من شرطها ما زاد على الواحد فمن راعى هذه المعرفة الإلهية قال بصلاتها قبل الزوال لأنه مأمور بالنظر إلى ربه في هذه الحال والمصلي يناجي ربه ويواجهه في قبلته والضمير في عليه يطلبه أقرب مذكور وهو الظل ويطلبه الاسم الرب وإعادته على الرب أوجه فإنه بالشمس ضرب الله المثل في رؤيته يوم القيامة فقال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ترون ربكم كما ترون الشمس بالظهيرة أي وقت الظهر وأراد عند الاستواء بقبض الظل في الشخص في ذلك الوقت لعموم النور ذات الرائي وهو حال فنائه عن رؤية نفسه في مشاهدة ربه ثم قال ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وهو عند الاستواء ثم عاد إلى مده بدلوك الشمس وهو بعد الزوال فعرفه بعد المشاهدة كما عرفه الأول قبل المشاهدة والحال الحال قال إن وقت صلاة الجمعة بعد الزوال لأنه في هذا الوقت ثبتت له المعرفة بربه من حيث مده الظل وهنا تكون إعادة الضمير من عليه على الرب أوجه فإنه عند الطلوع يعاين مد الظل فينظر ما السبب في مدة فيرى ذاته حائلة بين الظل والشمس فينظر إلى الشمس فيعرف من مده ظله ما للشمس في ذلك من الأثر فكان الظل على الشمس دليلا في النظر وكان الشمس على مد الظل دليلا في الأثر ومن لم يتنبه لهذه المعرفة إلا وهو في حد الاستواء ثم بعد ذلك بدلوك الشمس عاين امتداد الظل من ذاته قليلا قليلا جعل الشمس على مد الظل دليلا فكان دلوكها نظير مد الظل وكان الظل كذات الشمس فيكون الدلوك من الشمس بمنزلة المد من الظل فالمؤثر في المد إنما هو دلوك الشمس والمظهر للظل إنما هو عين الشمس بوجودك فقام وجودك في هذه المسألة مقام الألوهة لذات الحق لكونه ما أوجد العالم من كونه ذاتا وإنما أوجده من كونه إلها فانظر يا ولي مقام ذاتك من حيث وجودك تر ما أشرف نسبته فوجودك وجود الحق إذ الله ما خلق شيئا إلا بالحق وبميل الشمس عنك يمتد ظلك فهي معرفة تنزيه جعل ذلك دليلا لتعتقده فإن الشمس تبعد عنك وكلما بعدت عنك نبهتك أنك لست مثله ولا هو مثلك إلا أن يحجبك عن رؤيتها فهو التنزيه المطلق الذي ينبغي لذات الحق كما أنه في طلوعها وطلبها إياك بالإنقاء إلى الاستواء تشمر ظلك شيئا بعد شئ لنعلمك أن بظهورها في علوها تمحوك وتفنيك إلى أن لا تبقي منك شيئا من الظل خارجا عنك وهو نفي الآثار بسببك ولهذا لم تشرع الصلاة عند الاستواء لفناء الظل فلمن ذا الذي يصلي أو إلى من تواجه في صلاتك والشمس على رأسك ولذا قال في أهل المدينة وما كان على خطها شرقوا يعني في التوجه إلى القبلة في الصلاة ولا تغربوا أي راقبوا الشمس من حيث ما هي شارقة فإنها تطلع فتفنيكم عنكم فلا يبقى لكم مقام ولا أثر قال تعالى يا أهل يثرب لا مقام لكم فنبه ع إن ذلك هو المقام الأشرف بخلاف الدلوك فإن الدلوك يمكن أن ينظر الإنسان فيه إلى امتداد ظله ويمكن أن ينظر إلى تنزيه الحق في ميلة عنه بخلاف الشروق في الدلالة فقال صلى الله عليه وسلم شرقوا ولا تغربوا أي خدوا معرفتكم بالله من هذا الدليل فإنه أرفع للاحتمال من الغروب وبعد أن تبين هذا فمن صلى قبل الزوال الجمعة أصاب ومن صلاها بعد الزوال أصاب والذي أذهب إليه أن صلاتها قبل الزوال أولى لأنه وقت لم يشرع فيه فرض فينبغي أن يتوجه إلى الحق سبحانه بالفرضية في جميع الأوقات فكانت صلاتها قبل الزوال أولى وإن كان قد يتفق أن يكون ذلك وقت أداء فرض صلاة في حق الناسي والنائم إذا تذكرا ولكن بحكم التبعية يكون ذلك فإن المعتبر إنما هو التذكر أو اليقظة في أي وقت كان بخلاف صلاة الجمعة إذا جعلناها قبل الزوال فتعين لها الوقت كما تعينت أوقات الصلوات المفروضات وإن الله قد أشار إلى نعيم مشاهدته ومصاحبته من غير تخصيص ولا تقييد فقال بكل شئ محيط وقال وهو معكم أينما كنتم فاعلم ذلك (وصل في فصل في الأذان للجمعة) قال تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ومن وقت النداء يكون الثواب من البدنة إلى البيضة وهو حين يشرع الخطيب في خطبته ومن جاء من وقت طلوع الشمس إلى وقت النداء فله من الأجر بحسب بكوره وهي مسألة خلاف فالبدنة من وقت تعيين السعي فأما الأذان فإن جمهور العلماء اتفقوا على إن وقته هو إذا جلس الإمام على المنبر واختلفوا هل يؤذن بين يدي الإمام مؤذن واحد فقط أو أكثر من واحد فمن قائل لا يؤذن بين يدي الإمام إلا واحد فقط وهو الذي يحرم به البيع والشراء وقال آخرون بل يؤذن اثنان فقط وقال آخرون يؤذن ثلاثة ولكل
(٤٥٩)