في قوله فاتبعوني فإنه ما قالها إلا عن أمر ربه سبحانه وعصت إمامها في قوله خذوا بالحديث إذا بلغكم واضربوا بكلامي الحائط فهؤلاء في كسوف دائم مسرمد عليهم إلى يوم القيامة فلا هم مع الله ولا مع رسوله صلى الله عليه وسلم ولا مع إمامهم فهم في براءة من الله ورسوله وإمامهم فلا حجة لهم عند الله فانظروا مع من يحشر هؤلاء فالصلاة المشروعة في الكسوف إنما هي لمناجاة الحق في رفع ظلمة النفس وظلمة الطبع كما يقول اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم وهم أهل الأنوار غير المغضوب عليهم مثل أهل ظلمة الطبع ولا الضالين مثل أهل ظلمة النفس فالله يحول بيننا وبين ما يكسف عقولنا ونفوسنا ويجعلنا أنوارا كلنا لنا ولمن يقتدي بنا أنه الملئ بذلك والقادر عليه وأما اعتبار عدد الركعات في الركعتين فاعلم إن الركعتين ظاهر الإنسان وباطنه أو عقله وطبعه أو معناه وحرفه أو غيبه وشهادته وأما العشرة فهو تنزيهه في الركعتين خالقه تعالى وجل عن القبل والبعد والكل والبعض والفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والأمام فيرجع هذا التنزيه من الله عليه فإنه عمل من أعماله فتكون له برجوع هذا العمل عليه هذه الأحكام كلها فلا قبل له فإنه لم يكن إلا الله والله لا يتصف بالقبلية ولا بعد له فإنه باق بإبقاء الله فلا يبعد ولا كل له فإنه لا يتجزأ ولا يتحير من حيث لطيفته ومن لا كل له من ذاته فلا بعض له ومن لا يتصف بهذه الصفات فلا جهات له فلا جهات للإنسان إلا من حيث صورة جسمه ونشأته فإن نشأته الجسدية بها ظهرت الجهات الستة فهو عين الجهات ما هو في جهة من نفسه وأما اعتبار الثمانية في اثنتين فالثمانية الذات والصفات فتغيب الذات الكونية وصفاتها في الذات الأحدية وتندرج أنوار صفاتها في صفاتها وهو قوله تعالى كنت سمعه وبصره وذكر جوارحه فلا تقع عين إلا عليه ظاهرا وباطنا من عرف نفسه عرف ربه فهكذا هو الأمر في الباطن وأما في الظاهر فما تقع العين إلا على العبد والحق مدرج في هذا الحق بضم الحاء الكياني ما هو كاندراج العرض في المحل ولا كالمظروف في الظرف وأما اعتبار الست في اثنتين فهو قوله فأينما تولوا فثم وجه الله وقوله والله بكل شئ محيط وأما اعتبار الأربعة في الثنتين فهو قوله ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وعلى كل طريق يأتي إليه منها ملك مقدس بيده السيف صلتا فإن كان المؤتي إليه من العارفين لم يكن له ملك يحفظه بل هو إكسير وقفه من أي ناحية جاءه قبل منه وقلب جسده ذهبا إبريزا فيعود الآتي من الخاسرين (وصل في فصل في القراءة فيها) اختلف العلماء في القراءة فيها أعني في السر والجهر بها فمن قائل يقرأ فيها سرا ومن قائل يقرأ فيها جهرا (اعتبار هذا الفصل) إن كان كسوفه نفسيا أسر في مناجاته وذكر الله في نفسه وإن كان كسوفه في عقله جهر في قراءته وهو بحثه عن الأدلة الواضحة وفيها الظاهرة الدلالة القريبة المأخذ التي يشركه فيها العقلاء من حيث ما هم أهل فكر ونظر واستدلال والآخرون أهل كشف وتجل ينتجه الهمم إلى الرياضات وهي تهذيب الأخلاق والخلوات والمجاهدات وتطويل المناجاة والتضرع إلى الله تعالى فيها مشروع وهو اعتبار طول القراءة في صلاة الكسوف فإنه روى أنه كان يقوم فيها بقدر سورة البقرة والقيام الثاني ربما يكون على النصف والقيام الثالث على النصف من الثاني وهكذا في القيام الرابع والخامس وسبب ذلك أن عالم الأرواح ما يتعبهم القيام ولا يدركهم ملل لأن النشأة نورية خارجة عن حكم الأركان وأما نشأة تقوم من العناصر تؤول إلى الاستحالات العبدية والقريبة فيعبر عن ذلك بالنصب والتعب وكلما نزل فيها من معدن إلى نبات إلى حيوان إلى إنسان كان التعب أقوى في آخر الدرجات وهو الإنسان والنصب أعم فإنه سريع التغير فإن له الوهم ولا شك أن الأوهام تلعب بالعقول كتلاعب الأفعال بالأسماء (وصل في فصل الوقت الذي تصلي فيه) اختلف العلماء في الوقت الذي تصلي فيه صلاة الكسوف فمن قائل تصلي في جميع الأوقات المنهي عن الصلاة فيها وغير المنهي ومن قائل لا تصلي في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ومن قائل تصلي في الوقت الذي تصلي فيه النافلة ومن قائل تصلي من الضحى إلى الزوال لا غير (وصل الاعتبار) كما لا يتعين للكسوف وقت لا يتعين للصلاة له لأن الصلاة
(٥٠٠)