ولقد نظرت يوما إلى الكعبة وهي تسألني الطواف بها وزمزم يسألني التضلع من مائه رغبة في الاتصال بالمؤمن سؤال نطق مسموع بالأذن فخفنا من الحجاب بهما لعظيم مكانتهما من الحق عما نحن عليه في أحوالنا من القرب الإلهي الذي يليق بذلك الموطن في معرفتنا فأنشدتهما مخاطبا ومعرفا بما هو الأمر عليه مترجما عن المؤمن الكامل يا كعبة الله ويا زمزمه * كم تسألاني الوصل صه ثم مه إن كان وصلي بكما واقعا * فرحمة لا رغبة فيكمه ما كعبة الله سوى ذاتنا * ذات ستارات التقى المعلمه ما وسع الحق سماء ولا * أرض ولا كلم من كلمه ولاح للقلب فقال اصطبر * فإنه قبلتنا المحكمة منكم إلينا وإلى قلبكم * منافيا بيتي ما أعظمه فرض على كعبتنا حبكم * وحبنا فرض عليكم ومه ما عظم البيت على غيره * سواك يا عبدي بأن تلزمه قد نور الكعبة تطوافكم * بها وأبيات الورى مظلمة ما أصبر البيت على شركهم * لولاكمو كان لهم مشأمه لكنكم في تواصيتموا * بالصبر تحقيقا وبالمرحمة ما أعشق القلب بذاتي وما * أشده حبا وما أعلمه وكانت بيني وبين الكعبة في زمان مجاورتي بها مراسلة وتوسلات ومعاتبة دائمة وقد ذكرت بعض ما كان بيني وبينها من المخاطبات في جزء سميناه تاج الرسائل ومنهاج الوسائل يحتوي فيما أظن على سبع رسائل أو ثمان من أجل السبعة الأشواط لكل شوط رسالة مني إلى الصفة الإلهية التي تجلت لي في ذلك الشوط ولكن ما عملت تلك الرسائل ولا خاطبتها بها إلا لسبب حادث وذلك أني كنت أفضل عليها نشأتي واجعل مكانتها في مجلي الحقائق دون مكانتي واذكرها من حيث ما هي نشأة جمادية في أول درجة من المولدات وأعرض عما خصها الله به من علو الدرجات وذلك لا رقى همتها ولا تحجب بطواف الرسل والأكابر بذاتها وتقبيل حجرها فإني على بينة من ترقي العالم علوه وسفله مع الأنفاس لاستحالة ثبوت الأعيان على حالة واحدة فإن الأصل الذي يرجع إليه جميع الموجودات وهو الله وصف نفسه إنه كل يوم هو في شأن فمن المحال أن يبقى شئ في العالم على حالة واحدة زمانين فتختلف الأحوال عليه لاختلاف التجليات بالشئون الإلهية وكان ذلك مني في حقها لغلبة حال غلب علي فلا شك أن الحق أراد أن ينبهني على ما أنا فيه من سكر الحال فأقامني من مضجعي في ليلة باردة مقمرة فيها رش مطر فتوضأت وخرجت إلى الطواف بانزعاج شديد وليس في الطواف أحد سوى شخص واحد فيما أظن انتهى الجزء السادس والستون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل) فيما جرى من الكعبة في حقي في تلك الليلة وذلك أني لما نزلت قبلت الحجر وشرعت في الطواف فلما كنت في مقابلة الميزاب من وراء الحجر نظرت إلى الكعبة فرأيتها فيما تخيل لي قد شمرت أذيالها واستعدت مرتفعة عن قواعدها وفي نفسها إذا وصلت بالطوال إلى الركن الشامي إن تدفعني بنفسها وترمي بي عن الطواف بها وهي تتوعدني بكلام أسمعه بإذني فجزعت جزعا شديدا وأظهر الله لي منها حرجا وغيظا بحيث لم أقدر على إن أبرح من موضعي ذلك وتسترت بالحجر ليقع الضرب منها عليه جعلته كالمجن الحائل بيني وبينها وأسمعها والله وهي تقول لي تقدم حتى ترى ما أصنع بك كم تضع من قدري وترفع من قدر بني آدم وتفضل العارفين علي وعزة من له العزة لا تركتك تطوف بي فرجعت مع نفسي وعلمت إن الله يريد تأديبي فشكرت الله على ذلك وزال جزعي الذي كنت أجده وهي والله فيما
(٧٠٠)