عرفت سر قدمه ولم يعرفه هو وهو أحق بمعرفة نفسه منك إن نظرت إلى ظاهرك أو هل العالم بسر القدم فيه هو المعنى الموجود فيك المتكلم فيه وهو ميم الروح فقد وقف على سر قدمه الجواب عن ذلك أن الذي علم مناسر القدم هو الذي حجبناه هناك فمن الوجه الذي أثبتنا له العلم غير الوجه الذي أثبتنا له منه عدم العلم ونقول إنما حصل له ذلك علما لا عينا وهذا موجود فليس من شرط من علم شيئا أن يراه والرؤية للمعلوم أتم من العلم به من وجه وأوضح في المعرفة به فكل عين علم وليس كل علم عينا إذ ليس من شرط من علم إن ثم مكة رآها وإذا رآها قطعنا أنه يعلمها ولا أريد الاسم فللعين درجة على العلم معلومة كما قيل ولكن للعيان لطيف معنى * لذا سأل المعاينة الكليم بل أقول إن حقيقة سر القدم الذي هو حق اليقين لأنه لا يعاين فلم يشاهده لرجوعه لذات موجدة ولو علم ذات موجدة لكان نقصا في حقه فغاية كماله في معرفة نفسه بوجودها بعد أن لم تكن عينا هذا فصل عجيب إن تدبرته وقفت على عجائب فافهم (تكملة) اتصلت اللام بالراء اتصال اتحاد نطقا من حيث كونهما صفتين باطنتين فسهل عليهما الاتحاد ووجدت الحاء التي هي الكلمة المعبر عنها بالمقدور للراء منفصلة عن الراء التي هي القدرة ليتميز المقدور من القدرة ولئلا تتوهم الحاء المقدورة إنها صفة ذات القدرة فوقع الفرق بين القديم والمحدث فافهم يرحمك الله ثم لتعلم إن رحمن هو الاسم وهو للذات والألف واللام اللذان للتعريف هما الصفات ولذلك يقال رحمان مع زوالهما كما يقال ذات ولا تسمى صفة معهما انظر في اسم مسيلمة الكذاب تسمى برحمان ولم يهد إلى الألف واللام لأن الذات محل الدعوى عند كل أحد وبالصفات يفتضح المدعي فرحمان مقام الجمع وهو مقام الجهل أشرف ما يرتقى إليه في طريق الله الجهل به تعالى ومعرفته الجهل به فإنها حقيقة العبودية قال تعالى وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فجردك ومما يؤيد هذا قوله تعالى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقوله الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته فبحقيقة الاستخلاف سلب مسيلمة وإبليس والدجال وكان من حالهم ما علم فلو استحقوه ذاتا ما سلبوه البتة ولكن إن نظرت بعين التنقيذ والقبول الكلي لا بعين الأمر وجدت المخالف طائعا والمعوج مستقيما والكل داخل في الرق شاءوا أم أبوا فأما إبليس ومسيلمة فصرحا بالعبودية والدجال أبي فتأمل من أين تكلم كل واحد منهم وما الحقائق التي لاحت لهم حتى أوجبت لهم هذه الأحوال (تتمة) لما نطقنا بقوله بسم الله الرحمن الرحيم لم يظهر للألف واللام وجود فصار الاتصال من الذات للذات والله والرحمن اسمان للذات فرجع على نفسه بنفسه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم وأعوذ بك منك لما انتهى إلى الذات لم ير غيرا وقد قال أعوذ بك ولا بد من مستعاذ منه فكشف له عنه فقال منك ومنك هو والدليل عليه أعوذ ولا يصح أن يفصل فإنه في الذات ولا يجوز التفصيل فيها فتبين من هذا أن كلمة الله هي العبد فكما إن لفظة الله للذات دليل كذلك العبد الجامع الكلي فالعبد هو كلمة الجلالة قال بعض المحققين في حال ما أنا الله وقالها أيضا بعض الصوفية من مقامين مختلفين وشتان بين مقام المعنى ومقام الحرف الذي وجد له فقابل تعالى الحرف بالحرف أعوذ برضاك من سخطك وقابل المعنى بالمعنى وأعوذ بك منك وهذا غاية المعرفة (خاتمة) ولعلك تفرق بين الله وبين الرحمن لما تعرض لك في القرآن قوله تعالى اعبدوا الله ولم يقولوا وما الله ولما قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ولهذا كان النعت أولى من البدل عند قوم وعند آخرين البدل أولى لقوله تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فجعلها للذات ولم تنكر العرب كلمة الله فإنهم القائلون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فعلموه ولما كان الرحمن يعطي الاشتقاق من الرحمة وهي صفة موجودة فيهم خافوا أن يكون المعبود الذي يدلهم عليه من جنسهم فأنكروا وقالوا وما الرحمن لما لم يكن من شرط كل كلام أن يفهم معناه ولهذا قال قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن لما كان اللفظان راجعين إلى ذات واحدة وذلك حقيقة العبد والباري منزه عن إدراك التوهم والعلم المحيط به جل عن ذلك (وصل) في قوله الرحيم من البسملة الرحيم صفة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى بالمؤمنين رؤوف رحيم وبه كمال الوجود وبالرحيم تمت البسملة وبتمامها تم العالم خلقا وإبداعا وكان ع مبتدأ وجود
(١٠٨)