بحساب ذلك ويعامل اسم الله رمضان بما يليق به وإن لم يشهده فإن الحال اقتضى له ذلك وإن لم يعطه الحال لصحة الحساب أخرجكم ذلك الاسم الإلهي إلى وقته (وصل في فصل اعتبار وقت الرؤية) اتفقوا على أنه إذا رؤي من العشاء على إن الشهر من اليوم الثاني واختلفوا إذا رؤي في سائر أوقات النهار أعني أول ما يرى فأكثر العلماء على إن القمر في أول وقت رؤي من النهار أنه لليوم المستقبل كحكمه في موضع الاتفاق ومن قائل إذا رؤي قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإن رؤي بعد الزوال فهو لليلة الآتية وبه أقول (وصل في الاعتبار فيه) حكم الاسم الإلهي في أي حال ظهر من الأحوال فالحكم له في الحال بالتجلي وفي الاستقبال بالأثر حتى يأتي حكم اسم آخر يزيل حكم الأول وأما من يعتبر الرؤية قبل الزوال وبعده فاعلم إن الاستواء هو المسمى في الطريق موقف السواء وهو الموقف الذي لا يتميز فيه سيد من عبد ولا عبد من سيد فإن قلت فيه في تلك الحالة سيد صدقت وإن قلت فيه عبد صدقت لأن لك شاهد حال في كل قول يشهد لك بصدق ما تقول فقل ما شئت فيه تصدق وهو مثل قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى فكونه رمى حق وكونه لم يرم حق يقول تعالى كنت يده التي يبطش بها فإن قلت إن الرامي هو الله صدقت وإن قلت إن الرامي هو محمد صلى الله عليه وسلم صدقت هذا هو موقف السواء فإن كنت في موقف أبي بكر الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله فتكون ممن رآه قبل الزوال فالحكم للماضي وأنت بالحال في أول الشهر وذلك اليوم هو أوله وإن كنت عثماني المشهد أو صاحب دليل فكر فتقول ما رأيت شيئا إلا رأيت الله بعده وهو الذي رآه بعد الزوال فحكمه في المستقبل ووقته في الاستواء وقت وجه الدليل له نسبة إلى الدليل ونسبة إلى المدلول ثم يظهر الزوال وهو رجوع الظل من خط الاستواء إلى الميل العيني فإنه راجع إلى العشي وهو طلب الليل (وصل في فصل اختلافهم في حصول العلم بالرؤية بطريق البصر) اختلف العلماء في ذلك فكلهم قالوا إن من أبصر هلال الصوم وحده أن عليه إن يصوم إلا ابن أبي رباح فإنه قال لا يصوم إلا برؤية غيره معه واختلفوا هل يفطر برؤيته وحده فمن قائل لا يفطر ومن قائل يفطر وبه أقول وكذلك يصوم لرؤيته وحده ولكن مع حصول العلم في الرؤيتين وأما حصول العلم بالرؤية من طريق الخبر فمن قائل لا يصام ولا يفطر إلا بشاهدين عدلين ومن قائل يصام بواحد ويفطر باثنين ومن قائل إن كانت السماء مغيمة أعني في موضع الهلال قبل واحد وإن كانت مصحية لم يقبل إلا الجم الغفير أو عدلان وكذلك في هلال الفطر فمن قائل اثنان ومن قائل واحد (وصل في الاعتبار في ذلك) فيما يراه أهل الله من التجلي في الأسماء الإلهية هل يقف مع رؤيته أو يتوقف حتى يقوم له شاهد من كتاب أو سنة قال الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة يريد أنه نتيجة عن العمل عليهما وهو الذي أردناه بالشاهد وهما الشاهدان العدلان وقال تعالى أفمن كان على بينة من ربه وهو صاحب الرؤية ويتلوه شاهد منه وهو ما ذكرناه من العمل على الخبر إما كتاب أو سنة وهو الشاهد الواحد والشاهدان الكتاب والسنة وإنما احتجنا إلى العمل عليهما دون العثور على النقل الذي يشهد لصاحب هذا المقام لأن ذلك يتعذر إلا بخرق العادة وهو أن يعرف من هناك بأية الدليل أو الخبر وقد رأينا هذا الجماعة من أصحابنا يحتجون على مواجيدهم بالقرآن وما تقدم لهم به حفظ وبالسنة وقد روينا هذا عن أبي يزيد البسطامي ومتى لم يعط ذلك لم يحكم عليه بقبول ولا برد كأهل الكتاب إذا أخبرونا عن كتابهم بأمر لا نصدق ولا نكذب بهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنتركه موقوفا والذي أعرف من قول الجنيد لعلمي بالطريق أنه أراد أن يفرق بين ما يعطي لصاحب الخلوات والمجاهدة والرياضة على غير طريق الشرع بل بما تقتضيه النفوس من طريق العقل وبين ما يظهر للعاملين على الطريقة المشروعة بالخلوات والرياضات فيشهد له سلوكه على الطريقة المشروعة الإلهية بأن ذلك الظاهر له من عند الله على طريق الكرامة به فهذا معنى قول الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وفي رواية مشيد أي هو نتيجة عن عمل مشروع إلهي ليفرق بينه
(٦٠٧)