إما عنه أو إليه به أو بنفسه بحسب حاله ولا سيما أهل طريق الله فإنهم في مباحهم في حال ندب أو وجوب فلا يخلص لهم مباح أصلا فلا يوجد أحد من أهل الله تكون كفتا ميزانه على الاعتدال والإنسان هو لسان الميزان فلا بد فيه من الميل إلى جانب داعي الحق وهذا هو اعتبار من يقول بالفطر فيما ينطلق عليه اسم مرض وأن الله عند المريض بالأخبار الإلهي الثابت ألا تراه يلجأ إليه ويكثر من ذكره على أي دين كان أو نحلة فإنه بالضرورة يميل إليه ويظهر لك ذلك بينا في طلب النجاة مما هو فيه فإن الإنسان بحكم الطبع يجري إذا مسه الضر إلى طلب من يزيله عنه وليس إلا الله قال تعالى وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه وإن جهل الطريق إليها فما جهل الاضطرار فإنه حاله ذوقا ونحن إنما نراعي القصد وهو المطلوب وأما من اعتبر المرض الغالب فهو ما يضاف إلى العبد من الأفعال فإنه ميل عن الحق في الأفعال إذ هي له والموافق والمخالف يميل بها إلى العبد سواء مال اقتدارا أو خلقا أو كسبا فهذا ميل حسي شرعي وهو قولهم ربنا آمنا بما أنزلت فأضافوا الايمان إليهم إيجادا وقول الله لهم آمنوا بالله تقرير الصحة ما نسبوه من الأفعال إليهم بهذه الإضافة فهذا هو الشرعي فهذا بمنزلة المرض وأنه الميل الغالب لأنه بين الحق والخلق (وصل في فصل متى يفطر الصائم ومتى يمسك) فمن قائل يفطر في يومه الذي خرج فيه مسافرا ومن قائل لا يفطر يومه ذلك واستحب العلماء لمن علم أنه يدخل المدينة ذلك اليوم أن يدخلها صائما فإن دخلها مفطرا لم يوجبوا عليه كفارة (الاعتبار) إذا خرج السالك في سلوكه من حكم اسم إلهي كان له إلى حكم اسم آخر إلهي دعاه إليه ليوصله إليه حكم اسم آخر ليس هو الذي خرج عنه ولا هو الذي يصل إليه كان بحكم ذلك الاسم الذي يسلك به وهو معه أينما كان قال تعالى وهو معكم أينما كنتم وإن اقتضى له ذلك الاسم الصوم كان بحكم صفة الصوم وإن اقتضى له الفطر كان بحكم صفة الفطر فإذا علم أنه يحصل في يومه الذي هو نفسه بفتح الفاء في حكم الاسم الذي دعاه إليه ويريد النزول عليه كان بحكم صفة ذلك الاسم من فطر أو صوم لا أعين له حالا من الأحوال لأن الأحوال تختلف ولا حرج عليه فيما كان من ذلك وبالله التوفيق (وصل في فصل المسافر يدخل المدينة التي سافر إليها وقد ذهب بعض النهار) اختلف العلماء فيمن هذه حاله فقال بعضهم يتمادى على فطره وقال آخرون يكف عن الأكل وكذلك الحائض تطهر تكف عن الأكل (وصل الاعتبار في هذا الفصل) كان له مطلوب في سلوكه فوصل إليه هل يحجبه فرحه بما وصل إليه عن شكر من أوصله إليه فإن حجبه تغير الحكم عليه وراعى حكم الإمساك عنه وإن لم يحجبه ذلك اشتغل عند الوصول بمراعاة من أوصله فلم يخرج عن حكمه وتمادى على الصفة التي كان عليها في سلوكه عابدا لذلك الاسم عبادة شكر لا عبادة تكليف وكذلك الحائض وهو كذب النفس ترزق الصدق فتطهر عن الكذب الذي هو حيضها والحيض سبب فطرها فهل تتمادى على صفة الفطر بالكذب المشروع من إصلاح ذات البين والكذب في الحرب وكذب الرجل لزوجته أو تستلزم ما هو صدق في محمود وواجب ومندوب فإن الصدق المحظور كالغيبة والنميمة مثل الكذب المحظور يتعلق بهما الإثم والحجاب على السواء مثاله من يتحدث بما جرى له مع امرأته في الفراش فأخبر بصدق وهو من لكبائر وكذلك ما ذكرناه من الغيبة والنميمة انتهى الجزء السادس والخمسون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل هل يجوز للصائم بعض رمضان أن ينشئ سفرا ثم لا يصوم فيه) اختلف العلماء فيمن هذه حاله فمن قائل يجوز له ذلك وهو الجمهور ومن قائل لم يجز له الفطر روى هذا القول عن سويد بن غفلة وغيره (الاعتبار) لما كان عندنا وعند أهل الله كلهم إن كل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء ولهذا ينعت كل اسم إلهي بجميع الأسماء الإلهية لتضمنه معناها كلها ولأن كل اسم إلهي له دلالة على الذات كما له دلالة على المعنى الخاص به وإذا كان الأمر كما ذكرناه فأي اسم إلهي حكم عليك سلطانه قد يلوح لك في ذلك الحكم معنى اسم
(٦١٤)