فليس بمفلح في غيرته وما أكثر وقوع هذا وكم قاسينا في هذا الباب من المحجوبين حين غلبت أهواؤهم على عقولهم فإنا آخذ بحجزهم عن النار وهم يتقحمون فيها مرسل الغيرة في موطنها * هو فرد أحدي مصطفى والذي يرسلها مطلقة * فهو دار رسمه منه عفا مرض الغيرة داء مزمن * والذي قد شرع الله شفا فمن استعمله بل ومن * حاد عنه لم يزل منحرفا فأقل الأمر فيه أن يرى * وهو موصوف به معترفا دعا بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنا وهذه وأشار إلى عائشة فقال الرجل لا فأبى أن يجيب دعوته صلى الله عليه وسلم إلى أن أنعم لم فيها أن تأتي معه فأقبلا يتدافعان إلى منزل ذلك الرجل النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة والله تعالى يقول لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أين إيمانك لو رأيت اليوم صاحب منصب من قاض أو خطيب أو وزير أو سلطان يفعل مثل هذا تأسيا هل كنت تنسبه إلا إلى سفساف الأخلاق ولو لم تكن هذه الصفة من مكارم الأخلاق ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يوم الجمعة على المنبر الحسن والحسين وقد أقبلا يعثران في أذيالهما فلم يتمالك أن نزل من المنبر وأخذهما وجاء بهما حتى صعد المنبر وعاد إلى خطبته أترى ذلك من نقص حاله لا والله بل من كمال معرفته فإنه رأى بأي عين نظر ولمن نظر مما غاب عنه العمي الذين لا يبصرون وهم الذين يقولون في مثل هذه الأفعال أما كان له شغل بالله عن مثل هذا وهو صلى الله عليه وسلم والله ما اشتغل إلا بالله كما قالت من لم تعرف فيا ليتها سلمت حين سمعت القارئ يقرأ إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون مساكين أهل الجنة في شغل هم وأزواجهم يا مسكينة ذكر الشغل تعالى عن هؤلاء وما عرفك بمن ولا بمن تفكهوا هم وأزواجهم فيما ذا حكمت عليهم إنهم شغلوا عن الله لو اشتغلت هذه القائلة بالله ما قالت هذه المقالة لأنها لا تنسب إليهم شغلهم بغير الله حتى تتصور في نفسها هذه الحالة التي تخيلتها فيهم وإذا تصورتها لم يكن مشهودها في ذلك الوقت إلا تلك الصورة فهي المسكينة لما تحققنا من كلامها إن وقتها ذلك كان شغلا عن الله وأصحاب الجنة في باب الإمكان وهي قد شهدت على نفسها شهود تحقيق أنها مع غير الله في شغل وهذا من مكر الله الخفي بالعارفين في تجريح الغير ببادئ الرأي والتعريض في حق نفوسهم إنهم منزهون عن ذلك هكذا صاحب الغيرة المطلقة لا يزال في عذابها مقيما متعوب الخاطر وهو عند الله في عين البعد من حيث لا يشعر (حديث سابع عشر في بقاء الطيب على المحرمة) ذكر أبو داود من حديث عمر بن سويد قال حدثتني عائشة بنت طلحة إن عائشة أم المؤمنين حدثتها قالت كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سأل على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا تسمى الله بالطيب وحبب إلى نبيه صلى الله عليه وسلم الطيب وإنما منع المحرم من إحداثه في أثناء أفعال الحج إلى وقت طواف الإفاضة فإنه يستعمله للاحلال قبل أن يحل كما استعمله للإحرام قبل أن يحرم فأشبه النية في العمل لأن الإحرام عمل مشروع والإحلال منه عمل مشروع فصار في منزلة من لا يقبل العمل إلا به فهي مرتبة عظمى وهو أقوى من النية في الصحبة للمكلف فإن المكلف يذهل عن النية في أثناء الفعل فيقدح ذلك في صورة الفعل لا في ذات الفعل فيخرج الفعل مما يكمله حضور النية والطيب لذاته يبقى لا كلفة فيه فالأجر له من جهته ما دام موجودا فيه فهو أقوى سلطانا من النية ولا يستعمل الطيب إلا لرائحته فهو من مدارك الأنفاس الرحمانية فيدفع الكربات ويرفع الهموم ويزيل الضيق والحرج ويؤدي إلى السعة والسراح والجولان في المعارف الإلهية لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا فالطيب محبوب لذاته فأشبه الكمال وهو في المرأة سبب موجب للنظر إليها وما منعها الشارع من
(٧٤٣)