صلى الله عليه وسلم فإنه قال صلى الله عليه وسلم أعطيت شيئا لم يعطهن نبي قبلي وذكر منها فقال وأوتيت جوامع الكلم ثم يقول وعافني من أمراض القلوب التي هي أغراضها لا من أمراض الجسوم فإنك في غاية القرب عند من أمرضت جسمه فإنك قلت لي في الخبر الصحيح الذي بلغه إلى رسولك صلى الله عليه وسلم عنك أنك قلت مرضت فلم تعدني فأقول لك وكيف تمرض وأنت رب العالمين فقال صلى الله عليه وسلم إنك تقول مجيبا لي إن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما أنك لوعدته لوجدتني عنده ومن أنت عنده سبحانك فما شقي وما أمرضت عبدك إلا لتعوده وتكون عنده فمن أراد أن يجدك فليعد المرضى سبحانك تسبيحا لا ينبغي إلا لك ثم يقول واعف عني يقول كثر خيرك لي وقلل بلاءك عني أي قلل ما ينبغي أن يقلل وكثر ما ينبغي أن يكثر وليس إلا عفوك عن خطيئتي التي طلبت منك أن تسترني عنها حتى لا تصيبني فاتصف بها والعفو من الأضداد يطلق بإزاء الكثرة والقلة فنب عني يا رب فإني لا أستطيع التحرك إلى ما أمرتني بعمله لزمانتي مع إرادة التحرك (فصل بل وصل في القنوت في الصلاة) اختلفوا في القنوت فمن قائل إنه مستحب في صلاة الصبح ومن قائل إنه سنة ومن قائل إنه لا يجوز القنوت في صلاة الصبح وإنما موضعه الوتر ومن قائل يقنت في كل صلاة ومن قائل لا قنوت إلا في رمضان ومن قائل لا قنوت إلا في النصف الآخر من رمضان ومن قائل في النصف الأول من رمضان وهو دعاء يدعو به المصلي ومنهم من يراه قبل الركوع ومنهم من يراه بعد الركوع ومن الناس من لا يرى القنوت إلا في حال الشدة وبه أقول وهو مستحب عندي وقد روى في صفة قنوت الوتر دعاء خاص وقد روى في قنوت الصبح دعاء خاص لم يثبت فليدع من يرى القنوت بأي شئ شاء بحسب حاله غير أنه يجتنب السب واللعنة في القنوت وليدع بخير الدنيا والآخرة وما يزلف عند الله مثل ما ثبت في قنوت الوتر من قوله صلى الله عليه وسلم اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وأنه لا يذل من واليت ولا يضل من هديت تباركت وتعاليت فهذا تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم كيف ندعو الله في قنوتنا وفي كل دعاء فالعارف ينظر فيما علم إن يدعو به أو بما يشبهه فهو يطلب من الله أن يهديه فيمن هداه فإن وقف مع صفة اللفظ فهو يطلب في المستقبل أن يكون في الماضين والمستقبل لا يكون في الماضي إلا أن يجمعهما وجه فينظر العارف فيجد أن الجامع بين الماضي والمستقبل إنما هو العدم إذ كان الوجود لا يصح إلا للحال والوجود لا يكون إلا لله فإن وجود الحال وجود ذاتي لا يصح فيه العدم وله الدوام وبهذا وصفه أهل العربية فقالوا في تقسيم الأفعال إن فعل الحال يسمى الدائم وهو موجود بين طرفي عدم لا يمكن فيهما وجود أصلا وهو الماضي والمستقبل وهو عين العبد فهو الموصوف بالعدم فقيده بالماضي وهو العدم وبالمستقبل وهو عدم فاهدني للمستقبل وهديت للماضي والعدم لا يقع فيه تمييز فلهذا شرع له أن يقول اهدني فيمن هديت وأمثاله فإذا حصلت الهداية وهي عين وجود الحال والحال ظرف محقق ولهذا جاء بقي فقال فيمن والعدم لا يكون ظرفا لأن المعدوم لا شئ والعدم عبارة عن لا شئ ولا شئ لا يكون ظرفا لغير شئ فالمفهوم من قوله اهدني فيمن هديت وأمثاله بقوة ما تعطيه في أي إذا كسوتني وجود الهداية والتولي وما وقع السؤال فيه فليكن في الحال الذي له الدوام فلا يوصف بالماضي فيلحق بالعدم ولا بالمستقبل ولا يكون له وجود والحق منزه عن التقييد في أفعاله بالزمان والعبد الذي هو المخلوق في الماضي موصوف بليس وفي المستقبل موصوف بليس وفي حال اتصافه بالوجود من حيث ذاته موصوف بليس فكما إن ليس له حقيقة لا ينفك عنها بل هي عينه كذلك أيس الذي هو الوجود هو للحق سبحانه حقيقة لا يوصف بنقيضه بل الوجود عينه وإن سلب عن نفسه الفعل وأضافه إلى السبب فإن ذلك غير مؤثر في وجوده للحق لما تحققنا من أن العبد عدم والعدم لا ينسب إليه شئ وفي ذلك قلنا تقول بهم وتعتبهم وما ذا * بتحقيقي فقل لي ما أقول أقول بهم وهل علموا بأني * أقول بهم فقل لي ما تقول
(٤٣٥)