وقتا ولا يساعد وقتا آخر لخلل فيه كان رد النفس بالقهر فيما لا يساعد فيه من طاعة الله زكاة فيه كمن يريد الصلاة ويجد كسلا في أعضائه وتكسرا فيتثبط عنها مع كونه يشتهيها فأداء الزكاة في ذلك الوقت أن يقيمها ولا يتركها مع كسلها وهي في ذلك الوقت سائمة من السامة اعتبار متخذة للنسل لأن فيها ذكرا وإناثا أي خواطر عقل وخواطر نفس (وصل) في سائمة الإبل والبقر والغنم وغير السائمة فإن قوما أوجبوا الزكاة فيها كلها سائمة وغير سائمة وذهب الأكثرون إلى أن لا زكاة في غير السائمة من هذه الثلاثة الأنواع (اعتبار هذا الوصل) السائمة الأفعال المباحة كلها وغير السائمة ما عدا المباح فمن قال الزكاة في السائمة قال إن المباح لما كانت الغفلة تصحبه أوجبوا أن يحضر الإنسان عند فعله المباح أنه مباح بإباحة الشارع ولو لم يبح فعله ما فعله فهذا القدر من النظر هو زكاته وأما غير السائمة فلا زكاة فيها لأنها كلها أفعال مقيدة بالوجوب أو الندب أو الحظر أو الكراهة فكلها لا تخيير على الإطلاق للعبد فيها فكلها لله تعالى وما كان لله لا زكاة فيه فإن الزكاة حق لله في هذا كله وألحق بعض أصحابنا المندوب والمكروه بالمباح فجعل فيه الزكاة كالمباح سواء وقالت طائفة أخرى ما هو مثل المباح فإن فيه ما يشبه الواجب والمحظور وفيه ما يشبه المباح فإن كان وقته تغليب أحد النظرين فيهما كان حكمه بحكم الوقت فيهما وهو أن يحضر له في وقت إلحاقهما بالمباح وفي وقت إلحاقهما بالواجب والمحظور والصورة في الشبه أن السائمة مملوكة وغير السائمة مملوكة فالجامع بينهما الملك ولكن ملك غير السائمة أثبت لشغل المالك بها وتعاهده إياها والسائمة ليست كذلك وإن كانت ملكا وكذلك المندوب والمكروه هو مخير في الفعل والترك فأشبه المباح وهو مأجور في الفعل فيهما والترك فأشبه الواجب والمحظور وهذا أسد مذاهب القوم عندنا ومن قال الزكاة في الكل قال إنما أوجب ذلك في الكل سائمة وغير سائمة لأن الأفعال الواقعة من العبد منسوبة للعبد نسبة إلهية وإن اقتضى الدليل خلافها فوجبت الزكاة في جميع الأفعال لما دخلها من النسبة إلى المخلوق وصورة الزكاة فيها استحضارك أن جميع ما يقع منك بقضاء وقدر عن مشاهدة وحضور تام في كل فعل عند الشروع في الفعل وذلك القدر هو زمان الزكاة بمنزلة انقضاء الحول وقدر ذلك الفعل الذي يمكن الرد فيه إلى الله ذلك هو نصاب ذلك الفعل وهذا مذهب العلماء بالله إن الأفعال كلها لله بوجه وتضاف إلى العبد بوجه فلا يحجبنهم وجه عن وجه كما لا يشغله شأن عن شأن (وصل في زكاة الحبوب وأما ما اختلفوا فيه من النبات بعد اتفاقهم على الأصناف الثلاثة) فمنهم من لم ير الزكاة إلا في تلك الأصناف الثلاثة ومنهم من قال الزكاة في جميع المدخر المقتات من النبات ومنهم من قال الزكاة في كل ما تخرجه الأرض ما عدا الحشيش والحطب والقصب (الاعتبار في كونه نباتا) فهذا النوع مختص بالقلب فإنه محل نبات الخواطر وفيه يظهر حكمها على الجوارح فكل خاطر نبت في القلب وظهر عينه على ظاهر أرض بدنه ففيه الزكاة لشهادة كل ناظر فيه إنه فعل من ظهر عليه فلا بد أن يزكيه برده إلى الله ذلك هو زكاته وما لم يظهر فلا يخلو صاحبه لما نبت في قلبه ما نبت هل كان ممن رأى الله فيه أو قبله فإن كان من هذا الصنف فلا زكاة عليه فيه فإنه لله ومن رأى الله بعده من أجله فتلك عين الزكاة قد أداها وإن لم ير الله بوجه وجبت عليه الزكاة عند العلماء بالله ولم تجب عليه الزكاة عند الفقهاء من أهل الطريق لأن الشارع لم يعتبرا لهم حتى يقع الفعل فكان نباتا سقطت فيه الزكاة كما سقطت المؤاخذة عليه فإن كان النبات من الخواطر التي فيها قوت للنفس وجبت الزكاة لما فيها من حظ النفس فإن كان حظ النفس تبعا فلا زكاة فإن قوت هذا الذي هذه صفته فهو الله الذي به يقوم كل شئ قيل لسهل بن عبد الله ما القوت قال الله قيل له سألناك عن قوت الأشباح قال الله فلما ألحوا عليه قال ما لكم ولها دع الديار إلى مالكها وبانيها إن شاء عمرها وإن شاء خربها (وصل في النصاب بالاعتبار) وأما النصاب في الأعضاء فهو أن تتجاوز في كل عضو من الأول إلى الثاني ولكن من الأول المعفو عنه لا من الأول المندوب فإن الأول المعفو عنه لا زكاة فيه فإنه لله والثاني لك ففيه الزكاة ولا بد سواء كان في النظرة الأولى أو السماع الأول أو اللفظة الأولى أو البطشة الأولى أو السعي الأول أو الخاطر الأول والجامع كل حركة لعضو لا قصد له فيها فلا زكاة عليه فإذا
(٥٦١)