إلى صبر ولا علم له هل يرزقه الله الصبر عند ذلك أم لا فإن القليل من عباد الله من يرزقه الله الصبر عند البلاء ولهذا شرع التطبب لسكون النفس وخور الطبيعة بالاستناد إلى سبب حصول الصحة المتوهمة وهو اختلاف الطبيب إليه قال تعالى ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وهذه كلها أسباب بلاء يبتلي الله به عباده حتى يعلم الصابرين منهم كما أخبر وهو العالم بالصابر منهم وغير الصابر ثم قال وبشر الصابرين على ما ابتليتهم به من ذلك ثم من فضله ورحمته نعت لنا الصابرين لنسلك طريقهم ونتصف بصفاتهم عند حلول الرزايا والمصائب التي ابتلى الله بها عباده فقال في نعت الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون يريد في رفعها عنهم ثم أخبر بما يكون منه لمن هذه صفته فقال أولئك عليهم صلوات من ربهم يقول إن الله يشكرهم على ذلك ورحمة بإزالتها عنهم وأولئك هم المهتدون الذين بانت لهم الأمور على ما هو الأمر عليه فمن رأى هذا قال لا يغسل المشرك أي هذا المشرك لأن إيمانه بتوحيد الله صحيح فلا يطهر من حيث إنه مؤمن بل طهر وغسل فمن كونه ضعيف اليقين في الاعتماد على مراد الله فيما قطعه من الأسباب في حقه (وصل في ذكر من يغسل ويغسل) اتفق العلماء رضي الله عنهم إن الرجل يغسل الرجل والمرأة تغسل المرأة لاختلاف بينهم في ذلك إذا ماتت (الاعتبار) الكامل في المرتبة يرى منه الكامل أيضا فيها مع ما هم فيه من التفاضل فيها قال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض مع اجتماعهم في الرسالة والكمال وقال ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض مع اجتماعهم في درجة النبوة فإذا رأى الكامل من الكامل أمرا يجب عليه تطهيره منه طهره منه ولزم الكامل الآخر اتباعه في ذلك لا يأنف من ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق موسى كليم الله عليه السلام ولا نشك في كمالهما لو كان موسى حيا لما وسعه إلا أن يتبعني وسبب ذلك مع وجود الكمال أن الحكم لصاحب الوقت وهو الحكم الناسخ وهو الحي والحكم المنسوخ هو الميت فللوقت سطان ولو كان صاحبه ينقص عن درجة الكمال فله السلطان على الكامل فكيف وهو كامل فالنسخ له كالموت فينوب عنه في تطهيره فإنه لو كان حيا لطهر نفسه كما إن الكامل لو كشف له عما نقصه لتعمل في تحصيله وكذلك حكم من نقص عن درجة الكمال في الطريق فينبغي للمريد أن يغسل المريد إذا طرأ منه ما يوجب غسله وينبغي للآخر أن يقبل منه فإنهم أهل إنصاف مطلبهم واحد وهو الحق فإنا مأمورون بذلك فإن ذلك موت في حقه والله يقول في هؤلاء وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر وأمرنا بالتعاون على البر والتقوى ونهانا عن التعاون على الإثم والعدوان فإن صاحب الشهوة الغالبة عليه في الطبع وصاحب الشبهة الغالبة عليه في العقل محجوبان عن حكمهما فيها لأن صاحب الشبهة يتخيل أنها دليل في نفس الأمر وصاحب الشهوة يتخيل أنها في الله في نفس الأمر فيتعين على العالم بهذا وإن كان ليس محله الكمال ويكونان هذان أكمل منه أو لهما الكمال إلا أنه يعلم تلك المسألة فيجب عليه أن يطهره من تلك الشبهة لا تصاف صاحبها بالموت فيها لأنه لا علم له بها وكذلك صاحب الشهوة فإن كانت تلك الشبهة في معترك حرب النظر الفكري والاجتهاد في طلب الأدلة فغلبته كان قتيلا بها ولها في نفس الأمر في سبيل الله من يد مشرك فإنه ما قصد إلا الخير فهو في سبيل الله فإن الشبهة تشارك الدليل في الصورة فهو حي غير متصف بالموت فلا يجب غسله على الحي العالم بكون ما هو فيه إنه شبهة فليس للمجتهد أن يحكم على المجتهد فإن الشرع قرر حكمهما كمن يرى أن صفات الحق تعلق ذاته بما يجب لتلك النسب من الحكم ويرى آخران صفات الحق أعيان زائدة على ذات الحق وقد اجتمعا في كون الحق حيا عالما قادرا مريدا سميعا بصيرا متكلما هذا في العقائد وذلك عن نظر واجتهاد فهو قتيل ميت عند النافي صاحب شبهة وهو حي عند نفسه وعند ربه صاحب دليل وإن أخطأ فلا يجب غسله وكذلك في الظنيات ليس للشافعي مثلا إذا كان حاكما أن يرد شهادة الحنفي إذا كان عدلا مع اعتقاد تحليل النبيذ ويحده عليه إن شربه الحنفي لكونه حاكما يرى تحريمه لدليله فيجب عليه إقامة الحد وكالحنفي إذا كان حاكما وقد رأى شافعيا تزوج بابنته المخلوقة من ماء الزنا منه ويشهد عنده فلا يرد شهادته إذا كان عدلا ويفرق بينه وبين زوجته التي هي ابنته لصلبه المخلوقة من
(٥٢٢)