والخارص قد يصيب وقد يخطئ والعلم بالله من حيث القطع أولى من العلم به من حيث الخرص وإن كان الخرص لا بد منه في العلم بالله ابتداء (وصل في فصل ما أكل صاحب التمر والزرع من تمره وزرعه قبل الحصاد والجداد) فمن قائل يحسب ذلك عليه في النصاب ومن قائل لا يحسب عليه ويترك الخارص لرب المال ما أكل هو وأهله ويأكل (الاعتبار) ثمر الإنسان وزرعه أعماله وأعماله واجبة ومندوب إليها ومباحة خاصة وأما المكروه والمحظور فلا دخول لهما هنا ولا سيما المحظور خاصة في الزكاة وقد يدخل في الزكاة بوجه خاص في فعل المحظور وذلك أن المؤمن لا تخلص له معصية أصلا من غير أن تكون مشوبة بطاعة وهم الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فالطاعة التي تشوب كل معصية هي الايمان بها أنها معصية وكما هي طاعة في عين معصية فهي قرب في عين بعد فذلك الايمان هو زكاتها فيطهر المحظور بالإيمان فهو قوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات فإذا أعطى هذا القدر في عمل المعصية وقع الترجي للعبد من الله في القبول وهو قوله تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وهؤلاء منهم عسى الله أن يتوب عليهم أي يرجع عليهم بالرحمة والقبول والغفران وتبديل السيئات فهذه عناية الزكاة أثرت في الحظر وأما في أعمال الطاعات فنصابها الذي تجب فيه الزكاة زكاتها المباح من عامله خاصة وهو الذي يخص النفس فإن الزكاة وإن كانت حق الله فما هي حق الله إلا من حيث إنه شرعها فهي راجعة إلينا فإن الله عين مصارفها بذكر الأصناف الذين يأخذونها فتصدق الله على الإنسان بالمباح في الثمانية الأعضاء من جميع أعماله فتلك الزكاة التي أعطاها الله من جميع أعماله وذلك لفقره ومسكنته وعمله وتألفه على طاعة ربه واجتماعه من حيث إيمانه عليها وفكاك رقبته من رق الواجبات في أوقات المباحات وإن اندرجت فيها أعني الواجبات لأنه يجب عليه اعتقاد المباح أنه مباح إلى غير ذلك فمن حسبه عليه في النصاب فلكونه من جملة ما شرع له لأن المباح مشروع كالواجب فلهذا يتصرف فيه تصرف من أبيح له لا تصرف الطبع ومن قال لا يحسب عليه فلكونه وإن كان مباحا إنما راعى سقوط التكليف في المباح لأن المكلف لا يكون مخيرا فإن التكليف مشقة والتخيير لا مشقة فيه وإن تضمن الحيرة والتردد (وصل في فصل وقت الزكاة) فجمهور العلماء في الصدر الأول مجمعون على وجوب الزكاة في الذهب والفضة والماشية باشتراط الحول وما خالف في ذلك أحد من الصدر الأول فيما نقل إلينا إلا ابن عباس ومعاوية لأنه لم يثبت عندهما في ذلك حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم إن الحول فيه كمال الزمان فأشبه كمال النصاب فكما وجبت بكمال النصاب وجبت بكمال الزمان ومعنى كمال الزمان تعميمه للفصول الأربعة فيه ولهذا ينتظر بالعنين الحول الكامل حتى تمر عليه الفصول الأربعة فلا تغير في حاله شيئا أي لا حكم لها في عنته لعدم استعداده لتأثيرها وكمال الإنسان إنما هو في عقله فإذا كمل في عقله فقد كمل حوله فوجب عليه إخراج الزكاة وهي أن يعلم ما لله عليه من الحقوق فيجتهد في أداء ذلك ووقت الحبوب والتمر يوم حصاده وجده من غير اشتراط الحول إذ قد مر الحول على الأصل وهو ما للخريف والشتاء والربيع والصيف فيه من الأثر فكأنه ما خرج عن حكم الحول بهذا الاعتبار فمن العبادات ما هي مرتبطة بالحول كالحج والصيام وما ذكرناه من صنف ما من أصناف المال المزكى ومن العبادة الواجبة ما لا يرتبط بالحول كالصلاة والعمرة ونوافل الخيرات ما عدا الحج فإن واجبة ونافلته سواء في الحول (وصل في فصل زكاة المعدن) فمن العلماء من راعى فيه الحول مع النصاب تشبيها بالذهب والفضة ومنهم من راعى فيه النصاب دون الحول تشبيها بما تخرجه الأرض مما تجب فيه الزكاة (وصل الاعتبار في هذا) المعدن الطبيعة التي تتكون عنها الأجسام ونفوس الأجسام الجزئية والطبيعية أربع حقائق بتأليفها ظهر عالم الأجسام وفي العلم الإلهي أن العالم ظهر عن الله تعالى من كونه
(٥٩٨)