من نفسه فليس لنا ردها لأنه جاء بها إلينا من غير مسألة فيأخذها السلطان منه لبيت مال المسلمين لا يأخذها زكاة ولا يردها فإن ردها عليه فقد عصى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما العبد فالناس فيه على ثلاثة مذاهب فمن قائل لا زكاة في ماله أصلا لأنه لا يملكه ملكا تاما إذ للسيد انتزاعه ولا يملكه السيد ملكا تاما أيضا لأن يد العبد هي المتصرفة فيه إذن فلا زكاة في مال العبد وذهبت طائفة إلى أن زكاة مال العبد على سيده لأن له انتزاعه منه وقالت طائفة على العبد في ماله الزكاة لأن اليد على المال توجب الزكاة فيه لمكان تصرفها فيه تشبيها بتصرف الحر قال شيخنا وجمهور من قال لا زكاة في مال العبد على أن لا زكاة في مال المكاتب حتى يعتق وقال أبو ثور في مال المكاتب الزكاة والذي أقول به أنه لا يخلوا الأمر إما أن يرى أن الزكاة حق في المال ولا يراعي المالك فيجب على السلطان أخذها من كل مال بشرطه من النصاب وحلول الحول على من هو في يده ومن رأى أن وجوب الزكاة على أرباب المال جاء ما ذكرناه من المذاهب في ذلك فالأولى كل ناظر في المال هو المخاطب بإخراج الزكاة منه اعتبار ذلك العبد وما يملكه لسيده فبأي شئ أمره سيده وجبت عليه طاعته والزكاة حق أوجبه الله في عين المال لأصناف مذكورين وهو بأيدي المؤمنين فإنه لا يخلو مال عن مالك أي عن يد عليه لها التصرف فيه فالزكاة أمانة بيد من هو المال بيده لهؤلاء الأصناف وما هو مال للحر ولا للعبد فوجب أداؤه لأصحابه ممن هو عنده وله التصرف فيه حرا كان أو عبدا من المؤمنين والكل عبيد الله فلا زكاة على العبد لأنه مؤد أمانة والزكاة عليه بمعنى إيصال هذا الحق إلى أهله فإن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وتطهيره المال الذي فيه الزكاة بالزكاة أعني بإخراجها منه والزكاة على السيد لأنه يملكه من باب ما أوجبه الحق لخلقه على نفسه مثل قوله كتب ربكم على نفسه الرحمة وقوله فسأكتبها وقوله وكان حقا علينا نصر المؤمنين وقوله أوف بعهدكم فكل من رأى أصلا مما ذكرناه ذهب في مال العبد مذهب (وصل) ومن ذلك المالكون الذين عليهم الديون التي تستغرق أموالهم وتستغرق ما تجب فيه الزكاة من أموالهم وبأيديهم أموال تجب الزكاة فيها فمن قائل لا زكاة في مال حبا كان أو غيره حتى يخرج منه الدين فإن بقي منه ما تجب فيه الزكاة زكى وإلا فلا وقالت طائفة الذين لا يمنع زكاة الحبوب ويمنع ما سواها وقالت طائفة الدين يمنع زكاة الناض فقط إلا أن تكون له عروض فيها وفاء له من دينه فإنه لا يمنع وقال قوم الذين لا يمنع زكاة أصلا الاعتبار في ذلك الزكاة عبادة فهي حق الله وحق الله أحق أن يقضى بذا ورد النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله قد جعل الزكاة حقا لمن ذكر من الأصناف في القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد والدين حق مترتب متقدم فالدين أحق بالقضاء من الزكاة (وصل) ومن ذلك المال الذي هو في ذمة الغير وليس هو بيد المالك وهو الدين فمن قائل لا زكاة فيه وإن قبض حتى يمر عليه حول وهو في يد القابض وبه أقول ومن قائل إذا قبضه زكاه لما مضى من السنين وقال بعضهم يزكيه لحول واحد وإن قام عند المديان سنين إذا كان أصله عن عوض فإن كان على غير عوض مثل الميراث فإنه يستقبل به الحول (اعتبار الباطن في ذلك) لا مالك إلا الله ومن ملكه الله إذا كان ما ملكه بيده بحيث يمكنه التصرف فيه فحينئذ تجب عليه الزكاة بشرطها ولا مراعاة لما مر من الزمان فإن الإنسان ابن وقته ما هو لما مضى من زمانه ولا لما يستقبله وإن كان له أن ينوي في المستقبل ويتمنى في الماضي ولكن في زمان الحال هذا كله فهو من الوقت لا من الماضي ولا من المستقبل فلا مراعاة لما مر على ذلك المال من الزمان حين كان بيد المديان فإنه على الفتوح مع الله تعالى دائما الذي بيده المال هو الله فالزكاة واجبة فيه لما مر عليه من السنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حجي عن أبيك وأمر صلى الله عليه وسلم ولي الميت بما على الميت من صيام رمضان وما هو إلا إيصال ثمرة العمل لمن حج عنه أو صام عنه مما هو واجب عليه إلا أن فرط فله حكم آخر ومع هذا فمن حج عنه أو عمل عنه عمل ما فهو صدقة من عمل هذا العمل على المعمول عنه ميتا كان المعمول عنه أو غير ميت غير أن الحي لا يسقط عنه الواجب عليه إلا إذا لم يستطع فعله فإن فعله وليه عنه كان له أجر من أدى ما وجب عليه وليس ذلك إلا في الحج بما ذكرناه والثواب ما هو له بقابض إلا إن كان المعمول عنه ميتا فإنه أخراوي فإن كان حيا فالقابض عنه الوكيل وهو الله فإذا قبضه أعطاه في الآخرة لمن
(٥٥٤)