على الأفئدة وهي التي قلنا فيها - النار ناران نار كلها لهب * ونار معنى على الأرواح تطلع وهي التي ما لها سفع ولا لهب * لكن لها ألم في القلب ينطبع وكذلك أهل الجنة يعطيهم الله من الأماني والنعيم المتوهم فوق ما هم عليه فما هو إلا أن الشخص منهم يتوهم ذلك أو يتمناه فيكون فيه بحسب ما يتوهمه إن تمناه معنى كان معنى أو توهمه حسا كان محسوسا أي ذلك كان وذلك النعيم من جنات الاختصاص ونعيمها وهو جزاء لمن كان يتوهم هنا ويتمنى أن لو قدر وتمكن أن يكون ممن لا يعصي الله طرفة عين وأن يكون من أهل طاعته وأن يلحق بالصالحين من عباده ولكن قصرت به العناية في الدنيا فيعطي هذا التمني في الجنة فيكون له ما تمناه وتوهمه وأراحه الله في الدنيا من تلك الأعمال الشاقة ولحق في الآخرة بأصحاب تلك الأعمال في الدرجات العلى وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي لا قوة له ولا مال له فيرى رب المال الموفق يتصدق ويعطي في فك الرقاب ويوسع على الناس ويصل الرحم ويبني المساجد ويعمل أعمالا لا يمكن أن يصل إليها إلا رب المال ويرى أيضا من هو أجلد منه على العبادات التي ليس في قوة جسمه أن يقوم بها ويتمنى أنه لو كان له مثل صاحبه من المال والقوة لعمل مثل عمله قال صلى الله عليه وسلم فهما في الأجر سواء ومعنى ذلك أنه يعطي في الجنة مثل ذلك التمني من النعيم الذي أنتجته تلك الأعمال فيكون له ما تمنى وهو أقوى في اللذة والتنعم مما لو وجده في الجنة قبل هذا التمني فلما انفعل عن تمنيه كان النعيم به أعلى فمن جنات الاختصاص ما يخلق الله له من همته وتمنيه فهو اختصاص عن عمل معقول متوهم وتمن لم يكن له وجود ثمرة في الدنيا وهو الذي عنينا بالاختصاص في قولنا مراتب الجنة مقسومة * ما بين أعمال وبين اختصاص فيا أولي الألباب سبقا على * نجب من أعمالكم لا مناص إن بلي لم تعط أطفالنا * من أثر الأعمال غير الخلاص لأنه لم يك شرعا لهم * فهو اختصاص ما لديه انتقاص فأردنا بالاختصاص الثاني ما لا يكون عن تمن ولا توهم وأردنا بالاختصاص الأول ما يكون عن تمن وتوهم الذي هو جزاء عن تمن وتوهم في الدنيا وأما الأماني المذمومة فهي التي لا يكون لها ثمرة ولكن صاحبها يتنعم بها في الحال كما قيل أماني إن تحصل تكن أحسن المنى * وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا ولكن تكون حسرة في المال وفيها قال الله تعالى وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وفيها يقال أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا لأنه لا مفاضلة بين الخير والشر فما كان خير أصحاب الجنة أفضل وأحسن إلا من كونه واقعا وجوديا محسوسا فهو أفضل من الخير الذي كان الكافر يتوهمه في الدنيا ويظن أنه يصل إليه بكفره لجهله فلهذا قال فيه خير وأحسن الله فأتى بنية المفاضلة وهي أفعل من كذا فافهم هذا المعنى ويقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والستون في معرفة سر الشريعة ظاهرا وباطنا وأي اسم إلهي أوجدها) طلب الجليل من الجليل جلالا * فأبى الجليل يشاهد الإجلالا لما رأى عز الإله وجوده * عبد الإله يصاحب الإدلالا وقد اطمأن بنفسه متعززا * متجبرا متكبرا مختالا أنهى إليه شريعة معصومة * فأذله سلطانها إذلالا نادى العبيد بفاقة وبذلة * يا من تبارك جده وتعالى قال الله عز وجل قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا وقال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فاعلم إن الأسماء الإلهية لسان حال تعطيها الحقائق فاجعل بالك لما تسمع ولا تتوهم الكثرة ولا الاجتماع الوجودي وإنما أورد في هذا الباب ترتيب حقائق معقولة كثيرة من جهة النسب لا من جهة وجود عيني فإن ذات الحق واحدة من حيث ما هي ذات ثم إنه لما علمنا من وجودنا وافتقارنا وامكاننا أنه لا بد لنا من
(٣٢٢)