نشاطه ولا ذات عوار وهو العمل بغير نية أو نية بغير عمل مع التمكن من العمل وارتفاع المانع وأما مشيئة المصدق في تيس الغنم فاعتباره أن لا يجحف على صاحب المال وهو الحضور في العمل من أوله إلى آخره فربما يقول لا يقبل العمل إلا هكذا ويكفي في العمل النية في أول الشروع ولا يكلف المكلف أكثر من هذا فإن استحضر المكلف النية في جميع العمل فله ذلك وهو مشكور عليه حيث أحسن في عمله وأتى بالأنفس في ذلك والجامع لهذا الباب اتقاء ما يشين العبادات مثل الالتفات في الصلاة والعبث فيها والتحدث في الصلاة في النفس بالمحرمات والمكروهات وتخيلها وأمثال هذا مما هو مثل الجعرور ولون الحبيق في زكاة التمر وأمثال ذلك من العيوب (وصل في فصل زكاة الورق) قد تقدم أن الورق هو العمل وأن الذهب هو العلم والزكاة في العمل الفرض منه والزكاة في العلم أيضا الفرض منه فإن نوافل الأعمال والعلوم كثيرة وهي التي زكاتها الفرائض لكون الزكاة واجبة وما كان من النوافل صدقة تطوع فهي حضور العبد في ذلك العمل من الشروع فيه إلى آخره وزكاة أخرى أعني زكاة تطوع وهو أن يقصد بعمله ذلك تكملة الفرائض فإنه ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال الله أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه قال ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم يعني الزكاة والصوم والحج وما بقي من الأعمال الواجبة عليه فأما إن يقصد بعمله تلك النافلة تكملة الفرائض أو تعظيم جناب الحق بدخوله في عبودية الاختيار لا يحمله على ذلك طمع في جنة ولا خوف من نار (وصل في فصل زكاة الركاز) خرج مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في الركاز الخمس وهو ما يوجد من المال في الأرض من دفن الجاهلية أو الكفار (وصل الاعتبار في ذلك) ما هو مركوز في طبيعة الإنسان هو الركاز وهو حب الرياسة والتقدم على أبناء الجنس وجلب المنافع ودفع المضار والخمس فيه إذا وجد الرياسة في قلبه فليقصد بها إعلاء كلمة الله على كلمة الذين كفروا كما هي في نفس الأمر فإن في نفس الأمر كلمة الله هي العلياء وكلمة الذين كفروا السفلي والكفر هنا هو الشرك لا غيره وكما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيلاء في الحرب في شأن أبي دجانة حين أخذ السيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقه فمشى به مصلتا خيلاء بين الصفين فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلك الصورة قال هذه مشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموطن وزكاتها ما ذكرناه من قصد إهانة الكفار والحط من قدرهم وإعلاء كلمة الله التي هي الإسلام وعدم المبالاة بالمشركين وكذلك جلب المنافع ودفع المضار فزكاة جلب المنافع أن يقصد بالمنفعة المعونة له على القيام بطاعة الله من نوم أو أكل أو شرب أو راحة أو ادخار مال وأمثال ذلك وأما دفع المضار أن لا يدفعها إلا من أجل أنها تحول بينه وبين ما يريده من إقامة طاعة الله ودينه وما يؤول إليه من السعادة في الآخرة فذلك خمس ركازها فإن قلت كيف يضر بدينه فأعني به إن لم يدفع تلك المضرة عن نفسه وإلا حالت بينه وبين أداء فرض من فرائض الله أو حالت بينه وبين أسباب الخير فدفعها خمس ركازها ما في جبلتها من دفع مضار لا تؤدي إلى تعطيل فرض تعين عليه أداؤه أو مرغب فيه وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الركاز فقال هو الذهب الذي يخلق الله في الأرض يوم خلق السماوات والأرض يعني المعادن (وصل في فصل من رزقه الله مالا من غير تعمل فيه ولا كسب) ورد في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في حصول مثل هذا المال لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول وهو في يده وجه اعتبار ذلك ما يظهر على العبد من مكارم الأخلاق مما لا يأتيها على جهة القربة إلى الله فإنه ينتفع بذلك في الدار الآخرة ولا يلزمه أن ينوي بها القربة إلى الله ولا بد ولكن بلا خلاف إن نوى بذلك القربة فهو أولى وأفضل في حقه والحديث الوارد في ذلك ما ذكره أبو داود عن ضباعة بنت الزبير قالت ذهب المقداد لحاجته فإذا جرذ يخرج من
(٥٦٧)