إنما هو شرط في بعضها وإذا كان الإمام في فعل جزء من أجزاء الركعة والمأموم في جزء آخر وقد قال لا تختلفوا عليه فهو اختلاف عليه وهذا الحديث إذا حققه الإنسان مع أحاديث أخر معلومة في هذه المسألة عينها فإنه يبدو له أن كل قول في هذه المسألة مما حكيناه له متعلق فجميع أقوالهم مشروعة وإن اختلفت فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة (وصل الاعتبار في ذلك) سهو العبد عن اتباع الحق فيما أمره به ونهاه عنه أو فيما ينبغي أن يتأدب به معه في مقابلة إنعامه وإحسانه شكرا مؤثر في إبطال ما فاته من علم ما كان يحصل له من تجليه في ذلك القدر الذي فاته واختلف أصحابنا في هذه المسألة على ما نذكره فقال قوم إذا فاتتك نظرة واحدة من الحق في وقتك وقد كنت تشهده قبل ذلك مستصحبا من وقت معرفتك به الذوقية وكان ما فاتك منه في نظرة وقتك أكثر مما نلته مما تقدم إلى وقتك وأنا أذكر ما السبب في ذلك وهو أن كل نظرة تكون من العبد إلى الحق في تجليه له تتضمن معرفة كل نظرة ولذتها مما تقدمتها وتزيد على ذلك بما تعطيه حقيقة نظرة الوقت فقد فاته خير كثير فعليه قضاء ما فات ليحصل له هذا العلم ووقع لهم في هذا غلط كبير من حيث لا يشعرون وذلك أن المصلي إذا فاته مع الإمام ما فاته فما أدرك فهي أول صلاته ويتم على ما هي الصلاة المشروعة وما عندنا قاض إلا إذا كان القضاء بمعنى الأداء فهو صحيح وأما غلط أصحابنا فإن الذي تقدم هذه النظرة الوقتية من نظرات التجلي فهي هنا بحكم التبعية لهذه النظرة وكل نظرة في وقتها في عين سلطانها وأين تصرف الشئ في ملكه من تصرفه في ملك غيره فافهم ثم نرجع ونقول وقال قوم من أصحابنا بأن هذا التجلي الذي هو فيه يتضمن ما فاته وما ناله فيعتد بما أدركه فإنه يناله فيه والذي أذهب إليه هو ما ذكرناه من أن أدرك الأمر بحكم التضمن ما هو مثل إدراكه بحكم التصريح ومشاهدة العين فإن الواحد الذي هو سلطان الوقت هو إدراك تفصيلي عيني له ذوق خاص والآخر المضمن إدراك إجمالي غير عيني فله ذوق آخر متميز عن ذوقه في وقته أين الرؤية لصاحب الورث الموسوي منا وإن كان من مشكاة محمد صلى الله عليه وسلم من الرؤية المحمدية من المحمدي الخالص مع كونها تتضمن الرؤية الموسوية لكنها هنا تبع وفي زمان سلطانها شئ آخر فتتفاضل الورثة في الميراث بحكم طبقاتهم فمن الورثة من يحوز المال كله والوارث النصف والربع والثمن والثلث والسدس إلى غير ذلك فالجامع بين إدراكين كل إدراك في مقامه لا يساوي ولا يماثل المدرك لأحدهما دون الآخر من الطرفين فإن الذائق العسل على حدة ثم بذوقه في شراب التفاح مثلا فقد أدركه ذوقا في الحالين ولكن يجد فرقانا بين الذوقين بلا شك وأين حكمه عسلا من حكمه شرابا أو شراب تفاح (وصل في فصل إتيان المأموم بما فاته من الصلاة مع الإمام هل هو قضاء أو أداء على اصطلاح الفقهاء) فإن قلت فهل إتيان المأموم بما فاته من الصلاة مع الإمام قضاء أو في الظاهر قلنا في الجواب إن الشرع المقرر فيه ثلاث مذاهب مذهب أن يأتي به بعد سلام الإمام فهو قضاء وأن ما أدرك مع الإمام ليس هو أول صلاته ومذهب آخر أن الذي يأتي به بعد سلام الإمام فهو أداء وأن ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته وبه أقول ومذهب ثالث فرق بين الأقوال والأفعال فقال يقضي في الأقوال يعني في القراءة ويكون مؤديا في الأفعال فمن أدرك ركعة من صلاة المغرب على المذهب الأول أعني مذهب القضاء قام إذا سلم الإمام إلى ركعتين يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة ولا يجلس بينهما وعلى المذهب الثاني يقوم إلى ركعة واحدة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة يجهر فيها ويجلس ثم يقوم إلى ركعة يقرأ فيها بأم القرآن سرا فقط وعلى المذهب الثالث يقوم إلى ركعة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة ثم يجلس ثم يقوم إلى ركعة ثانية يقرأ فيها بأم القرآن وسورة وهذه المذاهب الثلاثة قد وردت في الحديث ورد في الخبر فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا والإتمام يقتضي أن يكون ما أدركه هو أول صلاته وفي رواية فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا والقضاء يوجب أن يكون ما أدرك فهو آخر صلاته ومن استعمل الحديثين أعني الروايتين وجمع بين القضاء والأداء فقال يقضي في الأقوال ويكون مؤديا في الأفعال كما بيناه قبل (وصل اعتبار هذا الفصل) من اعتبر الحكم للاسم الإلهي الذي هو سلطان الوقت وصاحبه فلا يخلو أن كان هو عين ذلك الاسم الذي له حكم تلك الصلاة كلها من أولها إلى آخرها في حق الإمام والمأموم فإنه مؤد بلا شك فإن ذلك الاسم لا ينفصل عن حكم وقته بسلام الإمام بل حتى يسلم وينفصل كل من كان في حكم الإمام
(٤٨٢)