كلفه به ظاهرا وباطنا فهو في الباطن تجل إلهي يرد على القلب فجأة يسمى الهجوم في الطريق (باب في حد الأيدي التي ذكر الله عز وجل في هذه الطهارة) فإن الله يقول فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه فاختلف أهل العلم رضوان الله عليهم في حد الأيدي في هذه الطهارة فمن قائل حدها مثل حدها في الوضوء ومن قائل هو مسح الكف فقط ومن قائل إن الاستحباب إلى المرفقين والفرض الكفان ومن قائل إن الفرض إلى المناكب والذي أقول به إن أقل ما يسمى يدا في لغة العرب يجب فما زاد على أقل مسمى اليد إلى غايته فذلك له وهو مستحب عندي (وصل اعتبار الباطن في ذلك) لما كان التراب والأرض أصل نشأة الإنسان وهو تحقيق عبوديته وذلته ثم عرض له عارض الدعوى بكون الرسول قال فيه صلى الله عليه وسلم إنه مخلوق على الصورة وذلك عندنا لاستعداده الذي خلقه الله عليه من قبوله للتخلق بالأسماء الإلهية على ما تعطيه حقيقته فإن في مفهوم الصورة والضمير خلافا فما هو نص في الباب فاعتز لهذه النسبة وعلا وتكبر
(٣٧٣)